ماجد الحربي

وباء الفكر

الثلاثاء - 12 مايو 2020

Tue - 12 May 2020

إن من المفاهيم الزائفة للانتماء الأعمى والتعصب العنصري الذي ليس له تفسير سوى أنه مذهب قائم على التفرقة والخوف من عدم الاستقرار من الطرف الآخر، بداية من حمل الأفكار الواهمة التي بأسبابها تقفل أبواب العدل والصدق وانعدام المروءة، ونهاية بتفكك روابط المجتمع وتدميره وتمزقه وتراجعه بسبب التعصب العنصري والانتماء الأعمى الذي يغيب العقل ويهدر كرامة الإنسان ومبادئه الفطرية في العدل والصدق.

فبقدر ما يكون الانتماء مطلبا إنسانيا للصدق والوفاء بانتماء فطري يعكس حضارة الإنسان ويظهر من خلاله سلوكه الإيجابي في تحسين صورة ما ينمتي إليه، يكون خطرا هداما للمجتمع بانتماء أعمى يعكس من خلاله سلوك الجهل والتخلف وتشويه صورة ما ينتمي له، بالانحياز لكل ما ينتمي إليه، سواء من خير وشر أو حق وباطل، ولا يمكن أن يكون هذا المفهوم الجاهلي مختارا بالإرادة، بل مكتسب من بيئة حاضنة لهذا الفكر المتجرد تماما من جميع القيم الأخلاقية والإنسانية في التعاطي مع الميول العنصري ضد مخالفيه.

لقد جاء القرآن الكريم ليدلنا بقولة تعالى "يا أيها الناس أنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، فدلت الآية الكريمة على أن الله عز وجل أوجد بيننا تلك الفوارق العرقية والثقافية والفكرية لنتعرف عليها ونتعايش، لا لنجعلها سببا للتفرقة والاستعلاء وحمل الأحقاد وتوريث فكرها، فالثروة الحقيقية للبشر هو بالتنوع والاختلاف وليس بالتوافق والتشابه.

إن النفس البشرية بالفطرة التي خُلقت عليها لا تقبل حمل الأفكار الموروثة والعقل المُتفكر يُصحح ولا يتبع، فتبعية الفكر وتعطيل العقل وتأجير الرأي والاكتفاء بالغير لصنع القناعات وتشكيل الانتماءات هو عبودية للفكر وفقدان للكرامة وإهانة للذات.

لا زالت الدلائل الكونية تبين لنا أن الظواهر المجتمعية لها عمر افتراضي ينتهي بثقافة المجتمع وتطوره الفكري على امتداد العصور، إلا أن هذه الظاهرة ما زالت تهمة معمرة منذ عقود يتبادلها الجميع ضد الجميع، تغلغلت بالعقول والقلوب، وحجبت عنا رؤية الثروة الحقيقية بالاختلاف الذي خلقه الله عز وجل بيننا وفرق بيننا بالطبيعة.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال