التنميط و «البثارة» في الدراما السعودية..!
سنابل موقوتة
سنابل موقوتة
الثلاثاء - 28 أبريل 2020
Tue - 28 Apr 2020
لأسباب لا أعلمها وليس هذا مكان التفكير في معرفتها يكون شهر رمضان الكريم هو موسم المسلسلات الذي يتداعى من أجله المنتجون والمخرجون والممثلون والكتاب، ويأتون من كل فج سخيف.
وقد كان في الحياة قبل هذا العام متسع للهروب من التلفزيون، إما بالذهاب للتراويح أو حتى الاجتماع مع الأصدقاء أو حتى الأعداء، وممارسة أي نشاط لا علاقة له بالشاشة الصغيرة كما يطلق عليها أهل الفن.
لكن هذا الرمضان ألزم الناس بالبقاء في بيوتهم لأسباب تعلمونها رفعها الله عنا وعن عباده أجمعين، فلا طاقة لنا بمواجهة كورونا والمسلسلات الخليجية في وقت واحد. نحن أضعف من هذا بكثير، والله جلت قدرته في علاه، لن يتركنا وسينجينا من هذا الطوفان بحوله وقوته إنه على كل شيء قدير.
ثم إني أستحلفكم بالله حضرات السادة القراء والسيدات القارئات، لو أخبرتكم أن مسلسلا سعوديا سيعرض وفيه ممثل يجسد شخصية جنوبية أو من أبناء البادية من أي بقعة في المملكة من شمالها إلى جنوبها، أو يجسد شخصية أحد أبناء القرى التي تتوزع على خارطة هذه البلاد المترامية الأطراف؛ كيف ستتخيلونه؟ وماذا تتوقعون أن يفعل؟ لا مجال للشك ولو لحظة أنه سيكون شخصية ساذجة سطحية مغفلة بلهاء فيه يجتمع غباء الثقلين. الشخص المتزن في الأعمال السعودية في الغالب لا مكان له ولا لهجة ولا لباس يحدد مكانه على الخارطة. والحقيقة أيها الناس أني لا أعلم من أوهم أو أقنع العاملين على إنتاج هذه الأعمال أن اختلاف اللهجة أو اللباس يعني أن الشخصية سيكون «سبيكة» بالضرورة.
ومن ذلك الذي زرع فكرة أن قدرتك على الكلام بلهجة أهل منطقة ما يعني أنك كوميدي بارع، ولأني من أهل الجنوب - على سبيل المثال ليس إلا - فإني أتوقع حين يقلد لهجتنا ويظن أن ذلك عمل مضحك أننا حين نتكلم مع بعضنا البعض في حياتنا الخاصة نستلقي على «قفانا» من الضحك، لأننا نؤدي بشكل كوميدي على مدار الساعة. نحن نتكلم بالطريقة التي يتعب في أدائها ليضحك الناس، أو يتوهم أنه يفعل. وقد يكون مفهوما وجود بعض الشخصيات -أو الكركترات بلغة أهل الفن - لضرورة فنية أو لأن النص لا يستقيم إلا بوجودها، ولكن إقحامها بمناسبة وبدون «وتنميط» الناس لمجرد أنهم مختلفون عن بيئة من ينتج الأعمال يرقى في كثير من الحالات إلى أن يكون عنصرية، حتى لو كان الممثل أو المؤدي من أهل المنطقة - أي منطقة - لأنه قد يقبل بأدوار كهذه من أجل البقاء ولأنه لا مجال لوجوده ما لم يفعل.
وعلى أي حال..
من الضروري أن يعلم رواد الفن معلومة بدهية تقول: «النكتة» لا تُضحك مرتين، في المرة الأولى تكون طريفة وخفيفة ومضحكة وفي المرة الثانية تكون سامجة وباردة ومكررة.
ثم ليطبقوا ذلك على كل شيء، حين تقدم فكرة ويتقبلها الناس فلا «تبثرهم» بها وتعدها عشرين مرة في عشرين سنة. حاول أن تبدع، أن تقدم شيئا جديدا، وإذا كان «ذولاك» قد حرموك من الإبداع - كما تقول، لثلاثين عاما، فما الذي يمنعك الآن من الإبداع بعد أن تركوا لك الساحة؟ اللهم إلا إن كان الإبداع والتجديد هو حشر كثير من «الأجساد» النسائية في الأعمال بمناسبة وبدون، فهذه قصة أخرى وإبداع نسأل الله أن يحرمنا منه.
agrni@
وقد كان في الحياة قبل هذا العام متسع للهروب من التلفزيون، إما بالذهاب للتراويح أو حتى الاجتماع مع الأصدقاء أو حتى الأعداء، وممارسة أي نشاط لا علاقة له بالشاشة الصغيرة كما يطلق عليها أهل الفن.
لكن هذا الرمضان ألزم الناس بالبقاء في بيوتهم لأسباب تعلمونها رفعها الله عنا وعن عباده أجمعين، فلا طاقة لنا بمواجهة كورونا والمسلسلات الخليجية في وقت واحد. نحن أضعف من هذا بكثير، والله جلت قدرته في علاه، لن يتركنا وسينجينا من هذا الطوفان بحوله وقوته إنه على كل شيء قدير.
ثم إني أستحلفكم بالله حضرات السادة القراء والسيدات القارئات، لو أخبرتكم أن مسلسلا سعوديا سيعرض وفيه ممثل يجسد شخصية جنوبية أو من أبناء البادية من أي بقعة في المملكة من شمالها إلى جنوبها، أو يجسد شخصية أحد أبناء القرى التي تتوزع على خارطة هذه البلاد المترامية الأطراف؛ كيف ستتخيلونه؟ وماذا تتوقعون أن يفعل؟ لا مجال للشك ولو لحظة أنه سيكون شخصية ساذجة سطحية مغفلة بلهاء فيه يجتمع غباء الثقلين. الشخص المتزن في الأعمال السعودية في الغالب لا مكان له ولا لهجة ولا لباس يحدد مكانه على الخارطة. والحقيقة أيها الناس أني لا أعلم من أوهم أو أقنع العاملين على إنتاج هذه الأعمال أن اختلاف اللهجة أو اللباس يعني أن الشخصية سيكون «سبيكة» بالضرورة.
ومن ذلك الذي زرع فكرة أن قدرتك على الكلام بلهجة أهل منطقة ما يعني أنك كوميدي بارع، ولأني من أهل الجنوب - على سبيل المثال ليس إلا - فإني أتوقع حين يقلد لهجتنا ويظن أن ذلك عمل مضحك أننا حين نتكلم مع بعضنا البعض في حياتنا الخاصة نستلقي على «قفانا» من الضحك، لأننا نؤدي بشكل كوميدي على مدار الساعة. نحن نتكلم بالطريقة التي يتعب في أدائها ليضحك الناس، أو يتوهم أنه يفعل. وقد يكون مفهوما وجود بعض الشخصيات -أو الكركترات بلغة أهل الفن - لضرورة فنية أو لأن النص لا يستقيم إلا بوجودها، ولكن إقحامها بمناسبة وبدون «وتنميط» الناس لمجرد أنهم مختلفون عن بيئة من ينتج الأعمال يرقى في كثير من الحالات إلى أن يكون عنصرية، حتى لو كان الممثل أو المؤدي من أهل المنطقة - أي منطقة - لأنه قد يقبل بأدوار كهذه من أجل البقاء ولأنه لا مجال لوجوده ما لم يفعل.
وعلى أي حال..
من الضروري أن يعلم رواد الفن معلومة بدهية تقول: «النكتة» لا تُضحك مرتين، في المرة الأولى تكون طريفة وخفيفة ومضحكة وفي المرة الثانية تكون سامجة وباردة ومكررة.
ثم ليطبقوا ذلك على كل شيء، حين تقدم فكرة ويتقبلها الناس فلا «تبثرهم» بها وتعدها عشرين مرة في عشرين سنة. حاول أن تبدع، أن تقدم شيئا جديدا، وإذا كان «ذولاك» قد حرموك من الإبداع - كما تقول، لثلاثين عاما، فما الذي يمنعك الآن من الإبداع بعد أن تركوا لك الساحة؟ اللهم إلا إن كان الإبداع والتجديد هو حشر كثير من «الأجساد» النسائية في الأعمال بمناسبة وبدون، فهذه قصة أخرى وإبداع نسأل الله أن يحرمنا منه.
agrni@