مثقفون ومحافظون.. كل حزب بما لديهم فرحون!
السبت - 02 يوليو 2016
Sat - 02 Jul 2016
أكثر من خمس حالات في السعودية يقتل فيها شباب متدينون أقاربهم، إعلانا للولاء لتنظيم (داعش) الإرهابي، آخرها حالة التوأمين (العريني)، والله وحده العالم بالآتي، وعقب كل حالة تنثال مئات المقالات والحوارات، والهجومات والدفاعات، ثم تهدأ لتحركها حالة جديدة، والجهة الوحيدة التي تتابع دون كلل هي وزارة الداخلية، وهذا واجبها الوطني ومهمتها الأساسية، لكنها العليمة أننا بأمس الحاجة إلى معطيات ودراسات عميقة ووافية تعلنها الوزارة، وهي القديرة؛ لامتلاكها معلومات لا تتوفر لغيرها ربما في العالم أجمع؛ فقد أرهقتنا تخبطات أفكارنا وتخرصاتنا في أسباب هذه الفظائع.
داعش تنظيم (قذر) في أساليبه كلها، ولأن محاولاتهم تحطمت على صخرة أمننا ووحدتنا المتينة؛ توجه (بقذارة) إلى استغلال المعاقين فكريا، فوجه هجومه اليوم إلى المجتمع السعودي كاملا، من خلال ضرب (الأسرة) اللبنة الأساسية في المجتمع، فالجلوس خلف شاشة (الكمبيوتر) في غرفة مكيفة، أسهل بكثير من حمل الأسلحة ومواجهة قوات الأمن المتيقظة، فذلك الجلوس لا يكلف الكثير من الوقت ولا الجهد ولا المال، حين يصطادون (معتوها) مستعدا لتبني أفكارهم إلى درجة قتل (الوالدين) والأقارب.
يأتي التساؤل الملحُّ اليوم، من أين جاءت هذه الطاعة العمياء، ونحن مجتمع يؤمن عميقا بمقولة «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق»؟ وكيف لشاب أن تصل برمجته إلى درجة اقتراف الكبائر بقتل نفسه أو والديه والتضحية بكل شيء؟ إجابة هذه الأسئلة اليوم تتخذ مسارين، الأول: ما يطرحه المنظّرون والمحللون والمثقفون بصفة عامة حول وجود تربة خصبة بفعل الخطاب الوعظي التحريضي (العميق طويل الأمد) في بلادنا، يستطيع داعش وغيره بذر بذوره فيها، ونحن الحاصدون (موتا/ دما/ ألما/ فجائع/ ورعبا)، أما الثاني: ما يطرحه الكثير من المحافظين، أن داعش تنظيم خارجي مجرم، أنشأته أمريكا للسيطرة على الشرق الأوسط، وصناعة الشرق الأوسط الجديد، وأن لإيران يدا في صناعته، فهو يفجر في كل العالم العربي، ولا يمس إيران مطلقا، ثم يختمون تصورهم باستخدام داعش (السحر الأسود) للسيطرة على الشباب، وهم يقصدون (الشعوذة)، وشتان بينهما، ففيديو السحر الأسود المنتشر يصور دأب الأمريكيين في استخدام تقنيات هتلر العلمية لصناعة جيش مبرمج، ربما يكون تنظيم (داعش) الإرهابي.
ولمناقشة الرأيين السابقين، نجدهما يتفقان في (خطورة داعش) على أمن وطننا، وهذه نقطة إيجابية مهمة للالتقاء، لكن الفريقين يختلفان في الرؤية، فالأول أخذ بقول المثل: (لا تظلم جارك حتى تبرئ دارك)، وحصر نظرته في الداخل على كل ما يخص (الخطاب/ والتعليم/ والتراث العريض) وضرورة المراجعة والوقوف على المنابع التي هيأت التربة المناسبة لزراعة الشر في النفوس، أما الثاني: فيترك الداخل وينظر إلى البعيد، إلى السياسات الدولية وأطماعها في الشرق الأوسط، ويسقط على واقعنا كل ما يسمع من التقارير الإخبارية؛ فيتمسك بقناعاته. وهنا تثور تهمتان، الأولى من الأولين: أن المحافظين غارقون في نظرية المؤامرة والأممية والحروب الصليبية، أما الثانية: فيتهم المحافظين المثقفين بأنهم مختطفون فكريا ويكملون دور المؤامرة، وينفذون أجندة ضرب تدين المجتمع، ولا نزال في تلك الدوامة، وداعش تسن شبا أبنائنا سكاكين في نحور أهليهم.
مؤلم هذا الانقسام، ولا مناص من التقاء الرؤى باسم (الوطن) ووحدته وأمنه، واتحاد الفريقين لجمع رؤيتيهما في رؤية واحدة، تأخذ بعين الاعتبار ضرورة مراجعة الداخل، ولا تغفل عما يحاك في الخارج، فلا السياسات الدولية ملائكية تنوي لنا وبنا الخير، وليس آخرها موقف أوباما من مفاعلات إيران ولا تقرير الكونجرس عنا، ولا تقرير الأمم المتحدة، ثم من جهة ثانية بين أيدينا تراث ثقيل جدا يحتاج إلى تمحيص وغربلة، وخطاب ديني أغرق الشباب في العاطفة والأممية والخلافة (المزعومة) والماضي الإسلامي الملائكي، وأقحمهم في فلك الطائفية والكراهية، وجفاء الوطنية حتى أنتج ذواتا مشوهة تقبل أي برمجة تحقق بلوغ الأهداف والصور المرسومة في لا وعيهم، وجدهم مجرمو داعش مهيئين للاختطاف والبرمجة من خلال الشاشات التي يتقارع عليها الخصمان دون جدوى.
[email protected]
داعش تنظيم (قذر) في أساليبه كلها، ولأن محاولاتهم تحطمت على صخرة أمننا ووحدتنا المتينة؛ توجه (بقذارة) إلى استغلال المعاقين فكريا، فوجه هجومه اليوم إلى المجتمع السعودي كاملا، من خلال ضرب (الأسرة) اللبنة الأساسية في المجتمع، فالجلوس خلف شاشة (الكمبيوتر) في غرفة مكيفة، أسهل بكثير من حمل الأسلحة ومواجهة قوات الأمن المتيقظة، فذلك الجلوس لا يكلف الكثير من الوقت ولا الجهد ولا المال، حين يصطادون (معتوها) مستعدا لتبني أفكارهم إلى درجة قتل (الوالدين) والأقارب.
يأتي التساؤل الملحُّ اليوم، من أين جاءت هذه الطاعة العمياء، ونحن مجتمع يؤمن عميقا بمقولة «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق»؟ وكيف لشاب أن تصل برمجته إلى درجة اقتراف الكبائر بقتل نفسه أو والديه والتضحية بكل شيء؟ إجابة هذه الأسئلة اليوم تتخذ مسارين، الأول: ما يطرحه المنظّرون والمحللون والمثقفون بصفة عامة حول وجود تربة خصبة بفعل الخطاب الوعظي التحريضي (العميق طويل الأمد) في بلادنا، يستطيع داعش وغيره بذر بذوره فيها، ونحن الحاصدون (موتا/ دما/ ألما/ فجائع/ ورعبا)، أما الثاني: ما يطرحه الكثير من المحافظين، أن داعش تنظيم خارجي مجرم، أنشأته أمريكا للسيطرة على الشرق الأوسط، وصناعة الشرق الأوسط الجديد، وأن لإيران يدا في صناعته، فهو يفجر في كل العالم العربي، ولا يمس إيران مطلقا، ثم يختمون تصورهم باستخدام داعش (السحر الأسود) للسيطرة على الشباب، وهم يقصدون (الشعوذة)، وشتان بينهما، ففيديو السحر الأسود المنتشر يصور دأب الأمريكيين في استخدام تقنيات هتلر العلمية لصناعة جيش مبرمج، ربما يكون تنظيم (داعش) الإرهابي.
ولمناقشة الرأيين السابقين، نجدهما يتفقان في (خطورة داعش) على أمن وطننا، وهذه نقطة إيجابية مهمة للالتقاء، لكن الفريقين يختلفان في الرؤية، فالأول أخذ بقول المثل: (لا تظلم جارك حتى تبرئ دارك)، وحصر نظرته في الداخل على كل ما يخص (الخطاب/ والتعليم/ والتراث العريض) وضرورة المراجعة والوقوف على المنابع التي هيأت التربة المناسبة لزراعة الشر في النفوس، أما الثاني: فيترك الداخل وينظر إلى البعيد، إلى السياسات الدولية وأطماعها في الشرق الأوسط، ويسقط على واقعنا كل ما يسمع من التقارير الإخبارية؛ فيتمسك بقناعاته. وهنا تثور تهمتان، الأولى من الأولين: أن المحافظين غارقون في نظرية المؤامرة والأممية والحروب الصليبية، أما الثانية: فيتهم المحافظين المثقفين بأنهم مختطفون فكريا ويكملون دور المؤامرة، وينفذون أجندة ضرب تدين المجتمع، ولا نزال في تلك الدوامة، وداعش تسن شبا أبنائنا سكاكين في نحور أهليهم.
مؤلم هذا الانقسام، ولا مناص من التقاء الرؤى باسم (الوطن) ووحدته وأمنه، واتحاد الفريقين لجمع رؤيتيهما في رؤية واحدة، تأخذ بعين الاعتبار ضرورة مراجعة الداخل، ولا تغفل عما يحاك في الخارج، فلا السياسات الدولية ملائكية تنوي لنا وبنا الخير، وليس آخرها موقف أوباما من مفاعلات إيران ولا تقرير الكونجرس عنا، ولا تقرير الأمم المتحدة، ثم من جهة ثانية بين أيدينا تراث ثقيل جدا يحتاج إلى تمحيص وغربلة، وخطاب ديني أغرق الشباب في العاطفة والأممية والخلافة (المزعومة) والماضي الإسلامي الملائكي، وأقحمهم في فلك الطائفية والكراهية، وجفاء الوطنية حتى أنتج ذواتا مشوهة تقبل أي برمجة تحقق بلوغ الأهداف والصور المرسومة في لا وعيهم، وجدهم مجرمو داعش مهيئين للاختطاف والبرمجة من خلال الشاشات التي يتقارع عليها الخصمان دون جدوى.
[email protected]