مشاعل الغريبي

الإيجابية المقاومة لفظاعة كورونا

الأربعاء - 13 مايو 2020

Wed - 13 May 2020

مدن لا تنام، مزدحمة ومكتظة بنموها السكاني، والسياح الذين يتجولون في شتى أنحائها يمرحون ويكتشفون أماكنها، وأصوات الفرح تعلوها والناس فرحون مسرورون.

فجأة دون سابق إنذار انطفأت هذه المدن واحدة تلو أخرى، فأصبحت شوارعها وأماكنها المبهجة خالية من مرتاديها، والناس رجعوا إلى بيوتهم يمكثون، نعم البيوت! تلك التي افتقدت أنستهم لأنهم كانوا لا يقضون فيها يوما كاملا، وكانت مكانا للأكل والنوم فقط وليست أكثر من ذلك!

والسبب ما هو يا ترى! شيء صغير لا يرى بالعين المجردة إنه فيروس كورونا، الضيف غير المرحب به الذي تضيف على حساب العالم أجمع!

تلك المدن أخذت إجراءاتها الاحتياطية الاحترازية، ونفذت ما يلزم من منع الدخول والخروج إلا بأوقات محددة ومعايير محددة! لتحقيق التباعد الاجتماعي أفضل حل لمنع هذا الضيف الثقيل - الذي أجمع الناس على مقته - من التفشي والانتشار.

نحن نقطن في إحدى المدن المبهجة التي نامت وانطفأت على غفلة منا، نشاهد كل يوم ونستمع إلى مؤشرات الإصابات بهذا الفيروس ومعدلات التماثل للشفاء والوفاة، تتأثر نفوسنا بذلك لكنها قطعا تزيدنا احترازا وامتثالا للتعليمات والتوجيهات.

ورغم كل شيء، إلا أن لهذا الضيف الكريه إيجابيات عديدة حصلت دون دراية منه، ولا يمكننا حصرها، فضروب الأمثال حارت بين الناس الذين امتلكوا وقتا أكثر ليأنسوا ويستأنسوا في بيوتهم.

فهناك الذين باتوا يتأملون في تفاصيل حياتهم أكثر ليحددوا ماهية الأولويات بالنسبة لهم، ولا نغفل عن تلك العائلات التي لا تجتمع على وجبة واحدة في منازلها ثم أصبحت تجتمع على ثلاث وجبات.

وماذا عن ذلك الأب المنشغل عن عائلته؛ بحجة أنه لا يستطيع فهم جميع أفراد عائلته ومتطلباتهم تاركا هذا العبء على شريكته؟ نجده اقترب لهم أكثر وتفهمهم، في الوقت نفسه تلك الفتاة التي تعلم أنها تملك موهبة ومهارات لكنها أغفلتها ولم تعطها حقها ولم تكترث لأن تظهرها للعلن، اليوم هي فخوره بذاتها لأنها تفرغت تماما لما تملك من مواهب وطورت من نفسها، واكتشفت إرث ذاتها.

والأعمال التي لا تنتهي سابقا ولا يمكن إنجازها دون الذهاب لمقر العمل لساعات متعددة، ها هي اليوم تنجز عبر الانترنت دون عناء وفي أي وقت وبكل إخلاص، والغافلون من هم في بعد عن الله على الرغم من إغلاق بيوت الله احترازا، بيد أنهم أزاحوا غفلتهم واستبدلوها بالتقرب أكثر من رب العباد، وزادوا حصيلة أعمالهم الصالحة، والأسرة التي لا تعلم أن أفرادها يمتلكون حس الفكاهة تلاشت عنهم الأجواء السلبية شيئا فشيئا.

كورونا على الرغم من فظاعتك وسلبياتك، وامتعاضنا منك، ومآسيك التي نشرتها في شتى أنحاء المعمورةن إلا أنه كانت لك إيجابية تزداد بين حين وآخر لتقاوم تأثيرك!