إردوغان يتفادى السقوط داخليا بمغامرات خارجية

فورين أفيرز: الرئيس التركي تجاهل الاقتصاد المترنح ويسعى لاستمالة الناخبين
فورين أفيرز: الرئيس التركي تجاهل الاقتصاد المترنح ويسعى لاستمالة الناخبين

الاحد - 02 أغسطس 2020

Sun - 02 Aug 2020

عدت مجلة ”فورين أفيرز“ الأمريكية مغامرات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الحالية وإرساله قوات إلى سوريا وليبيا، هروبا من الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يواجهها في الداخل، في ظل انهيار الليرة وارتفاع الأسعار، وبهدف كسب المزيد من التأييد في الانتخابات المقبلة.

وأكدت أن الرئيس التركي يعرف أن قاعدته الشعبية بدأت تتآكل، وأنه يسعى لفعل أي شيء من أجل إعادة بناء القاعدة حتى وإن استمر عدد خصومه بالارتفاع وأثارت أفعاله إدانات دولية واسعة، ولفتت إلى أن قراره بتحويل متحف ”آيا صوفيا“ في إسطنبول إلى مسجد ليس عملا دينيا أو تصحيح ما وصفه بــ ”الظلم التاريخي“، بل من أجل الدفاع المزعوم عن سيادة تركيا في إطار حرب ثقافية تهدف لاستمالة الناخبين ومحاربة المعارضين.

معاناة الأتراك

وقالت إن إردوغان اختار الـ24 من يوليو الماضي لتدشين مسجد ”آيا صوفيا“، لأنه يتزامن مع ذكرى توقيع معاهدة ”لوزان“ الدولية عام 1923، التي اعترفت بإنشاء دولة تركية مستقلة بقيادة كمال أتاتورك مؤسس تركيا، وأشار تقرير المجلة إلى أن مغامرات إردوغان لم تسهم أبدا في إنقاذ اقتصاد تركيا ”المترنح“، بل زادت من معاناة المواطنين بعد انهيار الليرة وارتفاع الأسعار بشكل كبير، ونوهت إلى تصريحات إردوغان المتواصلة، التي ينتقد فيها تلك المعاهدة، ويؤكد على إحياء ”الحدود الروحية“ للإمبراطورية العثمانية، بعد أن وصف منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط بأنها ”الوطن الأزرق“ لتركيا.

تصريحات عدوانية

وكشف التقرير أن مغامرات إردوغان في البحر المتوسط وليبيا وسوريا ومناطق أخرى أدت إلى إيجاد تحالف إقليمي ضد تركيا، وعزز الحلف الاعتقاد بأن تركيا يجب أن تدافع عن نفسها ضد بيئة عدوانية في المنطقة، وفقا للمجلة.

وشدد تقرير المجلة على أن تصريحات إردوغان العدوانية والحربية أثبتت فعاليتها في تعزيز وضعه بين مؤيديه، في حين اتهمته المعارضة بأنه يسعى فقط لكسب أصوات الناخبين.

ونوهت إلى أن المراقبين لا يزالون غير قادرين على فهم إصرار إردوغان على إنفاق 2.5 مليار دولار من أجل شراء صواريخ ”إس-400“ الروسية، التي لا تزال في المخازن التركية، ويمكن أن تدفع بواشنطن إلى فرض عقوبات على أنقرة، في الوقت الذي لن تستطيع فيه تركيا الدفاع عن نفسها بتلك الصواريخ ضد هجوم روسي مثلما حدث في إدلب عندما هاجمت المقاتلات الروسية موقعا عسكريا تركيا ما أدى إلى مقتل 33 جنديا.

كسب الناخبين

وأشار التقرير إلى أن إصرار إردوغان على المضي قدما في الصفقة الروسية نابع من رغبته في جعلها انتصارا كبيرا لتركيا في أعين خصومه، متسائلا ”كم يحتاج إردوغان لمثل تلك الانتصارات لكسب عدد كاف من الناخبين، وماذا سيفعل في حال فشل“.

وأضاف ”اقتصاد تركيا يتدهور، والأسعار في ارتفاع والعملية في هبوط فيما لم ينجح إردوغان حتى الآن سوى بالحفاظ على أكثرية شعبية ضيقة من خلال فرض قيود على الصحافة واعتقال الخصوم وإعادة كتابة قوانين الاقتراع لصالحه“.

وأوضحت في تقريرها أن ”قاعدة إردوغان الشعبية الحقيقية لا تزال تتآكل وفقا لآخر استطلاعات الرأي الداخلية، ما يعني أن إجراءاته غير الديمقراطية لم تكن كافية“، لافتة إلى أنه ”مع اقتراب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في عام 2023 فإن الناخبين سيتم إعطاؤهم مزيدا من المساجد والمشاريع دون انتهاء التوتر في شرق المتوسط، حتى ذلك الوقت عليهم أن يقرروا ما إذا كانت تلك المغامرات والمعارك هي الحل لمشاكلهم أم مصدر المشاكل“.

سلوك استبدادي

وعلى صعيد متصل، عد مركز دراسات دفاعية بريطاني متخصص أن السلوك الاستبدادي الذي ينتهجه الرئيس التركي، بات يشكل خطرا على وحدة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وأن فرنسا تشعر بخيبة أمل كبيرة من جراء الصدام مع أنقرة، وقد لا تبقى صامتة.

ودعا المعهد الملكي للخدمات المتحدة إلى عدم التقليل من أهمية الحادث الذي وقع بين سفن حربية تركية وفرنسية قبالة السواحل الليبية في يونيو الماضي، نتيجة استفزازات السفن التركية، وقال إنه يعكس الانقسام الاستراتيجي بين دول الناتو.

وأوضح أن إرسال تركيا مقاتلين متشددين يعزز صورة أنقرة، باعتبارها تشكل خطرا أمنيا على مصالح الناتو، إضافة إلى شراء صواريخ إس 400 الروسية، والتهديدات المتكررة بفتح الحدود أمام المهاجرين غير الشرعيين للعبور إلى أوروبا، مشيرا إلى أعمال التنقيب التركية عن النفط والغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط، وأوضح أن الناتو سيصبح في خطر حال استمر في توفير الغطاء لأعمال تركيا الاستفزازية من دون تحميلها عواقب تلك الأعمال.