الثبيتي الثبيتي

الضرة النافعة

الثلاثاء - 14 أبريل 2020

Tue - 14 Apr 2020

يمر العالم اليوم بجائحة Covid19 التي أثرت بدورها على المجتمعات على كل الأصعدة والمستويات، وعلى مرارة هذه الأزمة إلا أنها قد تكون الضرة النافعة التي ستعيد كثيرا من الأمور إلى نصابها، والشواهد في ذلك كثيرة.

ولأن مجال الحديث في التغييرات التي حدثت أو ستحدث بعد أزمة كورونا متعددة ومتشعبة، فإنني سألخص بإيجاز بعض النقاط ذات الصلة بحياة الأسرة في المجتمع السعودي.

أولا: تعيش كثير من الأسر اليوم حالة من الخوف والقلق والتوتر، مما قد يؤثر على أدائها لأدوارها ومسؤولياتها، وهنا تأتي أهمية الطب النفسي بفروعه، في محاولة دعم أفراد الأسرة والمجتمع ومساعدتهم على إدارة الضغوط وتخفيف حدة التوتر والقلق لديهم، خاصة الأسر التي فقدت أحدا من أفرادها، ولعل هذه الأزمة ترفع الوعي بأهمية ودور الطب النفسي وتصحح المفاهيم المغلوطة التي لحقته لسنوات عديدة، كما نرجو أن نرى بعد ذلك نهوضا لهذا القطاع من أطباء مؤهلين وعيادات متكاملة، وبلا شك أن البداية المناسبة هي الآن.

ثانيا: تلتزم جميع الأسر الآن بالحجر المنزلي تنفيذا لأوامر الدولة أعزها الله وأعانها، والأمر الذي لم يكن في الحسبان أن تصميم غالبية المنازل يفتقد لأساسيات التهوية والضوء الطبيعي لأشعة الشمس، فلا شرفات واسعة ولا حدائق مصغرة تتيح لأفراد الأسرة ممارسة نشاطاتها وتجديد روتينها اليومي، مما انعكس على زيادة قلق الأسرة وتململها من البقاء في منازلها، الأمر الذي ينبغي وضعه في الاعتبار مستقبلا أثناء التفكير في تصميم المساكن، وأهمية وضع اشتراطات ملائمة تضمن توفير مستوى عال لجودة حياة الأسرة.

ثالثا: في الوقت الحالي تقضي غالبية الأسر وقتها في متابعة التلفاز ووسائل الإعلام، مما يثبت أهمية هذا القطاع الآن ومستقبلا، ولكن ما نشهده من اختراق لخصوصية الأسرة وانتهاك لقيم المجتمع وثقافته وعاداته بلا شك سيؤثر سلبا في تكوين هوية الطفل والمراهق، مما يدعو إلى الإسراع في معالجة هذه الظواهر وتداعياتها. وها نحن نشهد أخيرا بدايات مبشرة من حزم الجهات الأمنية في التعامل مع كثير من مشاهير الفراغ والسلوكيات غير الأخلاقية، وأقترح هنا إيجاد هيئات تابعة للمؤسسات الأسرية في كل مدينة تعنى بتنظيم القطاع الإعلامي فيها، ورصد السلوكيات المخالفة وتقويمها ببرامج علاجية مخصصة تسهم في احتواء هذا الانفلات غير المبرر.

رابعا: الأسرة هي حجر الزاوية في كل مجتمع، وهي المسؤول الأول عن تربية أبنائها وتوجيههم، وفي ظل الظروف الراهنة يجب على كل أسرة مضاعفة جهودها في توعية أبنائها حول خطورة هذا الوباء وأهمية التزام كل فرد من أفرادها بتعليمات الوقاية.

أختتم مقالي هذا ببيت شعر لأبي عيينة حين قال «فانظر وفكر بما تمر به / إن الأريب المفكر الفطن».

@hanaotibi