خبيران: القرارات المالية لحماية مستقبل الاقتصاد جاءت أقل حدة من التوقعات

الاثنين - 11 مايو 2020

Mon - 11 May 2020

أكد خبيران اقتصاديان أن القرارات الإضافية التي أعلن عنها وزير المالية مساء أمس الأول، والتي تضمنت وقف بدل الغلاء ورفع الضريبة المضافة بهدف الحد من تفاقم الآثار السلبية لكورونا، تصب في صالح حماية الاقتصاد في المستقبل رغم ألمها في الفترة الحالية، مشيرين إلى أن القرارات الصعبة تحافظ على القوة المالية للدولة، مما يعطي الفرصة للعودة للنمو بدلا من الدخول في كساد.

وأوضحا أن القرارات المتخذة أقل حدة وأقل مما طالب به المختصون وما تحدث عنه وزير المالية، إذ لم تلجأ الدولة إلى خفض علاوات أو رواتب الموظفين، كما كان يقترح كثير من الاقتصاديين وكما توقعت صحف أجنبية.

وأشارا إلى أن بدل غلاء المعيشة موقت، وليس دائما، وكان في وقت كانت مستويات التضخم عالية، وقد انتفى الغرض من البدل حاليا.

وذكرا أنه رغم رفع القيمة المضافة إلى 15% إلا أن السوق مفتوحة وبإمكان المواطن اختيار ما يتناسب مع طريقة إنفاقه، كما أن القرارات راعت عدم تأثر الأسر الضمانية والمستفيدين من شبكة الحماية الاجتماعية.

ولفتا إلى أنه رغم الأزمات التي مرت على المملكة خلال السنوات والعقود الماضية، إلا أن الحكومة ظلت ملتزمة بالوفاء برواتب وبدلات موظفيها، فجميع الموظفين يستلمون رواتبهم كاملة بالرغم من عدم ذهابهم لأعمالهم. كما تحملت الحكومة الكلفة الأكبر منذ بدء جائحة فيروس كورونا، لتخفيف أثر الجائحة على القطاع الخاص، والمحافظة على رواتب الموظفين فيه.

حساب المواطن يخففها

وقال الخبير الاقتصادي وعضو مجلس الشورى الدكتور سعيد الشيخ إن القرارات المتمثلة في زيادة ضريبة القيمة المضافة إلى 15%‏ وكذلك إلغاء بدل غلاء المعيشة، تعد قرارات صعبة تؤثر على عموم المواطنين، إلا أن استمرار العمل بحساب المواطن سوف يخفف من آثار هذه الإجراءات على فئة المواطنين من ذوي الدخل المحدود، كما أنه من المتوقع أن تؤدي هذه الإجراءات إلى التحول في أنماط الاستهلاك إلى البدائل الأقل سعرا، وإلى ترشيد الاستهلاك من قبل المستهلكين، فالسوق مفتوحة وبإمكان المواطن اختيار ما يتناسب مع طريقة إنفاقه.








سعيد الشيخ
سعيد الشيخ



وأوضح أنه في جانب العرض، ومع انخفاض الطلب، فإن المنتجين -من أجل المحافظة على مستويات معينة من المبيعات لإبقاء النشاط- فسوف يعمدون إلى خفض مصاريف التشغيل وتقليل هوامش الربح، وبالتالي خفض الأسعار، مما سوف يخفف من التأثير على المستهلكين.

خطوات مهمة للتوازن

وبين الشيخ أن هذه الإجراءات تأتي في سياق التحديات الكبيرة التي تواجهها المالية العامة، وذلك إثر الانخفاض الحاد في أسعار النفط، والتي من المتوقع أن تؤدي إلى تراجع الإيرادات النفطية بنحو 45% من المستوى الذي تم تقديره في ميزانية 2020، ولذا فإن عملية الموازنة ما بين خفض النفقات الحكومية وزيادة إيرادات الدولة غير النفطية ببعض الإجراءات من ناحية، مع دعم مؤسسات القطاع الخاص التي تأثرت بالإجراءات الاحترازية لوباء كورونا، وتمويل العجز المالي بمستويات معقولة من الاستدانة، من خلال إصدار السندات، بحيث لا تحمل الدولة التزامات كبيرة جدا في السنوات المقبلة مع المحافظة في ذات الوقت على مستوى مناسب من الاحتياطات الأجنبية لحماية الريال السعودي من المضاربات على خفض قيمته مقابل الدولار من ناحية أخرى، وكذلك ضمان استمرار القدرة على الاستدانة من الأسواق المحلية والدولية مستقبلا بالخصوص بأسعار فائدة معقولة، كل هذه تمثل أمورا في غاية الصعوبة والتعقيد، وتمثل هذه الترتيبات مجتمعة خطوات مهمة جدا في تحقيق التوازن بين الاستدامة المالية من ناحية وحماية الاقتصاد من الركود وأخطار تبعات الركود من ارتفاع البطالة وإفلاس الشركات وانخفاض الدخل لجميع الفئات من ناحية أخرى.

أقل من التوقعات

وأوضح المحلل الاقتصادي فضل البوعينين أن الأزمات المالية والاقتصادية تفرض على الحكومة اتخاذ قرارات صعبة للحد من التداعيات، وهي وإن كانت غير محببة للحكومة إلا أن تداعياتها تفرض اتخاذها وبشكل عاجل للحد من انعكاساتها السلبية، فانخفاض الدخل بنسبة 50% وانهيار أسعار النفط بنسبة 66% أثرت في المالية العامة، وفرضت على الحكومة اتخاذ قرارات للحد من التداعيات وضمان اختصار زمن التعافي، وخاصة أن فترة أزمة كورونا لا أحد يستطيع التكهن بمداها.








فضل البوعينين
فضل البوعينين



وأضاف، أنه برغم ضخامة التداعيات إلا أن القرارات المتخذة أقل حدة وأقل مما طالب به المختصون وما تحدث عنه وزير المالية، وهذا يؤكد على اتخاذ القرارات الأقل ضررا على المواطنين، مع ضمان عدم تأثر منظومة الحماية الاجتماعية والأسر المحتاجة بالقرارات، بل إن خادم الحرمين الشريفين وجه بإنفاق 1.8 مليار ريال لمستفيدي الضمان الاجتماعي من خارج مصاريف الزكاة.

حماية المالية العامة

وأشار البوعينين إلى أن ما تم اتخاذه من قرارات صارمة هي من أجل حماية مستقبل الاقتصاد والمالية العامة خير من ترك الأمور على عواهنها وبما يتسبب في أضرار فادحة تتسبب في كساد مستدام وزيادة معدلات البطالة وأضرار لا يمكن التعامل معها، كما أن التضحية بالإصلاحات المهمة التي تم تحقيقها خلال الخمس سنوات الماضية أمر لا يمكن القبول به؛ وهو ما سيحدث لا محالة لو لم تتخذ الحكومة قرارات خفض الإنفاق.

لا حاجة لبدل الغلاء

وذكر أن من المهم الإشارة إلى أن بدل غلاء المعيشة من البدلات غير المستدامة التي تخضع للمتغيرات المالية، كما أنه مرتبط بالتضخم الذي بدأ بالانخفاض أخيرا، مختتما الحديث بأن الحكومة أثبتت من خلال الأزمات السابقة التزامها بالوفاء برواتب وبدلات موظفيها، بل إنها تدفع الرواتب كاملة بالرغم من تعليق الأعمال، وهذا أمر لافت ولا شك ويتطلب تفهما من المواطنين الذين يفترض أن يكونوا سندا للحكومة في هذه الأزمة المؤثرة، وحتى الخروج منها بإذن الله.

أبرز ما اتفق عليه الاقتصاديان:


  • القرارات الصعبة تحافظ على القوة المالية للدولة وتدعم العودة للنمو بدلا من الدخول في كساد

  • تعد القرارات الأقل حدة رغم ضخامة التداعيات التي خلفتها كورونا، حيث اختارت أخفها ضررا على مواطنيها

  • غلاء المعيشة بدل موقت وليس دائما، وكان في وقت لمواجهة مستويات التضخم العالية، وقد انتفى الغرض منه حاليا

  • رغم رفع القيمة المضافة إلى 15% إلا أن السوق مفتوحة وبإمكان المواطن اختيار ما يتناسب مع طريقة إنفاقه

  • العالم كله يعيش في أزمة اقتصادية، والسعودية جزء من العالم، ومن الطبيعي أن تتخذ إجراءات لمواجهتها

  • الحكومة ظلت ملتزمة بالوفاء برواتب وبدلات موظفيها، فجميع الموظفين يستلمون رواتبهم كاملة بالرغم من عدم ذهابهم لأعمالهم

  • الحكومة تحملت الكلفة الأكبر منذ بدء جائحة فيروس كورونا، لتخفيف أثر الجائحة على القطاع الخاص والموظفين فيه

  • القرارات الاقتصادية راعت عدم تأثر الأسر الضمانية والمستفيدين من شبكة الحماية الاجتماعية

  • رغم كل التوقعات، بما فيها توقع وزير المالية بأن الدولة قد تلجأ إلى قرارات مؤلمة، إلا أنها على أرض الواقع خالفت كل ذلك