أحمد الهلالي

معاناة أبناء وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية

الثلاثاء - 04 أغسطس 2020

Tue - 04 Aug 2020

تنهض الوزارة بدور عظيم، وتدير ملفات شتى من بينها رعاية الأطفال مجهولي الأبوين، فهي الحاضن الرسمي لهم، والمسؤول الأول عنهم، من خلال توفير الرعاية الأولى مرورا بتسليمهم لأسر حاضنة تتبناهم وتوفر لهم البيئة الملائمة للتنشئة الاجتماعية المستقيمة، تنال الأسر دعما (ماليا) محدودا من الوزارة مقابل الخدمات التي تقدمها لهذا الطفل حتى يبلغ عشرين عاما، هو أشبه بمصروفه الشهري لا أكثر.

بحسب الأسر الحاضنة التي تواصلت معي، فإنها تشكو من أمور شتى، وتضيع أصواتهم في مراكز الوزارة، ولا يجدون من العاملين فيها سوى التعاطف، مصحوبا بقولهم (ليس لدينا أكثر مما قدمنا)! وحين تتلفت فيما قدمت الوزارة للأسرة لا تجد سوى الدعم المالي (المقطوع/ المنقطع)، فقلة الخدمات المقدمة لهذه الفئة الاجتماعية ترهق كاهل الأسر، التي تقع بين ناري: عاطفتها/ وإمكاناتها المحدودة.

غالبا ما يتعرض الطفل مجهول الأبوين إلى محاولات إجهاض تقوم بها الأم البيولوجية قبل الولادة، سواء بالحركة العنيفة أو ببعض الأدوية، ما يعرضه لاختناقات ومشاكل صحية مختلفة، وعند الولادة تلقي بالطفل في ظلام الليل في رطوبة أو برد قارس، أو جوار حاويات مليئة بالميكروبات، ويتعرض لنوازل شتى قبل العثور عليه، لا تظهر أعراضها إلا في وقت متأخر، خاصة في سن المدرسة، مثل التخلف العقلي أو نوبات الصرع وما يشابهها من الأمراض المتعلقة بالدماغ، والوزارة ـ بحسب الأسر ـ لا توفر رعاية صحية خاصة للأطفال في هذا السن، ما يجعل الأسر تتحمل تكاليف باهظة لعلاج هذه المشاكل الصحية لطفلهم المتبنى.

ذاك على المستوى الجسدي، أما على المستوى النفسي، فإن الوزارة تشترط على الأسرة الحاضنة أن تكشف للطفل منذ سن السادسة أنها أسرته بالتبني فقط وتخبره بحقيقته، ما يسبب شرخا نفسيا في أعماق الطفل يظل يكبر ويتسع مع الأيام في غياب الرعاية النفسية المقدمة من الوزارة، وتظل هذه الحالة تلقي بظلالها على حياة الطفل حتى يبلغ سن المراهقة، فيبدأ الاضطراب النفسي العميق يظهر من خلال جموحه وتمرده على الأسرة وزيادة متطلباته (خاصة الذكور منهم)، والأسرة غالبا لا تملك حولا ولا قوة في السيطرة عليه، وفي نشوء الرباط الأبوي بينها وبين الابن لا تستطيع التخلي عنه، لعلمها أن الوزارة لا تملك برامج حقيقية تضمن مستقبل الشاب، فربما تلقي به في سكن مع آخرين ويخرج إلى المجتمع ذاتا مشوهة نفسيا لا يستطيع إعالة نفسه.

بلادنا تشهد انفجارا وزيادة في أعداد السكان، ولا مناص أن مثل هذه الحالات ستكثر تبعا لزيادة التعداد السكاني، ولا بد أن تخصص الوزارة مراكز مجهزة تجهيزا كاملا لهؤلاء الأطفال، وأن تكون لهم معاملات خاصة في مراكز وزارة الصحة، وكذلك مراكز القطاع الخاص، إضافة إلى وجوب مضاعفة دعم عمل وصلاحيات الجمعيات المتعاملة مع هذا الملف بالذات، وبما أنها ـ أيضا ـ (وزارة العمل) فيجب أن تكون فرصهم الوظيفية مهيأة من وقت مبكر بعد تأهيلهم التأهيل المناسب لخدمة الوطن الذي ولدوا على ثراه وأصبحوا أبناءه.

سأقص عليكم في المقالة القادمة معاناة أم مع ابنها (المتبنى) وهي من أسرة ميسورة الحال، لها باع مذكور وجهد مشكور في مجال التبني، فقد كانت تحدثني عن معاناتها وسط حشد كبير من التنهد والتلعثم وانعقاد اللسان.

ahmad_helali@