محمد أحمد بابا

الدعاء الثابت ومتغيرات الطلب

الاثنين - 18 مايو 2020

Mon - 18 May 2020

الثابت أن الله قريب من دعاء من دعاه يسأله من أعطياته، لأن ذلك من تحقيق العبودية لله تعالى وهو أساس الألوهية حين يدعو العبد ربه موقنا بأن الله تعالى هو صاحب القدرة والتصريف في هذا الكون.

وثبت أن القرآن العظيم أورد من صيغ الدعوات الكثير على لسان الرسل والأنبياء عليهم صلوات ربي وسلامه، وعلى لسان مؤمنين وصالحين على مر العصور والأزمان، وأعقب ذلك بأن الله جل وعلا استجاب لهم بما دعوا في إشارة واضحة إلى أن الإجابة تعلقت بذلك الدعاء، ليثبت أن قولهم ذلك له من الفضل عند الله ما استحق أن يرد كآيات قرآنية اشتملت على أنها من كلام الله وعلى أنها أسلوب دعاء مستجاب.

والثابت أيضا أن الله أمرنا بالدعاء فقال (ادعوني أستجب لكم) وما هذا الأمر إلا من أوامر التوحيد والعبادة في آن واحد، لا يمكن أن نحصره في الحكم على الاستجابة في حق أحد دون أحد، لأن المتحكم في ذلك الله وحده وهو لا يسأل عما يفعل ونحن نُسأل.

والمتغيّر ما يلزم من انتشار هذا الدين شرقا وغربا وفي كل أرجاء هذا الكون، وانخراط كثيرين في الإسلام من أصحاب علوم وثقافات ولغات تختلف عن بعضها البعض، وعطفا على ذلك فإن مطالب الناس وحاجاتهم اختلفت عن زمن سبق رغم عودتها لأساس واحد في العموم، وحين يتأكد المسلم بل الإنسان بأن الله تعالى أقرب للإنسان من نفسه، وأنه يعلم السر وأخفى ويجيب دعوة الداعي إذا دعاه فإنه بذلك يكون ذَا خاطر مستقيم تجاه تلفظه بدعاء يدعو الله به مهما كانت لغته أو صيغته أو ترتيبه.

وما تغير في الدعاء العلني الذي يؤمن عليه المجموع في صلوات أو خطب جمعة وغيرها إلا تبعا لذلك، وحسب اعتقادي أن غالبه في الطريق الموغل في الافتيات على الله تعالى، لأن الدعاء خطاب موجه لله وليس خطاب دعوة موجه للمماثلين أو المخالفين بحيث ينحرف يمينا أو شمالا بتفصيل تفصيل وتنسيق سجع وترتيب مذكورين، وكأن من يسمع الدعاء لا يعلم حالا - معاذ الله عن ذلك.

فالظاهر أنه لو تغير الزمان والمكان يبقى الأصل بأن الدعاء طلب ذو مسلكين: أولهما صيغ وردت وثانيهما قلوب تدعو بما شاءت حين انفردت.

albabamohamad@