الشخصية الكونية
الخميس - 21 مايو 2020
Thu - 21 May 2020
يبدو أن للشمس شخصيتين، الأولى شخصية خاصة تتمثل في سماتها الأصيلة كنجم متوقد يمر بمراحل تطور وسيؤول إلى نهاية محددة، والثانية شخصية كونية عامة تتمثل في السمات المقترحة المهمة التي تبني بينها وبين مجموعتها الشمسية والكونية شراكات، ففي مجموعتها الشمسية تلعب دورا أبويا حاميا، تشارك بالنور والحرارة والمجال المغناطيسي الطارد للأشعة الكونية، ولهذا ستحبها الكواكب ولا تستغني عنها، أما مع مجموعتها الكونية فتتبع منظومة أكبر من منظومتيها الصغرى الداخلية ومجموعتها الشمسية، فهي جزء بحجم حبة الرمل داخل مجرة درب التبانة التي تتحكم في اتجاه ملاحتها الكونية وتجلب لها كثيرا من القلق من المجهول، فهذه تبعية إجبارية ومن الصعب التنبؤ بالمصير الذي تخبئه.
الأنولوجي أعلاه مثال لتصور ما نحن عليه اليوم، فللواحد منا شخصيتان: شخصية خاصة وشخصية كونية.
تركيز المقال على الشخصية الكونية التي تتمثل في السمات المشتركة، التي تجعلنا مقبولين على مستوى واسع ومؤثر، والتي تأخذ الإنسان من نفسه وتضعه في المنتصف بين أن يكون ذاتيا واجتماعيا وسياسيا. فهو في ذاته لديه سمات جينية ودوافع وتطلعات ومصالح، وفي مجموعته الصغرى يسعى إلى التمركز اجتماعيا (بالمشاركة وتقديم الحماية)، وفي مجموعته الكبرى (التبعية الإجبارية) يسعى إلى فهم والتأثير على المجموعات الأخرى سياسيا، ولكونه ضئيلا سيتحفظ ليخفي ضعفه ويستعرض شيئا من قواه، فلا اعتبار لقيمه ومشاركاته الخيرة ما دامت لا تعم، وسيكون صريحا ومباشرا في القبول أو الرفض.
لنأخذ سياق تويتر ونطبق الفكرة التي قدمتها في السطور في الأعلى. ولست أحصرها في تويتر فقط، ولكنه الأنسب كنموذج نجح في إدخال كلا الشخصيتين الخاصة والكونية من كل المجالات المؤثرة وأهمها السياسية إلى ساحته.
قبل تويتر، كانت الشخصية الخاصة هي المتمركزة عند الفرد والمفسرة لسلوكه، والبعض لديه اجتهادات لبلورة الشخصية الاجتماعية في محيط جماعته الصغرى بلعب أدوار أبوية حامية لأفرادها، يشاركهم الخير ويعزز استقرارهم.
أما الشخصية السياسية التي تنشأ لتواجه المجموعات الأخرى داخل المحيط الواحد وتلعب دورا في المصير المشترك، فقد كانت فرصها ضيقة وليست في متناول كل أحد وتعتمد على مدى تقدم ثقافة الفرد ونفوذه الإعلامي.
ولكن عندما جاء تويتر، قفزنا جميعا من الشخصية الذاتية متخطين تجربة الشخصية الاجتماعية المعدومة ودخلنا فجأة في مربع الشخصية الكونية أو السياسية الحادة، بإمكانات ضئيلة، بلا رؤى وثقافة وإعلام وهي جوانب لازمة إن أرادت أن تصمد مدة أطول أمام الشخوص الكونية الأخرى المتربعة مسبقا وأمام المصير المجهول.
وهذا قد يفسر النظرة التي نؤمن بها عن تويتر بأنه ساحة صراع، رغم جهود محبي السلام وصانعي القرارات للتخفيف من حدته وتقريب وجهات النظر والحث على تفهم الآخرين.
ظهرت الشخصية الكونية من فئات اجتماعية عدة ومجالات أدبية وعلمية وإعلامية، وهي دائما تواجه بالرفض في بادئ الأمر من قبل الجماعات الأخرى حتى تثبت أنها ليست خطرة، وذلك بلعب دور أبوي أو حام للمصالح.
سقط الكثير من الشخصيات، وما زالت تسقط رغم تحفظهم الشديد حتى في إظهار أسمائهم وصورهم، لأن الشخصية الكونية التي قفزت عبر تويتر دون تجربة اجتماعية ولا رؤى ولا ثقافة خرجت إلى السطح وانكشفت سريعا مضامينها التي تسير من منطلق مصالح الذات أو مجموعتها الصغيرة على حساب الإنسان والبشرية وإرثها، ولا تلعب أي دور في بلورة الرؤى والاستعداد للمصير المجهول. وسقوطهم
- برأيي - صحي.
hanan_almarhabi@
الأنولوجي أعلاه مثال لتصور ما نحن عليه اليوم، فللواحد منا شخصيتان: شخصية خاصة وشخصية كونية.
تركيز المقال على الشخصية الكونية التي تتمثل في السمات المشتركة، التي تجعلنا مقبولين على مستوى واسع ومؤثر، والتي تأخذ الإنسان من نفسه وتضعه في المنتصف بين أن يكون ذاتيا واجتماعيا وسياسيا. فهو في ذاته لديه سمات جينية ودوافع وتطلعات ومصالح، وفي مجموعته الصغرى يسعى إلى التمركز اجتماعيا (بالمشاركة وتقديم الحماية)، وفي مجموعته الكبرى (التبعية الإجبارية) يسعى إلى فهم والتأثير على المجموعات الأخرى سياسيا، ولكونه ضئيلا سيتحفظ ليخفي ضعفه ويستعرض شيئا من قواه، فلا اعتبار لقيمه ومشاركاته الخيرة ما دامت لا تعم، وسيكون صريحا ومباشرا في القبول أو الرفض.
لنأخذ سياق تويتر ونطبق الفكرة التي قدمتها في السطور في الأعلى. ولست أحصرها في تويتر فقط، ولكنه الأنسب كنموذج نجح في إدخال كلا الشخصيتين الخاصة والكونية من كل المجالات المؤثرة وأهمها السياسية إلى ساحته.
قبل تويتر، كانت الشخصية الخاصة هي المتمركزة عند الفرد والمفسرة لسلوكه، والبعض لديه اجتهادات لبلورة الشخصية الاجتماعية في محيط جماعته الصغرى بلعب أدوار أبوية حامية لأفرادها، يشاركهم الخير ويعزز استقرارهم.
أما الشخصية السياسية التي تنشأ لتواجه المجموعات الأخرى داخل المحيط الواحد وتلعب دورا في المصير المشترك، فقد كانت فرصها ضيقة وليست في متناول كل أحد وتعتمد على مدى تقدم ثقافة الفرد ونفوذه الإعلامي.
ولكن عندما جاء تويتر، قفزنا جميعا من الشخصية الذاتية متخطين تجربة الشخصية الاجتماعية المعدومة ودخلنا فجأة في مربع الشخصية الكونية أو السياسية الحادة، بإمكانات ضئيلة، بلا رؤى وثقافة وإعلام وهي جوانب لازمة إن أرادت أن تصمد مدة أطول أمام الشخوص الكونية الأخرى المتربعة مسبقا وأمام المصير المجهول.
وهذا قد يفسر النظرة التي نؤمن بها عن تويتر بأنه ساحة صراع، رغم جهود محبي السلام وصانعي القرارات للتخفيف من حدته وتقريب وجهات النظر والحث على تفهم الآخرين.
ظهرت الشخصية الكونية من فئات اجتماعية عدة ومجالات أدبية وعلمية وإعلامية، وهي دائما تواجه بالرفض في بادئ الأمر من قبل الجماعات الأخرى حتى تثبت أنها ليست خطرة، وذلك بلعب دور أبوي أو حام للمصالح.
سقط الكثير من الشخصيات، وما زالت تسقط رغم تحفظهم الشديد حتى في إظهار أسمائهم وصورهم، لأن الشخصية الكونية التي قفزت عبر تويتر دون تجربة اجتماعية ولا رؤى ولا ثقافة خرجت إلى السطح وانكشفت سريعا مضامينها التي تسير من منطلق مصالح الذات أو مجموعتها الصغيرة على حساب الإنسان والبشرية وإرثها، ولا تلعب أي دور في بلورة الرؤى والاستعداد للمصير المجهول. وسقوطهم
- برأيي - صحي.
hanan_almarhabi@