طلال الحربي

نحن وحقوق الإنسان

الاحد - 26 يوليو 2020

Sun - 26 Jul 2020

أطلق رئيس هيئة حقوق الإنسان معالي الدكتور عواد العواد ثلاث مبادرات متعلقة بالتواصل الدولي لإبراز إصلاحات المملكة في مجال حقوق الإنسان. هذه المبادرات تستحق التوقف عندها كثيرا لأن قضية حقوق الإنسان في هذا العصر المتغير بلا توقف، أصبحت من بين أبرز القضايا التي تشغل الإعلام والرأي العام العالمي والمؤسسات السياسية والإنسانية.

لقد ظلت هذه الحقوق تنتهك على مدار القرون وبلغت أفظع انتهاكاتها في الدول الغربية من خلال الاستعمار واجتثاث الشعوب الأصلية التي كانت تستوطن البلدان التي تعرضت للاستعمار الأوروبي، وتجلت فظائعها في استعباد الشعوب وتجارة الرقيق واقتلاع ملايين البشر من أفريقيا والاتجار بهم. وعلى الرغم من مرور أكثر من سبعين عاما على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لا تزال هذه الحقوق تنتهك بشتى السبل وتحت مختلف الذرائع، وكانت المظاهرات التي شهدتها الولايات المتحدة ودول أوروبية كثيرة تحت شعار «حياة السود مهمة» صرخة عالمية في وجه منتهكي هذه الحقوق.

وقد تعرضت المملكة إلى حملة من بعض الجهات ومنظمات دولية مستخدمين مختلف الأدوات، خاصة الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، لمهاجمة المملكة بدعوى غير حقيقة متجاهلة كل خطوات الإصلاح والانفتاح الجريئة في مجتمع مغلق عُرف لعقود طويلة بالانغلاق والتشدد والتمسك بالعادات التي طغت على سلطة القانون وربما الدين أيضا.

هؤلاء المنتقدون لا يرون سوى النصف الفارغ من الكأس ويريدون تغييرات سريعة بالمقاييس الغربية، ويتجاهلون حقيقة أن المجتمع الغربي لم يصل إلى ما وصل إليه وضع حقوق الإنسان في الغرب بين ليلة وضحاها. ويركز هؤلاء المنتقدون جل حملتهم على جوانب خلافية حتى في الدول الغربية نفسها.

لذلك، فإن هيئة حقوق الإنسان تواجه مهمة صعبة لكن ليست مستحيلة. وعلينا أن لا ننسى أن هذه الهيئة حكومية وتحتاج استقلالية وهوية اعتبارية لمراقبة احترام حقوق الإنسان في الداخل، وأن تخصص لها الميزانيات والكفاءات حتى تتمكن من نشر الوعي بحقوق الإنسان بيننا أولا ثم الانطلاق إلى الفضاء الخارجي، ولا يمكن أن يتم ذلك بمعزل عن الشفافية والتنسيق والتعاون مع الجهات المعنية من أجل الارتقاء بهذا المفهوم على مستوى الأفراد والمجتمع والمؤسسات.

هذا العالم أصبح أصغر من علبة كبريت وأصبح كل ما يحدث فيه ينتشر في العالم بسرعة البرق، لذلك على الهيئة أن تفتح جسورا ليس مع الجهات التي حددتها في مبادرتها فحسب، وإنما أيضا مع المنظمات الأخرى مثل منظمة العفو الدولية والمجلس الأوروبي لحقوق الإنسان وإجراء حوارات وجلسات وورش عمل مشتركة، سواء داخل المملكة أو في الخارج.

في العاشر من ديسمبر من كل عام، يحتفل العالم باليوم العالمي لحقوق الإنسان التي ترتكز في جوهرها على الكرامة والمساواة والعدالة التي أرسى الإسلام قواعدها قبل أكثر من 1400 عام. لذلك نتوقع أن نرى من الهيئة جهدا وخطوات مدروسة نابعة من قناعات وليس استجابة لأي ضغوط مهما كانت بخصوص القضايا المثارة في هذه الضجة.

Alharbit1@