عبدالله محمد الشهراني

1441هـ .. حج استثنائي وفرص استثنائية

الأربعاء - 15 يوليو 2020

Wed - 15 Jul 2020

ما من كيان في الدنيا إلا ويمر بظروف استثنائية في مرحلة ما وزمن معين، ظروف استثنائية وجدت بقدر الله فلا يمكن لأحد تغييرها أو السيطرة عليها، وإنما المطلوب من الكيان - المعني بتلك الظروف - إجادة التعامل معها. وجائحة كورونا المستجد خير مثال على الظروف الاستثنائية، وطريقة التعامل مع هذه الجائحة داخل المملكة هي أيضا خير مثال للتعامل مع الظروف الاستثنائية. تعامل لمسه المواطن والمقيم «أمنيا وصحيا وغذائيا، وغيرها..»، وفرص «استثمارية» استثنائية شعر بها العالم وكل من فهم الاقتصاد أو جهله.

ولا شك أن الحج هذا العام سوف يكون استثنائيا، وبالتأكيد سوف تتوفر فيه فرص استثنائية ظاهرة للعين وأخرى يتطلب التنبه إليها مزيدا من الجهد والتفكير. إن قلة عدد الحجاج هذا العام سوف تلغي عددا كبيرا من المعوقات التي كانت تقف حجر عثرة أمام أمور عدة، أو تجعلها في غاية الصعوبة، من تلك الأمور - على سبيل المثال لا الحصر - الدراسات الميدانية من قبل المراكز البحثية، حيث أرى أن يفتح المجال لجميع الجامعات والمعاهد والمراكز البحثية، بل الأجدى والأفضل أن تستقطب وتدعى للمشاركة، وأضع هاهنا فكرة دراسة ربما تسهم نتائجها في مواجهة درجات الحرارة المرتفعة خلال السنوات الثلاث المقبلة.

إن عملية تبريد المخيمات في منى تعتمد على نظام المكيفات «الصحراوية»، أجهزة تعتمد بشكل أساسي على الماء الداخل إليها، والذي تكون درجة حرارته عالية جدا في موسم الحج، فلِم لا نحاول هذا العام إمداد المكيفات بماء بارد، ثم نرى النتيجة؟ هذه فكرة دراسة واحدة، وبالتأكيد هناك دراسات أخرى مهمة أيضا سوف نستفيد من نتائجها في مواسم الحج المقبلة.

موضوع التدريب أيضا، إذ لم أر في حياتي متدربا في الحج، الكل في عمل ولا يمكن لأحد أن يتفرغ لتدريب أحد وهذا أمر طبيعي إلى حد ما، وأرى أيضا ومن باب التعاون مع القطاعات والشركات المهتمة بإدارة الحشود، أن يفتح لها مجال التدريب والمشاركة، صحيح أن الأعداد - هذا العام - لا يمكن اعتبارها حشودا، لكن حركتها وتسلسل برامجها ومسار تنقلاتها هي الحركة والمسار أنفسهما بالنسبة للأعداد الغفيرة من الحجاج في المواسم السابقة، وبالتالي فإن من الممكن لنا أن نخرج بعديد من الدروس النافعة من ثنايا هذه التجربة الجديدة.

حج هذا العام فرصة استثنائية في عملية التوعية الدينية، إذ إنه من المستحيل في موسم الحج شرح المناسك بشكل تفصيلي أثناء أيام التروية والوقفة والتشريق لكل الحجاج وبالقدر والكيفية أنفسهما، في هذا العام سوف تكون حركة الكاميرات والتسجيل سهلة، إضافة إلى أن الوجود والوقوف في المواقع المهمة سوف يكون ميسرا «جبل الرحمة، مسجد نمرة، المشعر الحرام، مجر الكبش، الجمرات... إلخ».

هذه أفكار بسيطة بطبيعة الحال، لكني متأكد أن ورشة عمل «جلسة عصف ذهني» يكون الهدف منها هو الخروج بفرص استثنائية يمكن استغلالها هذا العام، ورشة يحضرها أفراد من وزارة الحج والعمرة والهيئة الملكية لمكة والمشاعر وإمارة منطقة مكة ووزارة الداخلية والخبراء في مجال الحج. ورشة كهذه سوف تكون لها نتائج عظيمة، وسوف نجني ثمارها الناضجة في السنوات المقبلة.

إن هذه الأرقام والظروف الاستثنائية ربما لن تتكرر أبدا (نسأل الله ذلك)، فلا نريد أن نقول بعد انقضاء الموسم مباشرة أو بعد مرور السنين «ليتنا أنجزنا هذا الشيء في حج عام 1441هـ، لقد كانت فرصة استثنائية حصلت في ظروف استثنائية».

@ALSHAHRANI_1400