محمد العوفي

بأية حال عدت يا عيد؟

الثلاثاء - 05 يوليو 2016

Tue - 05 Jul 2016

عيد بأية حال عدت يا عيد

بما مضى أم لأمر فيك تجديد

لعل أبا الطيب المتبني عندما كتب هذه القصيدة كان يدرك ما سيحدث في الأمة العربية من أزمات، ونكبات تضعفها وترهقها، ومنذ اندلاع ثورات الربيع العربي في أواخر 2010، مر نحو 12 عيدا على الدول العربية (سوريا، اليمن، وليبيا)، وجميعها تفوح برائحة الدم والدمار والقتل، وبقيت منذ ذلك الحين حتى يومنا هذا مثالا للخراب ونموذجا للقتل الممنهج، وأصبح حالها لا يسر صديقا، وحتى العدو أصبح أكثر تعاطفا معها من أهلها، وأعيادها تمضي كما هي قبل ست سنوات مآتم وأحزانا وأسى.

ولم تقتصر تكلفة الثورات على هذه الدول بل تجاوزتها إلى دول مجاورة وصدرت لها الإرهاب، وداعش والقاعدة وغيرها، وأصبحت أداة رئيسية في أيدي العبث الإيراني للتدخل في الدول العربية، ونشر مزيد من الفوضى، بل إن ما يحدث في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين من إشعال لفتيل الطائفية مصدره إيران، ولطهران من ورائه أهداف سياسية لا يمكن أن تحققها إلا من خلال مشروعها الطائفي.

لكن بقيت المملكة نموذجا للاستقرار السياسي والإداري، وتجربة ثرية في إدارة الحكم الرشيد الذي يتجاوز كل التحديات، بل استمرت في تحقيق الإنجازات واحدا تلو الآخر في المجالات كافة، وهي بلا شك أكبر وأكثر أن تتسع لها مساحة المقال، علاوة على أنها تسعى لوحدة الصف العربي، ومساعدة الدول العربية لتجاوز التحديات التي تواجهها.

التجربة السعودية لها أضلاع ثلاثة رئيسة تقوم عليها، الرؤية السياسية الحكيمة ويمثلها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله وولي عهده الأمير محمد بن نايف، وولي ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، وبعد النظر في قراءة ملفات المنطقة السياسية والاقتصادية، واستخدام الدبلوماسية الهادئة أولا في معالجة القضايا السياسية العربية، ومحاولة رأب الصدع العربي، وعندما يتطلب الأمر الحزم، فإنها لا تتأخر كثيرا كما حدث في اليمن، ودعم الثورة السلمية في سوريا، ومحاربة الإرهاب الداخلي.

لذلك يحل العيد بعد العيد، ووطننا شامخ، وسيادته خط أحمر لا نقبل المساس به، ويحل العيد بعد العيد، ونحن ننعم بالأمن والأمان والاستقرار، وأعيادنا فرح وعطاء مستمر، وكل عيد، ونحن بأحسن حال من العيد الذي يسبقه.

فكل عام ومليكنا وقادتنا بكل خير وأحسن حال، فعطاؤهم غير محدود، وجهودهم وإنجازاتهم لا تحصرها مقالات أو خطب، فمنهم نستمد قوتنا بعد الله، وكل عام وأنت أيها الوطن الجميل بكل خير وأمن واستقرار، فمنك نستمد قوتنا وسعادتنا، ويجب علينا أن نستشعر ذلك، وأن نعمل على الحفاظ على وحدتك، وقوتك، وأن نكون لك كراما بررة، وأن نقف في وجه من يحاول زرع النزاعات بينا من الدخلاء الذين يبحثون عن زرع الفتنة لشق وحدة صفنا تحت ذرائع عنصرية أو طائفية.

وكل عام وأبطالك البواسل الذين يذودون عن حماك في كل المناطق والاتجاهات بخير وأحسن حال، ففي الحدود الجنوبية يرابط أبطالنا من مختلف الجهات العسكرية حاملين أسلحتهم، ومتيقظين متأهبين، لا يكلون ولا يملون دفاعا عنك وعنا، ويسطرون دروسا في الشجاعة، والإقدام، والصمود، ويسجلون الانتصارات المتوالية، فلهم علينا حق الدعاء والشكر لهم، ونقول لهم عيدكم مبارك، وكل عام وأنتم بخير، وأنتم مصدر فخر واعتزاز، بكم نفاخر ونباهي بشجاعتكم، وقلوبنا معكم، وألسنتنا تلهج بالدعاء لكم في هذه الأيام الفاضلة.

وكل عام وجنود الأمن الداخلي بكل خير وأحسن حال، في الأيام الماضية لهم جهود تذكر فتشكر، طيلة شهر رمضان يقدمون التضحيات، ويقدمونها من أجل راحة زوار بيت الله الحرام، إلى جانب جهودكم الكبرى في حماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم، وإرساء دعائم الأمن والأمان والحفاظ على الوطن متماسكا، والوقوف ضد كل عقل مفسد، ورأي منحرف من الفرق الضالة كداعش والقاعدة وغيرهما ممن يحاولون المساس وزعزعة الأمن في هذه البلاد.

ختاما أيها الوطن، كنت وما زلت نموذجا للاستقرار والعطاء، فكل عام وأنت ومن عليك من قادة وشعب بأحسن حال.

[email protected]