حنان المرحبي

عقلية نامية.. عقلية ثابتة

الاثنين - 04 يوليو 2016

Mon - 04 Jul 2016

لكل إنسان مجموعة من العادات السلوكية التي يؤمن فيها ويستعملها كطريقة لمواجهة تحديات وفرص الحياة.

ولتوضيح الفكرة، نفصلها في إطار بيئة العمل. فهناك من يعتقد بأن المواهب والقدرات يمكن بناؤها وتطويرها من خلال بذل الجهد في التعلم والعمل والاحتكاك بالمتميزين. وعلى النقيض، هناك من يعتقد بأن المواهب تخلق بالفطرة ولا يمكن بناؤها. هاتان عقليتان مختلفتان، وتؤديان إلى نتائج مختلفة.

فالأولى تسمى عقلية نامية (growth mindset) ومن يتبنى هذه العقلية لا يبالي لنظرة الآخرين، يضع كل تركيزه في التعلم والعمل، ولا يخشى من مواجهة التحديات والصعوبات، بل قد يبحث عنها ويخلقها لنفسه، لأنه يعتقد أنها فرص تعلم ونمو تستحق بذل الطاقة والجهد.

أما الثانية فتسمى عقلية ثابتة (fixed mindset). يحمل صاحبها سمات سلوكية أوعادات معاكسة لسمات العقلية النامية، ولأنه لا يؤمن في أن المواهب يمكن بناؤها، يخشى من مواجهة التحديات ويسعى دائما إلى جعل الحياة مستقرة وآمنة، ويتردد من تولي المسؤوليات الكبيرة. العقلية الثابتة ستعاني من بطء في التعلم.

كيف تؤثر عقلية الموظف النامية أو الثابتة على نتائج المنشأة من حيث الحماسة، الإنتاجية، والابتكار؟ تذكر الباحثة النفسية Carol Dweck أن خلاصة الدراسات التي تمت في هذا الحقل تشير إلى أن المؤسسات التي تنتهج سياسة تحفز على تبني عقلية نامية يشعر موظفوها بالتمكين ويتسمون بالالتزام، فالجميع جزء من عملية التطوير والتعلم وليس فقط الموهوبين. ومن الجانب الآخر، يذكر أن الموظفين الذين يعملون في مؤسسات تنتهج سياسات العقلية الثابتة تنشأ بينهم في بعض الأحيان مشكلات من قبل الأفراد مثل الغش أو المكر لأن البيئة تنافسية (وليست تعاونية) والبقاء (النمو أو الترقية) للأفضل (الموهوبين)، هذه الظروف تثبط الحماسة وتتسبب في هبوط الإنتاجية وتأخر الابتكار.

و على المستوى الشخصي، تذكر الباحثة أنه قد نعتقد أننا نملك عقلية نامية وسريعة التعلم، ويكون الأمر في الواقع مختلفا. فهناك مؤثرات قد تحبط الإنسان وتجعله يتحول من عقلية نامية إلى عقلية ثابتة. على سبيل المثال، عندما نتلقى النقد، أو نقارن بين أنفسنا والمتميزين، قد نتخذ مواقف دفاعية (تجاه النقد) بدلا من الاستفادة منه، أو نشعر بعدم الأمان أو ينخفض إيماننا في أنفسنا (عند مقابلة المتميزين). هذه المواقف والمشاعر قد تجعلنا نتراجع فيتراجع التعلم. لهذا، نحن بحاجة إلى كشف وفهم مصادر تلك المثبطات وآثارها باستمرار كي نتحكم فيها فلا نسمح لها بأن تؤثر على عاداتنا الجيدة.

تضيف الباحثة أيضا أن البعض يخلط ما بين العقلية النامية والعقلية المنفتحة (open-minded) أو النظرة المستقبلية الإيجابية (positive outlook) فيظن أن عقليته هي بالأساس نامية، وهو فهم خاطئ، فليس هناك عقلية نامية على الدوام، وإنما يوجد مزج بين السمات النامية والثابتة، يتطور هذا المزج وينمو مع تقدم الممارسة والخبرة. أيضا هناك من يعتقد أن العقلية النامية يجب الإشادة بها ومكافأتها على أي مجهود في حين أن المجهود الذي يستحق الإشادة والتقدير هو فقط الذي يترتب عليه تعلم وتقدم بالنتائج.

وختاما، لا يمكن للعقلية النامية أن تؤتي نتائجها إذا لم تتبن المؤسسة أو المنشأة سياسات تساهم في جعلها واقعا ملموسا ونتائج ممكنة.