عبدالله عجلان

تكنولوجيا مابعد كورونا

الأحد - 12 أبريل 2020

Sun - 12 Apr 2020

كلنا على يقين تام بأن العالم ما بعد كورونا سيكون مختلف تماما لما كان عليه قبل كورونا وكذلك هو الحال في المجال التكنولوجي !

كائن غير حي، متناهي الصغر لا يرى بالعين المجردة، سيغير ملامح العالم التكنولوجي بشكل كبير. سنرى شركات تختفي وأخرى تغير نشاطها، كما سنرى مدارس تتخلى عن معلمين وأخرى تتحول لتكون افتراضية بشكل كامل. سيكون لدى جميع الشركات والمؤسسات خيار وحيد وهو إما استخدام التكنولوجيا بشكل صحيح وكبير في جميع نشاطاتها أو سيكون مصير تلك الشركات والمؤسسات إلى زوال.

ستمر هذه الأزمة بإذن الله بالتزامنا كمواطنين ومقيمين ووقوفنا جنبا إلى جنب مع قيادتنا، وسنعود أقوى وسنواجه جميع الصعوبات معا. ولذلك لا بد أن نكون قد تعلمنا من هذه الجائحة وأن لا تمر دون دروس مستفادة لكي نتجنب الوقوع في فخ فيروس آخر أكثر شراسة.

لا بد أن نكون أكثر حرصا على أبنائنا وإن كانوا متوجهين إلى أماكن من المفترض أن تكون آمنة كالمدارس. فمن الممكن أن نرى المدارس بعد هذه الأزمة تستخدم التكنولوجيا لمنع الطلاب ممن لديهم حرارة عالية بدلا من القدوم إلى المدرسة لحماية باقي الطلاب.

فمثلا تستطيع المدارس أن تصمم تطبيقا للهواتف الذكية يحمله الطلاب وأولياء الأمور على أن يخصص لكل طالب رمز QR خاص به يستخدم هذا الرمز ألوان إشارة المرور (أخضر،أصفر، أحمر)، ترمز هذه الألوان لحالة الطالب الصحية.

يقيس الطالب درجة حرارته صباح كل يوم وذلك بالتقاط صورة له من خلال التطبيق وبمساعدة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي القائمة على مبدأ قياس درجة الحرارة، مع مراعاة لون البشرة Skin Color أو من خلال تحويل الصورة الملتقطة إلى صورة حرارية Thermal Image. فإن كانت درجة حرارة الطالب بين 36-37.5 درجة مئوية سيمنحه التطبيق رمز QR باللون الأخضر الذي يدل أن الطالب سليم ويستطيع الحضور إلى المدرسة، وإن كانت درجة حرارة الطالب خلاف ذلك سيمنح رمز QR باللون الأصفر مع إرسال رسالة له ولولي الأمر بأن يبقى مسترخيا في المنزل، وفي حال درجة الحرارة لم تنخفض في اليوم التالي سيمنحه التطبيق رمز QR باللون الأحمر مع إرسال رسالة تنصح بزيارة الطبيب.

جميع تلك الرموز والألوان ستكون متاحة كتقرير لمشاركتها مع الجهات المعنية كوزارة الصحة ووزارة التعليم، وذلك للتنبؤ وإعداد التقارير لمتابعة حالة الطلاب الصحية، وتفادي أي جائحة محتملة وذلك بأخذ الإجراءات الاستباقية وبشكل عاجل وقبل حدوثها.

تعلمنا في هذه الأزمة أن مواقع التواصل الاجتماعي لا يمكن الوثوق بها، ولا بكل ما ينشر من خلالها ولا بد من الاعتماد فقط على الجهات الرسمية. ولكن كيف للجهات الرسمية أن تكتشف المواضيع التي تنشر فورا في مواقع التواصل الاجتماعي والرد عليها ونفيها والتحذير منها بشكل سريع، قبل أن تصبح شائعة متداولة بشكل كبير ويمكن أن يتأثر بها عدد كبير من المجتمع؟

استخدام الذكاء الاصطناعي في هذه الحالة مهم جدا للحد من انتشار الشائعات في مواقع التواصل الاجتماعي. فمن الممكن استخدام الذكاء الاصطناعي للبحث عن كلمة معينة نصية كانت أم لفظية (صوتية) في تلك المواقع، وتحليل سياق الجملة التي ذكرت فيها هذه الكلمة لمعرفة شعور الكاتب أو ما يعرف بـ Sentiment فيما إذا كان الشعور العام ينم عن رضا أم سخط. كما يمكن معرفة تزايد عدد المشاركات لهذه الكلمة فإن كان كبيرا عندها يمكن للجهات المعنية التدخل السريع والتوضيح أو النفي واعتبار تلك الكلمة أو الموضوع شائعة (إن كانت كذلك) ولا من بد عدم تداولها.

كما سنشهد بروز فئة جديدة من الشركات الناشئة نشاطها مساعدة شركات أخرى قائمة لكي تتكيف بشكل سريع، في حال وجود أزمة أو جائحة أخرى لا سمح الله.

فمن الممكن أن تنشأ شركات متخصصة بما يعرف بحلول الـ White Label وهو مبدأ يسمح للشركات في عدة نشاطات بإضافة خدمة جديدة للنشاط الخاص بالشركة في وقت قياسي، ودون تكاليف باهظة!

فمثلا سوبرماركت صغير يقع في حي من الأحياء، وهو معروف في ذلك الحي ولسبب ما فرضت الجهات المعنية حظرا للتجوال كما هو الحال الآن، فما مصير هذا السوبرماركت إن لم يكن لديه خدمة للتوصيل في ضل هذا القرار المفاجئ والمبرر؟

لدى مالك هذا السوبرماركت الخيارات التالية:

• إما الإغلاق بشكل نهائي إلى أن يتم رفع منع التجوال، والذي لا يعلم تاريخ معين لرفعه، وهذا الخيار يترتب عليه خسائر فادحة للمالك.

• أو التعامل مع إحدى شركات التوصيل وتحمل تكاليف يمكن أن تكون عالية بالنسبة له، ولكن هذا خيار أفضل من الخيار السابق.

• أو الحصول على تطبيق للهواتف الذكية خاص بالتوصيل يتم تصميمه وإطلاقه في 5 دقائق، ويكون خاصا بذلك السوبرماركت!

تلك الشركات الناشئة المتخصصة بحلول الـ White Label تقدم تطبيقات للهواتف الذكية مع نماذج وتصاميم ثابتة مرتبطة ببوابات الدفع الالكترونية مع إمكانية الربط مع جهات أخرى لمساعدة الشركات. فما على الشركات التي ترغب بإنشاء تطبيق لها إلا الاشتراك الرمزي في هذا الخدمة وإضافة شعارها ومنتجاتها، ومن ثم الإطلاق للخدمة في دقائق.

وبذلك استطاعت الشركة التكيف وبشكل سريع في ظل وجود الأزمة وتفادت الضرر، بل على العكس استفادت من الأزمة، وهذا يعد جزءا من الذكاء التجاري.

للعلم فقط، جميع ما سبق ليس افتراضات بل واقع، حيث توجد حاليا شركات سعودية ناشئة تعمل لتقديم تلك الحلول التكنولوجية لتكون متاحة مباشرة بعد زوال هذا الجائحة.