سنتجاوز الأزمة
ولفت عضو مجلس الشورى محمد آل زلفة إلى أن حديث وزير المالية كان حديث مصارحة ومكاشفة، حيث تعودنا ذلك فيما يتعلق عن المالية العامة للبلاد، من خلال الإعلان الربعي للموازنة، وغيره مما شهدت به جهات التقييم والتصنيف الدولية وآخرها ما يتعلق بتقدم المملكة 18 مرتبة في الشفافية المتعلقة بالموازنة.
أضاف : إن المرحلة المقبلة تتطلب تضافر جهود الجميع مع الدولة من قطاع خاص ومجتمع مدني لنجتاز هذه المرحلة التي وإن كانت صعبة فإننا قادرون على تجاوزها كما تجاوزنا غيرها.
الإنسان أولا
وقال رئيس لجنة الطاقة والصناعة بغرفة الشرقية إبراهيم آل الشيخ إن حديث الوزير الجدعان اتصف بالشفافية والوضوح ، حيث ليس لدى المملكة ما تخفيه حول الوضع الاقتصادي ، والناتج عن أسباب يدركها الجميع ، على رأسها جائحة كورونا التي أكد ما كان لها من تأثير بالغ على اقتصادات كل دول العالم تقريبا ، مبينا أن على ما قامت به السعودية من إجراءات لحماية الإنسان المواطن والمقيم كان أمرا بارزا ويقل نظيره على مستوى العالم ، حيث كان يطغى الموضوع الاقتصادي في بعض الدول على حماية الناس من الجائحة.
وأضاف آل الشيخ : لا شك أن ما نمر به الآن يعد ظروفا استثنائية صعبة يجب أن تتضافر جهودنا جميعا كمواطنين وقطاع خاص مع الدولة لتجاوزها بأقل الخسائر، فقد واجهت بلادنا في السابق ظروفا مشابهة استطاعت تجاوزها بكل موثوقية وقدرة عن طريق الحد في الإنفاق على بعض المشاريع غير الضرورية أو التي يمكن تأجيلها مع الإبقاء بقدر الإمكان على المشاريع الضرورية للإنسان والمشاريع التنموية والخدمية.
إجراءات تحوطية
وأشار المحلل الاقتصادي والمصرفي فضل البوعينين إلى أن آثار كورونا أرغمت كبريات الاقتصادات العالمية على اتخاذ إجراءات عميقة وهو ما قررت المملكة اتخاذه حماية للمالية العامة.
وذكر أن عدم وضوح مستقبل الجائحة وزمن انتهائها يتسبب في الضغط على الاقتصادات العالمية والاقتصاد المحلي، وخاصة أن حزم الدعم المقدمة في فترة وجيزة تجاوزت 180 مليار ريال، ولهذا أثر على التدفقات النقدية، خاصة إذا استدعى الامر مزيدا من حزم الدعم في الوقت الذي انخفضت فيه الإيرادات بأكثر من 50%.
ولفت إلى أن من المهم الإشارة إلى التحديات الأخرى التي تواجهها المملكة، ومنها التحديات الجيوسياسة التي تتطلب الكثير من العمل لحماية البلاد والعباد منها.
وأكد أن القيادة لن تقدم على اتخاذ إجراءات تحوطية مرتبطة بالمالية العامة إلا بعد استنفادها جميع السبل للحيلولة دون ذلك؛ كما أنها لن تقدم على المس بالنفقات الأساسية.
وذكر أن استراتيجية شد الحزام وترتيب أولويات الإنفاق من الضروريات التي تتخذها الحكومات في حال الأزمات الاقتصادية.
باعث اطمئنان
وأكد المحلل الاقتصادي فهد الثنيان أن هناك مخاطر محتملة، وهناك صعوبات يواجهها الاقتصاد العالمي على مختلف الجبهات، إضافة إلى عدم وضوح الرؤية حول آفاق الاقتصاد العالمي؛ وكل هذا يستدعي أن يكون التخطيط خلال هذه الأزمة للأسوأ؛ ولكن مع عدم إغفال الفرص التي تسنح نتيجة تراجع قيم الأصول عالميا؛ فنجد الذراع الاستثماري للاقتصاد السعودي -صندوق الاستثمارات العامة- مستمرا في عمليات الاستحواذ المتنوعة لجني ثمارها في مرحلة ما بعد الأزمة. ومبدأ الشفافية الذي تنطلق منه لغة المالية العامة اليوم باعث على الاطمئنان أكثر من الذعر أو الهلع، لأن المصارحة تضع الجميع في جانب واحد نحو تحقيق هدف مشترك هو المرور بأمان خلال هذه الأزمة وبأقل الخسائر.
سنعبر بسلام
وأكد المحلل الاقتصادي علي الزهراني أن إشارة الوزير إلى تقنين المصروفات ومحاولة ضبط العجز والتحول نحو الحد من الإنفاق في ظل هذه الأزمة العالمية التي لم يشهد العالم أزمة مشابهة لها منذ الحرب العالمية الثانية، يعني التحول نحو الصرف على القطاعات الأساسية، والتي توفر الخدمات الأساسية للمواطن والسحب من البنود غير الأساسية.
وأشار الزهراني إلى أن الوضع يتطلب من القطاع الخاص أن يكون أكثر استعدادا، حيث سيكون هناك تأثير على القطاعين العام والخاص يمكن أن يطول مع استمرار الأزمة، وبإذن الله سنعبر هذه الأزمة بسلام.
أبرز ما قاله وزير المالية:
- تداعيات جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط تسببت فعليا بإجراءات حادة اتخذتها كبريات الاقتصادات العالمية، وكذلك ستفعل المملكة
- السعودية تحملت تبعات الجائحة على الاقتصاد بشكل كامل، وحافظت على حماية المواطنين بشكل كبير غير أن اتخاذ إجراءات اقتصادية مؤلمة هو شر لا بد منه
- نواجه واحدة من أكبر تحديات القرن الحادي والعشرين، وهو ما يتطلب ضرورة اتخاذ تدابير تمكن المملكة من مواصلة مكافحة الجائحة
- المملكة وقفت بكل قوة إلى جانب مواطنيها في عز أزمة كورونا، واستمرار تبعات الجائحة قد يتطلب اتخاذ عدد من الإجراءات الاقتصادية الحازمة لضمان استدامة المالية العامة والقدرة على إدارة الاقتصاد الوطني بما يحقق المصالح العامة
- لا نواجه فقط أزمة كورونا، فأمامنا العديد من التحديات الجيوسياسية؛ إضافة إلى انخفاض أسعار النفط، فمن الطبيعي أن يكون لكل اقتصاد إجراءاته التي تستدعي عودته إلى نقطة التوازن على أقل تقدير
- مع توقعات منظمة الصحة العالمية استمرار جهود المكافحة عالميا لمدة قد تصل إلى عامين، من غير المستبعد أن تلجأ حكومات العالم ومنها المملكة لاتخاذ إجراءات اقتصادية تمكنها من مواجهة تبعات هذه الجائحة
- تم تخصيص 177 مليار ريال لدعم القطاع الصحي والقطاع الخاص والأفراد، تمثل 18% من الميزانية العامة للدولة، بالإضافة إلى انخفاض عائدات النفط إلى الثلث، وهو ما يستدعي إعادة ترتيب أولوية بعض النفقات بحسب أهميتها لتخفيف الآثار على المالية العامة في هذا العام والمدى المتوسط، وهذا ما تم فعليا من خفض ميزانيات قطاعات مثل الرياضة والترفيه والانتدابات وسفر الموظفين
- المملكة تحرص على أن تكون الإجراءات التي تتخذها في حدودها الدنيا ولن تطال النفقات الضرورية، وستركز على النفقات الإضافية التي لن تؤثر في نهاية الأمر على معيشة مواطنيها الأساسية
- العديد من الأزمات الاقتصادية مرت على المملكة، ما دفعها لإعلان استراتيجية «شد الحزام» لضبط وخفض النفقات لمواجهة تلك الظروف الاستثنائية، وهذه المرحلة الصعبة التي نمر بها هي أقسى من كل تلك الأزمات التي مرت بها الدولة