كيف يستفيد العالم من أزمة كورونا لمواجهة الأوبئة مستقبلا؟

الاحد - 10 مايو 2020

Sun - 10 May 2020

في حين تسببت جائحة فيروس كورونا المستجد في خسائر فادحة على جميع الأصعدة البشرية والاقتصادية وحتى الاجتماعية للعديد من الدول في العالم، أجمع خبراء تحدثوا لـ«مكة» على أهمية الاستفادة من الجائحة في المستقبل لتجاوز مثل هذه الأزمات من خلال التأهب والجاهزية، وتساءلوا كيف يمكن للعالم أن يكافح أي وباء آخر مستقبلا بصورة أفضل؟

وقال أستاذ كلية الطب بجامعة الملك سعود الدكتور مازن حسنين إن الأنظمة العالمية تتطلب أن تكون على كامل الاستعداد لمواجهة الأوبئة، ولكن شركات كبرى قليلة في العالم تحتكر تصنيع تجهيزات المستشفيات والأجهزة الطبية واللقاحات وتعتمد في تجارتها على إنتاج كميات كبيرة من منتجاتها بأسعار منخفضة تضمن به السوق العالمي، كما تسوق بالدعاية لنفسها أنها قادرة على تلبية الاحتياج أيا كان، هذا جعل كثيرا من الدول تعتمد على الاستيراد على حساب توطين هذه الصناعات على أراضيها، لأنها اعتمدت توفر معياري التكلفة المنخفضة والجودة. وأغفلت معايير أنه عند الأزمات فحتى كبرى الشركات لن تستطيع تغطية ارتفاع الطلب من جهات عديدة، وحتى إن تمكنت ستمنعها صعوبات أخرى كإغلاق الحدود بين الدول ونقص الأيدي العاملة بسبب تدابير الحجر وغير ذلك.

تعلم الدروس

وشدد حسنين على أن العالم بحاجة ليتعلم الدروس التي استفادها من الجائحة السابقة، كما حصل قبل 102 سنة من الإنفلونزا الإسبانية، فتوطين الصناعات الطبية الدوائية، والأمن الغذائي هو جزء من الأمن الوطني، كما هو الأمن العسكري، لابد أن يكون البلد جاهزا لأي طارئ وقادرا على سد احتياجاته بذاته، مبينا أن توطين الصناعات الطبية مكلف لا سيما في البداية، لأنه سيكون تأسيسا وبناء، إلا أن مردوده المستقبلي مجد بناء على أصعدة اقتصادية، منها خلق فرص وظيفية كبيرة للمواطنين، وتختلف متطلبات كل صناعة عن الأخرى، فمثلا التصنيع الدوائي سيحتاج إلى مراكز الأبحاث وتطوير الأدوية، ومراكز اختبار للأدوية ومراكز تصنيع لها، كما أنه لابد أن تقع تحت مظلة تنظيمية، تضمن سير المشاريع وفق الخطط التي ستوضع لها وتمنح تداخل المهام والازدواجية.

استراتيجية طبية

من جانبه أوضح مدير مركز الاقتصاد المعرفي ونقل التقنية بجامعة الملك عبدالعزيز ماجد نور أن الدروس التي يجب على جميع الدول تعلمها من الجائحة لها جانبان، فعلى المدى القصير، لابد من تقييم استعدادات القطاع الطبي، وتوقع الاحتياج الحقيقي من الأجهزة، فعادة يتم تقييم حاجة مستشفى ما من الأجهزة الطبية بحسب حجمه وعدد الأسرة فيه، غير أن هذه الجائحة رفعت الحاجة لأجهزة التنفس بشكل فاق الطاقة الاستيعابية، كما أن شركات تصنيع أجهزة التنفس أصبح إنتاجها محجوزا لأشهر وبعض الدول منعت عن تصدير أنواع الأجهزة والمستلزمات للحاجة مما أدى لإلغاء بعض الطلبيات.








ماجد نور
ماجد نور



وأضاف بأن هذا يعزز حاجتنا الماسة لتوطين صناعات الأجهزة الطبية والدوائية والمخبرية الأكثر أهمية، حيثم يجري تحديد أيها ذات أولوية لتوطين صناعته بناء على حجم الطلب، وكذلك أهميته الاستراتيجية، مشيرا إلى وجود حاجة لباحثين متفرغين يكون البحث العلمي عملهم الأساس، وإلى هيئة مستقلة تراقب ذلك وتنظمه وتوحد الجهود، وتكون أولية مراكز الأبحاث في الجامعات بناء على قوة البنية التحتية وخبرات الجامعة واحتياج الموقع الجغرافي الذي توجد فيه وتوجهات الدولة ورؤيتها.

مرجعية ذات موثوقية

وأكد الباحث والمدرب في سلامة المرضى سلطان المطيري أن تعامل منظمة الصحة العالمية مع الجائحة كان له تأثير على ثقة العالم فيها، إذ ينظر إليها الكثير بأنها المرجع لجميع الدول فيما يتعلق بالصحة، مبينا أنه في بداية ظهور الفيروس تضاربت المعلومات بخصوص ظهوره وطريقة انتقاله، ومع تضارب المعلومات توجهت أنظار العالم إلى المرجع العالمي، وهو منظمة الصحة العالمية كمصدر موثوق إلا أن الأخبار الصادرة منها تباينت وكان لها تأثير سلبي على الجائحة، فلم تعلن المنظمة في يناير الماضي، كما أنها نشرت تغريدة على حسابها في تويتر في 14 يناير ذكرت فيها «لا يوجد دليل واضح على أن فيروس كورونا الذي بدأ في اجتياح ووهان الصينية قادر على الانتقال بين البشر»، ولكن ومع انتشار الفيروس وإصابة العديد من الناس تأكد العالم من عدم صحة هذه المعلومة، ورغم ذلك استمرت المنظمة في تقديم معلومات مغلوطة حيث إنه وبعد أيام من تلك التغريدة، وبعد تسجيل 41 إصابة بكورونا، نشرت المنظمة معلومة وهي أنه «ربما كان هناك انتقال محدود من شخص لآخر».








سلطان المطيري
سلطان المطيري



وبين المطيري أنه من غير المعروف سبب نشر المنظمة لمعلومات غير صحيحة، الأمر الذي كان له دور في انتشار الوباء بسبب الاستهانة بخطورته، يجب أن تكون الصحة العالمية المصدر الأول والأسرع والأكثر ثقة فيما يتعلق بأي مشكلة تهدد صحة الإنسان في العالم وهذا يتطلب منها التعاون مع مراكز ومنظمات وجامعات في عدد من دول العالم والتي يعمل بها خبراء في أبحاث الرعاية الصحية خصوصا في أبحاث الأمراض المعدية وتشجيع الخبراء على تنفيذ أبحاث تحت مظلة منظمة الصحة العالمية، وذلك عند بداية ظهور وباء جديد لمعرفة أسبابه وطرق انتقاله والإجراءات المتعلقة بالحد منه أو إيقافه، وبالتالي فإن المنظمة ستقدم معلومات مبكرة وموحدة وتحذيرات استباقية، كما أنها سوف توحد كل نتائج الأبحاث المتعلقة بالوباء على مستوى العالم.