ثورة الطباعة الجديدة
السبت - 18 يوليو 2020
Sat - 18 Jul 2020
من منا يمكن أن ينكر حلمه في الحصول على شيء ما؟ شيء يملك مواصفات خاصة تدل على شخصية مالكه الفريدة.
مثلا يرغب البعض بسيارة من طراز معين مع تعديلات معينة ليضع بصمته الشخصية عليها، أو يريد هاتفا محمولا بشكل معين أو جهاز حاسوب وكثيرا من الأمور المختلفة التي قد تكون عند كثيرين أحلاما خيالية تحتاج عصا ساندريلا لتحقيقها. اليوم اختلف الأمر تماما فالتقنية الحديثة ستكون هي العصا السحرية التي تنفث سحرها على كل العالم بثورة عظيمة قادمة ستجعل المستحيل حقيقيا وحاضرا أمامك.
من الطبيعي اليوم أن ترى في كل بيت تقريبا جهاز طابعة تستخدم في النسخ والطباعة، ولكن الغريب أن يمتلك الفرد العادي في منزله «3D printer» وظيفتها تتمثل في صناعة مختلف المنتجات بالطريقة التي نرغب بها ونريدها.
العقبة في حصولك على ما تتمناه تكمن في أن التصنيع في العالم يعتمد على مبدأ التجميع أو القوالب الثابتة التي في الغالب تستهلك كثيرا من الموارد ويصعب تغيير القالب لكل شخص، بل يبدو الأمر مستحيلا، فيستحيل أن يكون عندك قطعة مختلفة فريدة من نوعها في السوق (إن لم تقدم طلبا شخصيا وتدفع مقابله).
حتى أتت فكرة الطباعة ثلاثية الأبعاد التي تقوم على تقنية تسمى «additive manufacturing» أو التصنيع بالإضافة، وهي عبارة عن صناعة مجسم ثلاثي الأبعاد عن طريق إضافة المواد الأولية على شكل طبقات دقيقة، مما سهل كثيرا من عملية تصنيع المنتج، وبالتالي حقق قفزة كبيرة في عملية التصنيع وإمكانية تنفيذها من قبل المستهلك العادي حتى وإن كان في بيته.
ولمعرفة الفرق بين الطريقتين تخيل معي أنك وأنت في البيت وبين أطفالك تصنع لعبة لهم على شكل «Mickey Mouse»، واخترت أن تستخدم الطريقة التقليدية في تصنيع هذه اللعبة فأخذت قطعة من الخشب وبدأت بنحتها وبعد إنجاز جزء كبير من هذا العمل اكتشفت أنك أخطأت في نحت أذن اللعبة وكسرت جزءا منها، حينها ستضطر إلى التخلص من كامل القطعة الخشبية التي عندك وتحضر قطعة ثانية وتعاود الكرّة من الصفر، أما لو استخدمت الطريقة الجديدة في التصنيع وصار الخطأ نفسه معك فكل ما عليك هو إضافة أجزاء جديدة في مكان الكسر الذي حدث.
وما يميز الطباعة ثلاثية الأبعاد الاقتصاد في استهلاك المواد الأولية والقضاء على مشكلة المخلفات الناتجة من عملية التصنيع، لأنك ستستخدم الكمية التي تحتاج لها فحسب دون أي زيادة، على عكس عمليات التصنيع التقليدية.
تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد ليست حديثة العهد وجديدة فقد أبصرت النور للمرة الأولى بداية عام 1980، وكانت في بدايتها تستخدم في عمليات التصنيع الضخمة وفي مجالات محدودة، لكنها اليوم تطورت بشكل كبير وصارت تصنع مختلف أنواع المنتجات بداية بالمنتجات الاستهلاكية، وصولا إلى الخلايا وأعضاء جسم الإنسان.
واستخدامات الطباعة ثلاثية الأبعاد لا تقتصر على صناعة الكماليات والسلع الاستهلاكية فحسب، بل إنها تحقق اليوم منجزات كانت أحلاما في حياة الإنسان، خاصة في مجال الصناعة والفضاء والرعاية الطبية.
تمكنت الطابعات الثلاثية الأبعاد أن تنشئ أعضاء بشرية متكاملة بمواد خام مصنعة تم استخدامها في مجال تعلم الجراحة كونها تعطي شكلا مشابها جدا للأعضاء البشرية، فيكون التدريب عليها دقيقا جدا.
في مجال الرعاية الطبية أيضا، حيث تمكنت مجموعة من الشركات أن تطبع أعضاء من جسم الإنسان بطريقة الطباعة ثلاثية الأبعاد من قبيل شركة «Organovo» التي طبعت نسيجا حيا من كبد الإنسان يستخدم في اختبارات السموم الدوائية، وفي العقود المقبلة سنتمكن من زراعة أعضاء الإنسان عبر أخذ عينة من أحد أنسجة جسمه فحسب، وهذا سيشكل ثورة طبية عظيمة تنقذ العالم من عدد مهول من الأمراض.
ولا يمكننا حصر استخدام الطباعة في مجال التعليم أو الطب، الثورة الحقيقية التي ستغير العالم تماما هي ثورة الطباعة ثلاثية الأبعاد في مجال الإنشاءات، فالأمر لم يتوقف عند طباعة المواد الأولية وحسب، بل وصل لإمكانية بناء مبنى كامل بكل تجهيزاته في ثلاث ساعات فقط، وهذه المنازل المطبوعة تملك القدرة على تحمل الزلازل الأرضية حتى درجة 9 على مقياس ريختر، ومادتها الأولية تجعلها مضادة للماء وللنار كذلك، وتمنح المصممين القدرة على إضافة العوازل الحرارية بكل سهولة، أي إنها مهيأة للاستخدام البشري بكل سهولة.
بعد سنوات سيكون عندك طابعة ثلاثية الأبعاد في منزلك تمكنك من طباعة ملابسك حسب الطقس، وتطبع ألعاب أطفالك وعدة مطبخك بالكامل، وسيقتصر عمل المتاجر على بيع الصور الأولية لمنتجاتهم وأنت بمجرد شرائك لهذه الصورة تعطي الطابعة أمرا بطباعة المنتج الذي تريده.
وهنا يحق لنا التساؤل عن ماهية إنسان المستقبل المالك للعصا السحرية المنفذة لكل احتياجاته والمحققة لكل أمنياته المختلفة؟ هل سيؤثر ذلك عليه فيطغى ويتجبر؟ الله وحده يعلم.
@DayTechnique
مثلا يرغب البعض بسيارة من طراز معين مع تعديلات معينة ليضع بصمته الشخصية عليها، أو يريد هاتفا محمولا بشكل معين أو جهاز حاسوب وكثيرا من الأمور المختلفة التي قد تكون عند كثيرين أحلاما خيالية تحتاج عصا ساندريلا لتحقيقها. اليوم اختلف الأمر تماما فالتقنية الحديثة ستكون هي العصا السحرية التي تنفث سحرها على كل العالم بثورة عظيمة قادمة ستجعل المستحيل حقيقيا وحاضرا أمامك.
من الطبيعي اليوم أن ترى في كل بيت تقريبا جهاز طابعة تستخدم في النسخ والطباعة، ولكن الغريب أن يمتلك الفرد العادي في منزله «3D printer» وظيفتها تتمثل في صناعة مختلف المنتجات بالطريقة التي نرغب بها ونريدها.
العقبة في حصولك على ما تتمناه تكمن في أن التصنيع في العالم يعتمد على مبدأ التجميع أو القوالب الثابتة التي في الغالب تستهلك كثيرا من الموارد ويصعب تغيير القالب لكل شخص، بل يبدو الأمر مستحيلا، فيستحيل أن يكون عندك قطعة مختلفة فريدة من نوعها في السوق (إن لم تقدم طلبا شخصيا وتدفع مقابله).
حتى أتت فكرة الطباعة ثلاثية الأبعاد التي تقوم على تقنية تسمى «additive manufacturing» أو التصنيع بالإضافة، وهي عبارة عن صناعة مجسم ثلاثي الأبعاد عن طريق إضافة المواد الأولية على شكل طبقات دقيقة، مما سهل كثيرا من عملية تصنيع المنتج، وبالتالي حقق قفزة كبيرة في عملية التصنيع وإمكانية تنفيذها من قبل المستهلك العادي حتى وإن كان في بيته.
ولمعرفة الفرق بين الطريقتين تخيل معي أنك وأنت في البيت وبين أطفالك تصنع لعبة لهم على شكل «Mickey Mouse»، واخترت أن تستخدم الطريقة التقليدية في تصنيع هذه اللعبة فأخذت قطعة من الخشب وبدأت بنحتها وبعد إنجاز جزء كبير من هذا العمل اكتشفت أنك أخطأت في نحت أذن اللعبة وكسرت جزءا منها، حينها ستضطر إلى التخلص من كامل القطعة الخشبية التي عندك وتحضر قطعة ثانية وتعاود الكرّة من الصفر، أما لو استخدمت الطريقة الجديدة في التصنيع وصار الخطأ نفسه معك فكل ما عليك هو إضافة أجزاء جديدة في مكان الكسر الذي حدث.
وما يميز الطباعة ثلاثية الأبعاد الاقتصاد في استهلاك المواد الأولية والقضاء على مشكلة المخلفات الناتجة من عملية التصنيع، لأنك ستستخدم الكمية التي تحتاج لها فحسب دون أي زيادة، على عكس عمليات التصنيع التقليدية.
تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد ليست حديثة العهد وجديدة فقد أبصرت النور للمرة الأولى بداية عام 1980، وكانت في بدايتها تستخدم في عمليات التصنيع الضخمة وفي مجالات محدودة، لكنها اليوم تطورت بشكل كبير وصارت تصنع مختلف أنواع المنتجات بداية بالمنتجات الاستهلاكية، وصولا إلى الخلايا وأعضاء جسم الإنسان.
واستخدامات الطباعة ثلاثية الأبعاد لا تقتصر على صناعة الكماليات والسلع الاستهلاكية فحسب، بل إنها تحقق اليوم منجزات كانت أحلاما في حياة الإنسان، خاصة في مجال الصناعة والفضاء والرعاية الطبية.
تمكنت الطابعات الثلاثية الأبعاد أن تنشئ أعضاء بشرية متكاملة بمواد خام مصنعة تم استخدامها في مجال تعلم الجراحة كونها تعطي شكلا مشابها جدا للأعضاء البشرية، فيكون التدريب عليها دقيقا جدا.
في مجال الرعاية الطبية أيضا، حيث تمكنت مجموعة من الشركات أن تطبع أعضاء من جسم الإنسان بطريقة الطباعة ثلاثية الأبعاد من قبيل شركة «Organovo» التي طبعت نسيجا حيا من كبد الإنسان يستخدم في اختبارات السموم الدوائية، وفي العقود المقبلة سنتمكن من زراعة أعضاء الإنسان عبر أخذ عينة من أحد أنسجة جسمه فحسب، وهذا سيشكل ثورة طبية عظيمة تنقذ العالم من عدد مهول من الأمراض.
ولا يمكننا حصر استخدام الطباعة في مجال التعليم أو الطب، الثورة الحقيقية التي ستغير العالم تماما هي ثورة الطباعة ثلاثية الأبعاد في مجال الإنشاءات، فالأمر لم يتوقف عند طباعة المواد الأولية وحسب، بل وصل لإمكانية بناء مبنى كامل بكل تجهيزاته في ثلاث ساعات فقط، وهذه المنازل المطبوعة تملك القدرة على تحمل الزلازل الأرضية حتى درجة 9 على مقياس ريختر، ومادتها الأولية تجعلها مضادة للماء وللنار كذلك، وتمنح المصممين القدرة على إضافة العوازل الحرارية بكل سهولة، أي إنها مهيأة للاستخدام البشري بكل سهولة.
بعد سنوات سيكون عندك طابعة ثلاثية الأبعاد في منزلك تمكنك من طباعة ملابسك حسب الطقس، وتطبع ألعاب أطفالك وعدة مطبخك بالكامل، وسيقتصر عمل المتاجر على بيع الصور الأولية لمنتجاتهم وأنت بمجرد شرائك لهذه الصورة تعطي الطابعة أمرا بطباعة المنتج الذي تريده.
وهنا يحق لنا التساؤل عن ماهية إنسان المستقبل المالك للعصا السحرية المنفذة لكل احتياجاته والمحققة لكل أمنياته المختلفة؟ هل سيؤثر ذلك عليه فيطغى ويتجبر؟ الله وحده يعلم.
@DayTechnique