مكتبة بابل البشرية المستحيلة
الثلاثاء - 05 يوليو 2016
Tue - 05 Jul 2016
الأفكار الإنسانية الجديدة المدهشة لا تتوقف، والباحثون عن مكامن الضياء يظلون يقدحون زناد أفكارهم، ويحملون بكل تواضع في مسارات دنيانا مشاعل الأمل، وأحلام النبوءات، وما بعد حدود الرؤية الممكنة.
الفكرة قد تكون بسيطة، وقد يعتبر البعض أنها مجرد شطحة فكرية كان من الممكن أن يفكر فيها أي شخص؛ ولكن السبق دوما يكون للبادئ المبادر.
وقد يكون كاتب القصص القصيرة الأرجنتيني (خورخي لويس)، هو أول من تنبأ بوجود مثل هذه المكتبة السداسية الرفوف، والتي تحتوي جميع المعلومات الإنسانية قديمها وحديثها، ومستقبليها بالنسبة لثقافات البشرية جمعاء.
وقد تطرق إلى حكاية هذه المكتبة المتخيلة، تضمينا في أحد مؤلفاته (حديقة المسارات المتفرعة) سنة 1940م.
ويدور الزمان، ثم يأتي من يفكر في تحقيق ذلك الحلم المدهش، فيعمل الكاتب الإسباني والمبرمج الحاسوبي الخلاق (جوناثان باسيلي)، بمساعدة أفراد أسرته وعدد من أصدقائه على تكوين معادلة رياضية حاسوبية تجمع بين الحروف والأرقام، والفضاء، والفاصلة، والفترة، وبجميع احتمالات التواجد الحرفي والرقمي، سواء كانت متتابعة، أو منفصلة.
وكانت المعادلة طويلة إلى درجة مضنية، ولكنه ثابر وعكف عليها فترات طويلة، حيث إنه كان يخشى حصول أي خطأ بسيط، لعلمه بما سيترتب عليه من تراكمات أخطاء شنيعة قد تفسد المكتبة بكاملها وتفقدها قيمتها، ودقتها، وتنوعها.
كل حرف من الحروف يمكن ومن خلال احتمالات تواجده في هذه المعادلة أن يسمح لنا بمعرفة جميع الكلمات، التي شارك الإنسان في بنائها منذ أزل التاريخ، وما سيكتب إلى الأبد.
وكل رقم كذلك، فأصبح لدينا عالم لا متناه من الكلمات، والذي لا يمكن أن يكون أي من البشر قد قال بكلمة أو جملة أو أكثر إلا وتواجدت مقولته في رفوف هذه المكتبة.
معادلات نيوتن واينشتاين وجميع علماء الفيزياء والكيمياء والحساب والطب والهندسة موجودة بالدقة ذاتها، كل علوم الفلك، والجيولوجيا وسائر العلوم بالإضافة إلى كل ما يمكن أن يتوصل إليه البشر في المستقبل من معارف ونظريات، ومعادلات ومصفوفات.
جميع الكتب المقدسة والروايات والمرويات موجودة بالحرف، وبجميع الترجمات، وأشعار جميع شعراء العالم، وكلمات الأغاني، ومقالات وقصص وروايات ومنثور كل البشرية موجودة ضمن رفوفها.
تبحث عن اسمك فتجده، تبحث عن أي كلمة أو جملة تداعب بالك، فتجدها، تبحث عن أي خاطرة أو فكرة أو معادلة ربما تسمعها مستقبلا، فتجدها.
البرنامج ليس اختراعا، ولكنه اكتشاف لما هو موجود، وتنبؤ بما يمكن أن يستجد في علوم الحساب والكلام، وهو لم يأت بمعلومة جديدة، ولكنه استخدم طريقة ذكية جديدة، لتحديد الاحتمالات اللفظية البشرية.
وعندما يأتي للبشرية عالم جديد أينشتايني ويكتشف معادلة جديدة، فلن تكون جديدة بالتواجد، بقدر ما هي جديدة بالاكتشاف، لأنها ستكون بصيغتها موجودة في مكتبة بابل، وإن لم يتنبه لها أحد من قبل.
وعندما يدهشنا أحدهم بقصيدة عصماء، أو نص أدبي، فلن يكون جديدا بالمعنى الحرفي، لأننا لو بحثنا عنه في بابل، لوجدناه بالحرف.
إنها مكتبة إعجاز تلخص وجودنا البشري على هذه البسيطة، وتحتوي على جميع تراثنا العالمي الإنساني، ومن يعش منا للغد، فليبتسم، ولا يبالغ كثيرا في لطم الخد.
[email protected]
الفكرة قد تكون بسيطة، وقد يعتبر البعض أنها مجرد شطحة فكرية كان من الممكن أن يفكر فيها أي شخص؛ ولكن السبق دوما يكون للبادئ المبادر.
وقد يكون كاتب القصص القصيرة الأرجنتيني (خورخي لويس)، هو أول من تنبأ بوجود مثل هذه المكتبة السداسية الرفوف، والتي تحتوي جميع المعلومات الإنسانية قديمها وحديثها، ومستقبليها بالنسبة لثقافات البشرية جمعاء.
وقد تطرق إلى حكاية هذه المكتبة المتخيلة، تضمينا في أحد مؤلفاته (حديقة المسارات المتفرعة) سنة 1940م.
ويدور الزمان، ثم يأتي من يفكر في تحقيق ذلك الحلم المدهش، فيعمل الكاتب الإسباني والمبرمج الحاسوبي الخلاق (جوناثان باسيلي)، بمساعدة أفراد أسرته وعدد من أصدقائه على تكوين معادلة رياضية حاسوبية تجمع بين الحروف والأرقام، والفضاء، والفاصلة، والفترة، وبجميع احتمالات التواجد الحرفي والرقمي، سواء كانت متتابعة، أو منفصلة.
وكانت المعادلة طويلة إلى درجة مضنية، ولكنه ثابر وعكف عليها فترات طويلة، حيث إنه كان يخشى حصول أي خطأ بسيط، لعلمه بما سيترتب عليه من تراكمات أخطاء شنيعة قد تفسد المكتبة بكاملها وتفقدها قيمتها، ودقتها، وتنوعها.
كل حرف من الحروف يمكن ومن خلال احتمالات تواجده في هذه المعادلة أن يسمح لنا بمعرفة جميع الكلمات، التي شارك الإنسان في بنائها منذ أزل التاريخ، وما سيكتب إلى الأبد.
وكل رقم كذلك، فأصبح لدينا عالم لا متناه من الكلمات، والذي لا يمكن أن يكون أي من البشر قد قال بكلمة أو جملة أو أكثر إلا وتواجدت مقولته في رفوف هذه المكتبة.
معادلات نيوتن واينشتاين وجميع علماء الفيزياء والكيمياء والحساب والطب والهندسة موجودة بالدقة ذاتها، كل علوم الفلك، والجيولوجيا وسائر العلوم بالإضافة إلى كل ما يمكن أن يتوصل إليه البشر في المستقبل من معارف ونظريات، ومعادلات ومصفوفات.
جميع الكتب المقدسة والروايات والمرويات موجودة بالحرف، وبجميع الترجمات، وأشعار جميع شعراء العالم، وكلمات الأغاني، ومقالات وقصص وروايات ومنثور كل البشرية موجودة ضمن رفوفها.
تبحث عن اسمك فتجده، تبحث عن أي كلمة أو جملة تداعب بالك، فتجدها، تبحث عن أي خاطرة أو فكرة أو معادلة ربما تسمعها مستقبلا، فتجدها.
البرنامج ليس اختراعا، ولكنه اكتشاف لما هو موجود، وتنبؤ بما يمكن أن يستجد في علوم الحساب والكلام، وهو لم يأت بمعلومة جديدة، ولكنه استخدم طريقة ذكية جديدة، لتحديد الاحتمالات اللفظية البشرية.
وعندما يأتي للبشرية عالم جديد أينشتايني ويكتشف معادلة جديدة، فلن تكون جديدة بالتواجد، بقدر ما هي جديدة بالاكتشاف، لأنها ستكون بصيغتها موجودة في مكتبة بابل، وإن لم يتنبه لها أحد من قبل.
وعندما يدهشنا أحدهم بقصيدة عصماء، أو نص أدبي، فلن يكون جديدا بالمعنى الحرفي، لأننا لو بحثنا عنه في بابل، لوجدناه بالحرف.
إنها مكتبة إعجاز تلخص وجودنا البشري على هذه البسيطة، وتحتوي على جميع تراثنا العالمي الإنساني، ومن يعش منا للغد، فليبتسم، ولا يبالغ كثيرا في لطم الخد.
[email protected]