ناقية الهتاني

نمط الحياة بعد الأزمة

الاحد - 03 مايو 2020

Sun - 03 May 2020

في ضوء ما يعانيه المجتمع من أزمة جائحة كورونا وما نتج على ذلك من تغييرات في نمط الحياة على كل الأصعدة المعيشية والاجتماعية والتعليمية والاقتصادية، وما نشهده اليوم من تداعيات حقيقة لمواقف مشرفة يشهدها العالم للمملكة العربية السعودية، والتي كانت الداعم الحقيقي للمجتمع في مواجهة هذه الأزمة، إلا أننا شهدنا نمطا مختلفا للحياة لم نعهده منذ سنوات جعلنا نتساءل: ما هو الشكل الذي ستكون عليه الحياة بعد زوال هذه الأزمة؟

قبل ذلك لنسلط الضوء على واقع الحياة في هذه الفترة كيف يعيش المجتمع؟ وما الترتيبات التي يسير عليها الأفراد؟ ليجد المتأمل منا أن الحياة أخذت شكل الاستمرارية، وأن ما كان يصرف من وقت وجهد ومال ومتطلبات كنا نزعم بالأمس القريب أننا لا نستطيع العيش بدونها، تلاشت اليوم بدون مقدمات سابقة جعلتنا نرتب أو نفكر أو نقرر، مما يعني لنا أن نمط الحياة القادم سيؤخذ شكلا مختلفا، وأن أثر الفوائد التي أحدثتها الأزمات حتما سيبقى إن أردنا ذلك!

وحتى نتبنى أسلوب حياة جديد، فإن ذلك يحتاج إلى مهارات ومقومات للبقاء على هذا التغيير، ويوضح لنا نموذج (أدكار) وهو أحد نماذج التغيير على المستوى الشخصي.

خمس مفاتيح لإحداث واستمرارية التغيير: وهي الوعي الذي يتطلب تحديد هدف التغيير، وما الذي يشمله والرغبة التي تدفعنا إلى إحداث التغيير بعزيمة وصبر وإصرار ثم تأتي المعرفة من خلال التعرف على الطريقة السليمة للتغيير، وما هي معوقات هذا التغيير، وهي مرحلة مهمة تسبق القدرة التي من خلالها يجري تنفيذ التغيير والصبر في سبيل ذلك، وينتهي النموذج بالتعزيز الذي من خلاله تستمر ثقافة هذا التغيير حتى يصبح عادة يعتادها الإنسان في حياته.

وبالموازنة بين أسلوب الحياة قبل الأزمة وبعدها، نجد أن هناك نتائج عدة أنتجتها الأزمة ينبغي لنا المحافظة عليها، ومنها:

ترتيب الأولويات الحياتية في ضوء الأهم والاستغناء عما يشغلنا من أولويات سابقة، والحرص على أوقات التجمع العائلي التي كشفت لنا معطيات جديدة لحياة أسرية ناجحة، واستخدام وسائل الترفيه المنزلية التي أوجدت متنفس للترويح عن النفس وزادت من قيم التعاون والألفة، والبناء الثقافي والفكري بالاطلاع والمعرفة والتدريب والذي أحدث نقلات معرفية وثقافية، والترشيد الاستهلاكي في المتطلبات والمواد الشرائية، والوعي الصحي بأهمية النظافة والتعقيم واتباع تعليمات السلامة هو الدليل الملزم لحماية النفس.

كما أن حتمية التواصل مع الأقارب والمحيطين بنا أوجدت سبلا جديدة لإيجاد قنوات تواصل أخرى غير الزيارات كان لها أثر إيجابي في استدامة التواصل والعلاقات الجيدة، والاعتماد على التقنية وتوسيع دائرتها بعد أن كانت تقتصر على وسائل التواصل الاجتماعي، كما أن اتباع استراتيجيات وطرق متنوعة لإنجاز المهام الوظيفية وإنجاز الطلاب لوظائفهم التعليمية أعطت مؤشرا آخر لمفهوم الإنجاز، والشراكة المجتمعية بين المؤسسات التعليمية فيما بينها ومع المجتمع دليل آخر على المسؤولية المجتمعية.

وحتى نحافظ على هذه النتائج يجب التركيز على المقومات والمهارات التي اكتسبناها من أسلوب الحياة في ضوء الأزمة ليستمر أسلوب الحياة الجديد الذي أوجد لنا مساحات أخرى للعيش، ومؤشرات رئيسية لما ينبغي أن يكون عليه أسلوب الحياة القادم.