طارق جابر

الأمصال واللقاحات والتطعيمات

الخميس - 16 أبريل 2020

Thu - 16 Apr 2020

عام 1980 أعلنت منظمة الصحة العالمية محو الجدري تماما من على وجه الكرة الأرضية. كان الجدري قد أودى بحياة 300 مليون إنسان في القرن العشرين وحده، وأبقى على ملايين من المكفوفين والمشوهين، كثير منهم في الجزيرة العربية. كان السلاح الذي مكن الإنسان من هذا الانتصار هو لقاح الجدري.

مع أن المخطوطات تشير إلى بدايات مبكرة لاستخدام التطعيم ضد الجدري في الصين، إلا أن الفضل ينسب إلى إدوارد جنر الذي تمكن عام 1796 من تحضير أول لقاح ضد الجدري. وكانت القفزة الكبرى التالية هي أعمال لويس باستور في ثمانينات القرن الـ 19 التي وضعت أسس علم التلقيح والمناعة وتمخض عنها إنتاج لقاحات: داء الكلب والجمرة الخبيثة، واستخدم مصطلح (التلقيح vaccination) للمرة الأولى، والمشتق من كلمة بقرة باللاتينية vacca، تخليدا لأعمال إدوارد جنر، والتي كان محورها جدري البقر في البداية.

لم يستقبل العالم كله فكرة اللقاح والتطعيم بالترحيب، بل جوبهت على مر التاريخ بالرفض عند كثير من الناس، وقوبلت وما زالت بسيل من الاتهامات، تارة بأنها تسبب التوحد لدى الأطفال، وتارة أنها عمل غير ديني، وغير ذلك من الحجج، رغم إثبات العلم مرارا وتكرارا فاعلية وأمان التطعيمات.

تعريفا، هناك فرق بين الأمصال واللقاحات والتطعيمات، وإن كان الفرق بين الأخيرتين غير واضح وغير متفق عليه، بحيث أصبح من المقبول استخدامهما كمترادفتين وهذا ما سنعتمده.

الأمصال هي مضادات جاهزة للسموم أو الكائنات الممرضة، تعطي مناعة فورية ضد العامل الممرض، كالكزاز (التيتانوس) والتهاب الكبد الوبائي ب أو حتى لدغات العقارب والثعابين. ويجري تحضيرها إما في المختبر وفي الخيول أو في المتطوعين من البشر. وهي أنواع عدة تشترك جميعا في أنها تعطي مناعة سلبية فورية ومؤقتة.

أما اللقاحات، فهي مواد تحفز المناعة الإيجابية الطبيعية ضد مرض معين، ليكوّن الإنسان أجساما مضادة لهذا المرض، مما يمنحه مناعة تدوم لفترات مختلفة. بعض اللقاحات تعطي مناعة تدوم مدى الحياة، وبعضها يعطي مناعة لفترات طويلة لكن ليس مدى الحياة، وبعضها يحتاج إلى جرعات منشطة على فترات معينة، والبعض يعطى على جرعات وليس جرعة واحدة. وتختلف أنواع الأمصال بحسب طريقة تحضيرها وآلية عملها، سواء كانت مضادة للفيروسات أو للبكتيريا.

فهناك الأمصال التي تحوي الكائن غير النشط، والتي تحتوي على فيروس أو بكتيريا تم القضاء عليها دون تدميرها، بحيث يتمكن الجسم من التعرف عليها وإنتاج أجسام مضادة لها (شلل الأطفال والسعار)، وهناك اللقاحات التي تحتوي على كائن سليم لكن تم إضعافه بدرجة كبيرة، بحيث يستثير المناعة دون أن يشكل خطرا على الجسم (الحصبة والنكاف)، وهناك لقاحات الوحدات التي تحوي أجزاء فقط من بروتين الفيروس، مما يحفز إنتاج أجسام مضادة تتعرف على الفيروس المحتوي على هذا البروتين (التهاب الكبد الوبائي ب والطاعون)، وهناك اللقاحات المغايرة، مثل استخدام لقاح ضد نوع من البكتيريا أو الفيروسات التي تصيب الحيوان لخلق مناعة لكائن من الفصيلة نفسها يصيب الإنسان (السل)، وهناك عدد من اللقاحات المبتكرة قيد التطوير والتجربة.

أنواع اللقاحات

غير النشط

(الخامل) مثل (شلل الأطفال والسعار)

الموهَن

(الضعيف) مثل (الحصبة والنكاف)

الوحدات

(الجزئي) مثل (التهاب الكبد الوبائي والطاعون)

المغاير

(غيري النمط) مثل (السل)

التجريبي

(قيد التطوير)

drtjteam@