نور عادل حكيم

لا تخافوا لا تقلقوا.. كونوا بأمان

الأربعاء - 20 مايو 2020

Wed - 20 May 2020

لعل كثيرا منا يبحث عن السبل التي تقوي جهاز المناعة ضد فيروس كورونا المستجد، وكثير منا يجهل أن الخوف والقلق يضعفان جهاز المناعة.

لقد ألقت الدراسات الصحية الضوء على الضرر الوخيم العائد من القلق والتوتر فيما يخص تأثيرهما المباشر على الجهاز المناعي، هذه العلاقة اكتُشفت منذ أربعة عقود عندما لاحظ بعض الباحثين تدهور دور المناعة لدى طلاب الطب سنويا، بسبب ضغوطات بسيطة بتأثير ثلاثة أيام متتالية من الاختبارات، حيث كانت لديهم القليل من الخلايا الدفاعية ضد الالتهابات مقارنة عن المعتاد، ومن ثم تبعت هذه الملاحظة مئات الدراسات التي أجريت حول علاقة التوتر السلبية على صحة الإنسان، وأثبتت التجارب السريرية أن القلق حتى ولو لمدة دقائق كفيل بإظهار علامات أولية لضعف المناعة.

وأن القلق لمدة طويلة تستمر لأيام أو أشهر يؤدي إلى استجابة ضعيفة من قبل الخلايا اللمفاوية ضد البكتيريا والفيروسات.

وتثبت الأبحاث أيضا أن كبار السن والأشخاص ذوي الأمراض المزمنة لديهم استجابة أضعف من غيرهم، وذلك يعود لنسبة القلق والتوتر الذي يواجهونه خلال فترة علاجهم.

كل ذلك يحدث في جسم الإنسان عندما يقلق ويتوتر يفرز هرمونا منشطا يسمى الكورتيكوستيرويد «corticosteroid»، والذي له أثر في إعاقة دور جهاز المناعة بتقليل عدد الخلايا الدفاعية، والتي لها دور هام في إنتاج الأجسام المضادة للقضاء على الأجسام الضارة ومهاجمة الأجزاء المصابة والقضاء على تطورها.

بالإضافة إلى الضرر السلوكي غير الصحي المصاحب للقلق والتوتر كالتدخين لمحاولة التقليل من التوتر وأثره السلبي مع ذلك كله.

كما أن القلق والتوتر يسببان مشاكل في الجهاز الهضمي المؤدية للقرحة بسبب خلل وزيادة في إفراز هرمون أدرينالين، ويزيد القلق والتوتر الجهد على الدورة الدموية بسبب زيادة دقات القلب وزيادة ضغط الدم الضار تحديدا لجهاز المناعة.

ومن المثير للذهول نتائج بحث أمريكي على طلاب سنة أولى في الجامعة، حيث تتبعوا مشاعرهم يوميا وقاسوا هرمون الكورتيزول لمحاولة تحديد نسبة القلق، ووجدوا أن العزلة وقلة التواصل الاجتماعي كانا كفيلين بإضعاف الجهاز المناعي، والذي يعود سببه للاكتئاب والحزن.

يجب علينا ضرورة العمل بما وسعنا للتخفيف من القلق والخوف لحماية أنفسنا، بقضاء الوقت في الأعمال الممتعة والمفضلة التي تناسب ميولنا الشخصية، واستخدام سبل التواصل الاجتماعي للتواصل مع الأهل والأصدقاء.

ولا ننسى دور الغذاء السليم المتوازن الفعال في التخفيف من القلق والخوف، حيث إن تناول المكسرات على سبيل المثال التي تحتوي على المعادن كالسيلينيوم والدهون الجيدة الموجودة في الجوز البرازيلي واللوز وحبوب دوار الشمس مفيدة لتخفيف القلق، وكذلك الأسماك الطازجة لاحتوائها على الدهون المغذية للدماغ تحت مسمى (EPA) (DHA)، وفيتامين (د) المثبت علميا لتقليل القلق الذاتي، أما الشكولاتة الداكنة فتحتوي على مادة الفليفونويد التي لها دور في تقليل التهاب الأعصاب وتحسين تدفق الدم في الدماغ، كما أنه يحتوي على كمية عالية من التريبتوفان (حمض أميني أساسي) الذي يحوله الجسم إلى الناقلات العصبية المعززة للمزاج، مثل السيروتونين في الدماغ.

ولا مانع من تناول الطعام المريح للنفس باعتدال، فالبعض منا يلاحظ الارتياح بعد تناول الأطعمة المقرمشة أو الحلوى أو القهوة، فالعلاقة بين الطعام والراحة النفسية واضحة في كثير من الأبحاث، حيث إن الأطعمة المستساغة والممتعة كفيلة بتقليل التوتر.

كما ينبغي لنا تفادي الأمور التي تثير القلق والخوف أو الصدمات المباشرة مع أي كان، ومراعاة ذلك مع الأطفال وكبار السن وجميع من حولنا. ولا ننسى اتباع الإرشادات الموصى بها بعدم مخالطة الناس والتزام الحجر المنزلي واتباع وسائل النظافة العامة، ولا ننسى وصية نبينا الكريم الذي لا ينطق عن الهوى لأحد أصحابه حين قال له يوصيه «لا تغضب» وكررها مرارا، هذه الوصية كافية وكفيلة بتجنيبنا كثيرا من الهموم والأمراض التي لا تحمد عقباها، حمانا الله وإياكم من كل مكروه.

@DrNoorHakim