جبريل العريشي

لا يوجد خط للنهاية في التحول الرقمي

الخميس - 02 يوليو 2020

Thu - 02 Jul 2020

هناك شيء واحد تتفق الرؤى عليه، وهو أنه عند استخدام التكنولوجيا الرقمية بشكل صحيح، فإنها يمكنها أن تسبب نقلة حقيقية لأعمال المؤسسة وتعظم من أرباحها، والعكس صحيح، فعندما لا تستخدم بالطريقة الصحيحة فإنها قد تمثل كارثة عليها، فلا هي ظلت على حالتها القديمة التي تمرست عليها لسنوات طوية، ولا هي أصبحت في وضع يمكنها من منافسة اللاعبين الرقميين.

وفي إطلالة سريعة على مشاهد التطورات التكنولوجية المعاصرة يمكننا رصد التغيرات الجوهرية التي طالت مختلف التقنيات، والتي أدت إلى القضاء على عديد من الصناعات والمهن، وإلى زيادة القدرة على فعل الأشياء بصورة دقيقة وفي توقيتات منضبطة. كما يمكننا رصد التقارب والتكامل بين عديد من التقنيات المختلفة في منتجات بين أيدينا الآن. ويتطلب هذا العصر الرقمي الجديد طريقة مختلفة لممارسة الأعمال في المؤسسات، مما يجعلها تسعى إلى التغيير. وتستخدم عبارة «التحول الرقمي» لكي تصف نوع هذا التغيير.

والمشكلة تكمن في أن كلمة «التحول» تعني ضمنيا وجود حالة نهائية تعني اكتمال التغير، مثل تحول اليرقة إلى الطور اليافع ثم ينتهي الأمر، بينما واقع الأمر هو أن التقنية تتغير بمعدلات سريعة للغاية، بحيث يتغير خط النهاية باستمرار أمام الشركات التي تسعى لدخول العصر الرقمي. ومن ثم فالتحول الرقمي المقصود يعني التحول إلى بيئة عمل داعمة للتطور التقني المستمر، بحيث تخرج المؤسسة من عملية التحول على شكل فراشة رقمية رشيقة وقابلة للتكيف.

أما إذا كانت المؤسسة قد أتمت بالفعل عملية التحول الرقمي، بما يعني أنها قد أصبحت منخرطة بالفعل في هذا العالم الرقمي الذي تتسارع فيه خطا التقنية، فإنه لا يمكنها حينئذ أن تبقى ببساطة محصورة في تقنيات محددة لفترة طويلة، بل عليها أن تظل في حالة ركض دائم، مثل الخيل في مضمار السباق، إذا كانت تريد أن تظل في المقدمة، أو حتى إذا كانت تريد أن تبقى على قيد الحياة في البيئة الرقمية. فلا حياة ولا بقاء لها إلا إذا قام رؤساؤها وقادتها بإبقاء أعينهم وآذانهم مفتوحة دائما على مصاريعها لرصد الابتكارات التكنولوجية التي تتغير وتتطور باستمرار.

لذا، فنحسب أنه ينبغي أن ندرك أن نهاية عملية التحول الرقمي هي في الوصول إلى التطور الرقمي المستدام، وهو ما يعني أن تظل المؤسسة في ركض دائم، وهو ركض لا يستهدف الوصول إلى خط النهاية قبل المؤسسات الأخرى، فهو خط غير موجود، لكنه يستهدف التكيف المستمر مع العصر الرقمي الذي أصبح التغير فيه هو الأصل، والثبات هو الاستثناء.

[email protected]