عبدالله العلمي

الغرب غير مؤهل لتقييمنا

الأربعاء - 03 يونيو 2020

Wed - 03 Jun 2020

ستظل الأجيال القادمة تتذكر صورة فلويد الأمريكي الأسود وهو يختنق تحت ركبة الشرطي في الأحداث الأخيرة في مينوسوتا بالولايات المتحدة الأمريكية.

الاستغلال الرخيص لمصطلح «الديمقراطية» أصبح الشغل الشاغل لبعض الدول التي تدعي الحضارة والحفاظ على حقوق الإنسان. سجلت الأحداث الأخيرة في مينوسوتا نقطة سوداء «خانقة» من الصعب محوها من الذاكرة، فما زال المواطن الأسود هناك يحلم أنه ربما بين الرصاصة والرصاصة قليل من الأمل.

الغرب غير مؤهل لتقييمنا، كفانا انتفاضا رعبا كلما هدد الغرب بوضعنا في قوائمه السوداء إن لم نطبق شعاراته البراقة. سقطت كل الأقنعة، مشرط العنصرية حاد يحز كل طبقات شعوب العالم «المتحضر» بدون استثناء، ويجب أن لا نقبل أي تقرير من أي دولة أو منظمة تشن الحملات علينا بعد أحداث مينوسوتا الأخيرة.

أين الديمقراطية الغربية في أوروبا حيث تُباع وتُشترى الذمم بالأموال ويتم تزوير الحملات الانتخابية؟ أين الديمقراطية الغربية وفي إسبانيا يعلن الدستور صراحة أن حق الانتخاب محصور في الإسبان الكاثوليك؟ أين الديمقراطية الغربية وفي إيطاليا يعترفون بالكاثوليكية قبل الديمقراطية؟ أين الديمقراطية الغربية وقد كشفت الحقائق والأرقام الخروقات الواضحة في الانتخابات الأمريكية؟

أحداث الأسبوع الماضي في مينوسوتا نسفتْ ما تبقى من صور تجميل الديمقراطية. آمل أن يكون العالم العربي قد تعلم الدرس؛ ما يهم الغرب هو تسويق ديمقراطية مفبركة مقابل استغلال مواردنا الطبيعية. لن نرتعد أو ننتفض خوفا من تقارير «التقييم» المكررة، ولن نركض للإجابة عن أسئلتهم الاستقصائية ولن تخيفنا حملاتهم العدائية.

لن نحتاج للغرب لإعطائنا دروسا في العدل والمساواة، أو ننبطح لنيل أوسمتهم البراقة ومديحهم الخبيث وجوائزهم الرخيصة. الأحداث الأخيرة كشفت طبقة مزيفة للديمقراطية الغربية البلاستيكية. منذ الأزل، وأحذية الشرطة الأمريكية المدججة بالسلاح تتسلق أعناق المواطنين الملونين. اللحاق المتهور بركب الغرب لن يتحقق عبر التقليد الأعمى للديمقراطية الغربية، فالغرب آخر من يحق له إعطاؤنا دروسا في حقوق الإنسان أو محاربة العنصرية.

هذا لا يعني أن نستهتر بكل ما ينتجه الغرب من تقنية ومستجدات علمية، ولكن علينا الإشارة لعنصرية الغرب والتعصب للعرق واللون والجنس، بل والمذهب أحيانا. فقد الغرب (الذي يعتبر نفسه المرجعية لحقوق الإنسان) مصداقيته في التعامل مع الإنسان، فالحرية لا تبدأ باستعباد الآخرين. في الغرب في معظم الأحيان، الحرية بالنسبة للأقليات العرقية غاية لا تُدرك وفرحة مستحيلة.

«لا أستطيع التنفس»، كلمات ثلاث رددها المواطن الأمريكي الأسود فلويد، وربما سيرددها العالم لعدة سنوات قادمة كلما هددت واشنطن بتعليمنا مبادئ الحرية والديمقراطية.

AbdullaAlami1@