إيناس المخلفي

السلاح البيولوجي.. ما بعد كورونا

الاثنين - 20 أبريل 2020

Mon - 20 Apr 2020

منذ نشأت الدول يأتي في مقدمة أولوياتها ويستحوذ نصيب الأسد من ميزانياتها تجهيز الدفاع والسلاح فيها.

وقد جاءت الولايات المتحدة الأمريكية كأكبر ميزانية للدفاع على مستوى العالم بمبلغ 716 مليار دولار والتي جاوزت وفياتها جراء فايروس كورونا سقف 2000 حالة يوميا، فيما قدر معهد القياسات الصحية والتقييم بكلية الطب بجامعة واشنطن أن تتجاوز 3000 حالة يوميا، وتأتي الصين الثانية على مستوى العالم من حيث ميزانية الدفاع والجيش بمبلغ 224 مليار، والتي فقدت نحو 4000 شخص جراء كورونا، وضمت قائمة الدول الأعلى إنفاقا على الدفاع والسلاح دولا متعددة كبريطانيا بميزانية 47 مليار دولار وألمانيا بميزانية 49 مليار وفرنسا 40 مليار دولار.

وبالنظر إلى هذه الأرقام الضخمة التي تشير إلى الاهتمام الكبير الذي أولته تلك الدول لتجهيز الجيش والدفاع، ليستطيع صد أي عدوان خارجي يواجهها والحفاظ على أراضيها وسلامة مواطنيها، نجدها عجزت عن حمايتهم من فايروس لا يرى بالعين المجردة فانهارت الأنظمة الصحية في تلك الدول حتى أصبح المواطن لا يجد سريرا في مرفق طبي، اضطر بعضها لوضع أسرة المصابين في الشوارع والملاعب الرياضية، وشاهدنا بعض زعماء الدول يوجه مواطنيه بالاستعداد لتوديع أحبائهم، فيما أعلنت دول عن حصر العلاج لفئة دون أخرى.

وقد أزال هذا الفايروس القناع عن ضعف التسليح الصحي والطبي لدى عديد من دول العالم حتى المتقدمة منها، وعدم قدرتها على مواجهة وإدارة الأزمات الطارئة واحتواء الموقف كما يجب، فبين عدم قدرتها على منع تفشي الوباء وتزايد أعداد الوفيات بنسب كبيرة ومخيفة فيها، وبين عدم استطاعتها توفير ما يحتاجه مواطنوها من مستلزمات حياتية، أصبحت حائرة هل توجه خططها العاجلة وإمكاناتها المتاحة نحو الوباء أو نحو العجز الهائل في المواد الغذائية والطبية؟

ونتساءل لماذا لم تهتم أي دولة منها بتجهيز الدفاع الطبي والصحي لمواجهة أي خطر بيولوجي وبائي كما يحدث الآن؟

تجربة كورونا درس قاس يوجب على الجميع أن يتعلم منه، وهذه الفترة لا يجب أن توجه الخطط فقط للتصدي لوباء كورونا وإدارة الأزمة الحالية فقط، وإنما ليبدأ التخطيط لتجهيز جيش طبي متكامل ومدرب ومسلح طبيا، بحيث يستطيع مواجهة أي وباء قد ينتشر في أي لحظة، بعيدا عن القلق والتوتر وبخطط مدروسة لمواجهة وإدارة الأزمات بفعالية أكبر، ودعم لمراكز الأبحاث العلمية والاستشراف المستقبلي لتقدير ما يمكن حدوثه والعمل على الاستعداد المبكر له وتخصيص الميزانيات التي تدعم ذلك أثناء الأزمات.

الدفاع الطبي والسلاح العلمي لا يقلان أهمية عن الدفاع العسكري، فكلاهما يجب الاعتناء بتجهيزه لمواجهة أي حرب كانت وأي عدو مهما صغر حجمه فالمعارك والأزمات القادمة قد تكون بدون طائرات أو مدرعات وصواريخ ينفق عليها المليارات، فبدلا من أن تكون قنابل ذرية كبيرة، قد تكون أصغر من الذرة، وعلى الرغم من مقدرة دفاعات الدول على التصدي للطائرات والصواريخ العملاقة إلا أنها عجزت أمام كائن لا يتجاوز حجمه 125 نانو!

فهل يستفيد العالم من هذه الأزمة وتتغير الحسابات؟