عبدالله العولقي

العراق وحكومته الجديدة

السبت - 09 مايو 2020

Sat - 09 May 2020

رحبت الهيئات الدولية وحكومات العالم بما فيها الدول العربية والخليجية بإقرار البرلمان العراقي الحكومة الجديدة التي تقدم بها رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي، بعد فراغ إداري وحكومي في بغداد ظل لأكثر من خمسة أشهر ماضية.

يظل التحدي الأكبر أمام رئيس الوزراء الكاظمي هو عزل إيران وأجندتها الطائفية عن وطنه العراق، حتى يتمكن من تدشين وإقامة مشاريع النهوض والتنمية، وقد عبر الكاظمي مبكرا عن رغبته في تحجيم الدور الإيراني، وهذا هو سر هجوم الأذرع الإيرانية المتواطئة مع طهران وعلى رأسها كتائب حزب الله التي رفضت تكليف الكاظمي بإدارة الحكومة، وعبرت في بيانها الرسمي عن إحساسها بالخطر تجاهه.

ربما تكون أول خطوة ينتهجها الكاظمي ترتكز على تهدئة الشارع العراقي وإقناعه بأداء الحكومة، وصعوبة هذه المهمة تنبثق في جوهرها من انعدامية الثقة بين العراقيين والحكومات المتعاقبة في عاصمتهم بغداد، فكل الوعود الإنتخابية السابقة والبرامج التنموية قد ذهبت أدراج الرياح، ولهذا سيحرص الكاظمي على إيجاد وخلق بيئة الثقة بين حكومته والشارع العراقي، ولا شك أنها مهمة صعبة جدا في ظل ظروف الجائحة الكورونية.

استطلاعات الرأي العراقي تعكس شيئا من التفاؤل النسبي تجاه الكاظمي، فالرجل قادم إلى عالم السياسة من البوابة الأمنية والعسكرية، والشأن العراقي الآن في حاجة إلى إدارة حازمة وقيادة قوية، أما القلق الذي يبديه العراقيون فينحصر في إشكالية الركود الاقتصادي، ولهذا صرحت اللجنة الأمنية في البرلمان العراقي عن قلقها على الاقتصاد العراقي في المستقبل، ولا سيما أن رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي قد عجز عن إصلاح الوضع الاقتصادي في العراق وهو رجل يمتلك خبرة مالية واقتصادية طويلة.

يأمل العراقيون أيضا من حكومة الكاظمي أن تقضي على الفساد المستشري في هيكلية الدولة العراقية، زلا سيما أن الإيرانيين قد ساهموا خلال السنين السابقة في تعميق خلايا الفساد وترسيخها داخل مفاصل الأجهزة الحكومية حتى يتمكنوا من تمرير مشاريعهم وأجندتهم الفوضوية، ولهذا يرجع كثير من المتابعين للشأن العراقي أن السبب الرئيسي للفساد يتعلق بمنهجية المحاصصة الوزارية عند تشكيل الحكومات والتي لا تستند على مبدأ الكفاءة، ولهذا ظلت الطائفية متعمقة في الأداء الحكومي وتمارس بشاعتها تجاه التبعية الإيرانية.

وأخيرا، رغم كل ذلك، تظل هناك مؤشرات إيجابية لحكومة مصطفى الكاظمي، ولعلها تكون حكومة استثنائية تختلف عن نظيراتها السابقة، هذا ما يأمله العراقيون جميعهم في الحكومة الجديدة، وهذه المؤشرات تستند على صراخ وعويل الأذرع الإيرانية على منصاتهم الإعلامية قبل أداء الحكومة لمهامها الرسمية، ولهذا يظل التحدي الأكبر أمام الكاظمي ينحصر أولا وأخيرا في إبعاد الأجندة الإيرانية عن مهمته الرسمية في بغداد، وحينها ستحظى حكومته باحترام وثقة الشعب العراقي.

@albakry1814