هل يصطدم الكاظمي بوكلاء الشر الإيراني في العراق؟
الخميس - 11 يونيو 2020
Thu - 11 Jun 2020
بعد ذلك بقليل اقتحمت قوات الأمن مكاتب «ثأر الله» رغم أن زعيمها يوسف الموسوي لم يكن حاضرا في مكان الغارة، وفاجأ رئيس الوزراء العراقي المراقبين، وغرد قائلا «الغارة التي تم تنفيذها تمت بناء على أوامر شخصية منه»، وشدد على أن «من يسفك الدم العراقي لن يستريح»، بحسب موقع ذا ناشونال.
وعد الكاظمي بإعادة إرساء سيادة القانون، وبعث رسائل واضحة على أنه سيعمل على كبح قوات الحشد الشعبي العراقية، التي تعد أقوى الميليشيات التي تعمل لصالح طهران، والتي تعطل عمل أي حكومة عراقية، وتعد مصدر نفوذ قوي لنظام الملالي، لكن البعض شكك في ذلك وأكد أنها خطوة استعراضية فقط.. فهل ينجح فعلا في مواجهة قوى الشر في بلاده؟
انتهاك القانون
يمكن أن يكون للسياسة الجديدة بعض الزخم بعد التطورات في الأسابيع الأخيرة، فقد تحركت مجموعات الحشد الشعبي المرتبطة بالسلطات الدينية العراقية طواعية نحو سيطرة حكومية أقوى.
في غضون ذلك، تواصل الجماعات المدعومة من إيران مثل كتائب حزب الله «سيئة السمعة» انتهاك المادة الـ9 من الدستور العراقي، التي تحظر النشاط السياسي في القوات المسلحة وتفرض سيطرة مدنية قوية على الجيش.
رسائل عراقية
أهم نقطة يجب أخذها في الاعتبار هي أن «ثأر الله» ليس داخل قوات الحشد الشعبي، ولا يقترب من قوة كتائب حزب الله، وليس لديهم أي صلة مباشرة بالحكومة العراقية، لكنهم يشاركون في آفاق أبو مهدي المهندس، زعيم الميليشيات المدعومة من إيران، الذي قتل في غارة أمريكية بطائرة بدون طيار في 3 يناير.
ووفقا لخبير الحشد الشعبي إينا رودولف، يمكن أن يكون أمر رئيس الوزراء العراقي الجديد للهجوم، «إشارة تهدف إلى تثبيط الاستعانة بمصادر خارجية لأنشطة المقاومة، والتي من شأنها أن تسمح بإبقاء قوة الحشد في حالة جيدة وأنيقة، بينما يلعب الآخرون رأس الحربة ونقل رسائل معينة.»
وبالتالي، يمكن أن تمثل الغارة تحذيرا لميليشيات أخرى أصغرى، مما يمنح رئيس الوزراء بعض النفوذ من خلال خلق حالة من عدم اليقين حول مصير أولئك الذين لا يتبعون أوامر الحكومة.
غرف التعذيب
ذات مرة كانت إيران الوكيل النموذجي، انبثقت نظام آية الله الخميني من مجموعة من الجماعات المعارضة المنافية لصدام حسين في إيران، مثل منظمة بدر، أقدم وكيل إيراني في البلاد، والمجلس الإسلامي الأعلى في العراق (ISCI).
كان «ثأر الله» يدير مع المجلس الأعلى الإسلامي العراقي ائتلافا انتخابيا في 2005، عندما عرف المجلس الأعلى الإسلامي العراقي باسم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق.
بعد الغزو الأمريكي عام 2003، استفادت المجموعة من سياسة إيران المبكرة في العراق المتمثلة في «المراهنة على جميع الخيول»، حيث يشير تقرير للجيش الأمريكي تم تسريبه عام 2005 إلى أن الجماعة متورطة في اغتيال السنة في البصرة، وهي جزء من استراتيجية إيران القاسية في ذلك الوقت لتعزيز السيطرة المهيمنة في جنوب العراق وإزالة أي أثر لأعدائهم السابقين وبالتحديد حزب البعث العراقي، وأفاد جنود بريطانيون في ديسمبر 2003 عن العثور على «غرفة تعذيب» في ثأر الله بالبصرة.
حكاية «ثأر الله»
من غير المستغرب أن تكتيكات المجموعة الوحشية التي تدعى «ثأر الله» أشعلت نيران الحرب الأهلية، حيث لم يساعد هذا الوضع، واعتقد الجيش البريطاني في البداية أن المجموعة كانت مجرد منظمة محلية متطرفة وسط تمرد أكبر بكثير.
وفي أواخر 2007، تلقى «ثأر الله» دعما ماليا إيرانيا، وفقا لتسريبات وزارة الخارجية الأمريكية، جنبا إلى جنب مع مجموعات مثل جيش المهدي المهجور، وأتباع رجل الدين الشعبي مقتدى الصدر، وبحلول ذلك الوقت، كانت البصرة تنهار وسط مجموعة من الميليشيات المتنافسة، وتدير عمليات على غرار المافيا.
فرق الموت
مع فقدان الجيش البريطاني المحتل السيطرة على جنوب العراق، تورطت «ثأر الله» في نزاع شرس مع حزب «الفضيلة» المنافس. كان الكثير على المحك، من السيطرة على مضارب الابتزاز إلى تهريب النفط.
وفي محاولة يائسة لجمع الفصائل المتناحرة، اتفقت الحكومة العراقية والجيش البريطاني على أن يكون الموسوي في لجنة أمن البصرة المشكلة حديثا، على الرغم من تورطه في فرق الموت.
من غير المستغرب أن ينهار الجهد بسرعة، لكنه غائب عن التحقيق البريطاني الرسمي في حرب العراق، وفقا لتقرير تشيلكوت المؤلف من 6000 صفحة، لكن التقرير لا يذكر اللجنة الأمنية الفاشلة التي وصفها في ذلك الوقت اللواء البريطاني السير ريتشارد شيريف بأنها «لم تعد مناسبة للغرض».
تصادم الوكلاء
في هذا الوقت تقريبا يبدو أن المجموعة قد تجاوزت حدودها، ربما لأن إيران أصبحت حذرة من رؤية وكلائها يتصادمون، مما أدى إلى إبطال مشروع طهران للهيمنة السياسية في العراق.
أرسل رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وهو أحد الموالين لإيران، القوات العراقية لاستعادة البصرة من جيش المهدي في عام 2008، فر يوسف الموسوي إلى إيران حيث بقي هناك حتى عام 2014، عندما تشكلت قوات الحشد الشعبي لمحاربة داعش، ولا يعرف الكثير شيئا عن مكانه هناك.
مع حشد الميليشيات الموالية لإيران للحرب، لم يكن الدعم الإيراني قادما من «ثأر الله»، التي كانت غائبة عن المعارك الكبرى مع داعش.
هل بدأت حقبة جديدة؟
أدى يوسف الموسوي إلى إعادة تشكيل نفسه كسياسي حديث ونظيف، وزع صورة تشبه المحاسب أكثر من كونه أمير حرب، تعرض صفحته على فيس بوك مواد حملة لامعة، لكن المنشورات تتعلق كثيرا بالرسالة مع الدعاية الإيرانية، وتلقي باللوم على الولايات المتحدة في الاحتجاجات في جميع أنحاء العراق.
ويبدو أن الموسوي حاول أيضا إعادة بناء الروابط السياسية، مشيدا بزعيم المجلس الأعلى الإسلامي العراقي السابق عمار الحكيم على تأسيس حزب الحكمة الانفصالي، لكن هذه الجهود باءت بالفشل.
وبسبب انقطاع الدعم السياسي، أصبحت ميليشيات ثأر الله هدفا سهلا للحكومة الجديدة، ويبقى السؤال الآن: هل هذه حقبة جديدة لحكم القانون في العراق، كما وعد السيد الكاظمي، أم إنها خطوة رمزية قد لا تردع جماعات مثل كتائب حزب الله؟ فقط الوقت كفيل بإثبات ذلك.
ميليشيات ثأثر الله.. ما هي؟
- حزب صغير مسلح أقرب إلى الميليشيات منه إلى حزب سياسي
- تمتلك الجماعة مكاتب في محافظات عدة ومنها العاصمة بغداد
- تنشط في البصرة وبعض المحافظات الجنوبية، وتعد من الفصائل التي تصف نفسها بـ»المقاومة«
- يتزعم الحركة يوسف سناوي الموسوي، ويرتبط بالمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي
- تأسست كحركة مسلحة عام 1995، وشارك أمينها العام يوسف سناوي في الانتخابات مرات عدة، آخرها 2018 ، لكنه لم يحصل على مقعد نيابي
- تتهم الحركة بأنها مسؤولة عن أعمال مسلحة بين عامي 2006 – 2008، والاستيلاء على سيارات تابعة للدولة وابتزاز شركات أجنبية في الموانئ
- انضمت الجماعة في عام 2008 إلى »البيت الخماسي«، وهو مجموعة سياسية تضم المجلس الأعلى ومنظمة بدر وحركة »سيد الشهداء«
- اعتقل أمينها العام الموسوي في عهد رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي، من قبل قوة خاصة مع ثلاثة من أشقائه
- كان من المتوقع أن تصدر بحقه أحكام تصل إلى الإعدام لكنه غادر السجن بطريقة غامضة، فيما تقول مصادر إن خامنئي توسط للإفراج عنه