لوحة الأحلام

تفاعل
تفاعل

الخميس - 30 يونيو 2016

Thu - 30 Jun 2016

في أحد صباحات نيويورك الصاخبة علقت على طرف أحد شوارع المدينة لوحة سوداء فارغة على رأسها عنوان يبحث عن إجابة من المارة ويفتح سيلا من الأسئلة أمامهم «اكتب أكثر شيء ندمت عليه».

المارة هنا في هذا الشارع من مختلف الطبقات والأعمار، تظهر على ملامحهم علامات الاستغراب ومحاولة مستعجلة لاستحضار جزء من الماضي ليملؤوا فراغ اللوحة أمامهم، ويحاكوا صمتها.

الخوف من الفشل، التردد، محاولة ربط الأشياء ببعضها، عدم إكمال الدراسة الجامعية، عدم محاولتي تحقيق أحلامي، الفوضى في استغلال الوقت، عدم دخولي الطب... كلها أمنيات ليست صعبة التحقيق لكنها تحتاج خطوة وثقة، وحضور الثقة للتقدم خطوة للأمام شرط أساس لتحقيق الحلم مهما كان بسيطا، فالأحلام والأمنيات تتفاوت من شخص لآخر، فالبسيط في نظر غيرك ربما كان صعبا في نظرك والعكس صحيح.

هي معادلة حياتية واضحة، خطوة وثقة مع التحدي تساوي الوصول، البعض ربما في جلسة مصالحة مع الذات تجده يستحضر أمنيات لا تتناسب مع وضعه ويسافر بأحلامه إلى ما لا نهاية يطير في فضاء فارغ دون البحث عن الأسباب، دون تحديد أولويات حياته.

فوضى تتخبط أمامه دون ترتيب، أشبه بأوراق خريف متناثرة يركلها المارة تتطاير بمرور أخف هواء.

آخر واحد مر على اللوحة عامل نظافة تبدو على ملامحه ابتسامة مصطنعة تخفي خلفها انكسارا يصنع ألف سؤال.. يبدو أنه كان يبحث منذ زمن عمن يسأله هذا السؤال، اقترب مسرعا من اللوحة وأمسك بالقلم الأبيض وكتب في جزء من الفراغ «الجلوس في منزلي»! كلمة بسيطة جدا لكن بين أحرفها وملامح كاتبها ألف معنى.

كل هؤلاء الذين مروا وتفاعلوا مع اللوحة الجامدة اتفقوا دون اتفاق على أمر مشترك

«ضياع فرص لم تستغل وكلمات لم تقل وأحلام لم يسع لتحقيقها».

نحن غالبا نكون سببا رئيسا في الفشل بالتردد وعدم وضع الشيء في مكانه الصحيح وترك الحلم يبقى وليد لحظة «مصالحة» يوأد مباشرة بعد ضياع الفكرة، لنتخيل أن كل يوم هو لوحة فارغة ونكتب صباحا كل حلم ربما نندم على عدم السعي خلفه.