أين يا رمضان

تفاعل
تفاعل

الخميس - 30 يونيو 2016

Thu - 30 Jun 2016

يا شهر رمضان أين أرباب القيام؟ أين المجتهدون في جنح الظلام؟ أين الذين يهجرون المنام؟ وتمنوا لو كان رمضان على الدوام، ذهبوا إلاَّ قليلا منهم فعليهم السلام، «كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأَسْحَارِ هم يستغفرون».

بالأمس كنّا نستقبله واليوم نودعه، يودعنا شَهْر الرحمة والغفران شهر القرآن، شهر التعبد، والتهجد، والسكينة، والأمان.

كنت أذهب في أغلب ليالي هذا الشهر الفضيل وقت السحور لأقف على النافذة، كنت أذهب بشوق كما لو أنني على موعد للقاء قريب أو حبيب، معي قهوتي أرتشف منها حينا وحينا آخر أتأمل وأتفكر في بديع هذا الكون، كل يوم أنتظر هذا الموعد، الذي أذهب به لأخاطب ربي، لأتأمل وأغذي قلبي وعقلي، راجية بأن يشفي الله صدري، يوما عن يوم أزداد بصيرة وأوقن أنه لا راحة إلا قرب الله. هو حبيبي هو رفيقي هو وليي ونعم النصير.

سابقا في إحدى ليالي هذا الشهر، الليلة الـ12 تحديدا، كان القمر مكتملا ونسمة الهواء العليلة تلك الليلة كانت تحيي روحي وكأن سعادة وسكينة وراحة كل هذا الكون لا تسعني، ذهبت لأمشي وأكلم نفسي بحكمة الله في خلقه وقضائه وقدره، وكنت أفكر بين الهنيهة والأخرى، ماذا أكتب عن هذا الشهر الفضيل ولم أخرج بفائدة؟

وها أنا في ليلة من العشر الأواخر من رمضان أكتب، قضيت صلاة التهجد أخذت قهوتي وكعادتي ذهبت لأكلم ربي لأحادثه لأشكر نعمه، وأشكو همي ليشفي ما في صدري وييسر أمري، حادثته طويلا، أحسست براحة لم أعهدها من قبل وأحييت روحي بنسمات الهواء، فسبحان من خلق نفسي وسواها فأحسن صنعها، وجعل من نسمة هواء خفيفة تحلق بروحي وتحييها كطائر طليق لا عهد لها لا بحزن ولا بهم، ولا بكسر.

سبحانه ما أبصرت عيني لطفا كلطفه، أنزل القرآن هدى ورحمة، وما ابتلانا إلا ليأجرنا، وما عسر إلا لييسر ويختار الخيرة في جميع أمورنا، هو الغفور الرحيم، هو الغني ونحن الفقراء، إخواني وأخواتي في هذا الشهر الفضيل وهذه الأيام المباركة، دعونا لا نبخل على أنفسنا بتسبيح ولا باستغفار، أو تدبر آيات الله، لا نبخل بتراويح ولا تهجد عسى أن نكون من العتقاء، وننعم بفضل ورضا من الله.

ودعواي في شهر الغفران أن يؤتيني الله وإياكم في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ويقينا -عذاب النار.