مملكة الإنسانية
الثلاثاء - 31 مارس 2020
Tue - 31 Mar 2020
عندما ألقى خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - كلمة في بداية أزمة كورونا ليؤكد للعالم حجم الجائحة الحالية، بين بكل وضوح أن القيادة ستبذل كل الجهود والإمكانات لتجعل هذه الأزمة جزءا من التاريخ، وأن السعودية ستضحي بكل شيء لتشتري مواطنيها والمقيمين على ثراها.
وبالأمس اكتمل عقد الرعاية والعناية السامية الممتدة بصدور التوجيه الكريم بأن تتحمل الدولة كل التكاليف المترتبة على علاج كل مرضى كورونا، بغض النظر عن صفتهم، فيكفي أنهم موجودون على الثرى الطاهر ليضمنوا هذه المنحة ويستفيدوا منها، بمن فيهم من كان مخالفا لنظام الإقامة أو كان داخل الوطن بطريقة غير نظامية، ودون أي تبعات قانونية، لتثبت بحق أنها مملكة الإنسانية واقعا ماثلا، مسجلة سابقة الفضل في حسن التعامل مع الأزمات وإدارتها بما يحفظ كرامة الإنسان ويخفف آلامه – بينما تخلت عنه أو فقدته كثير من الدول - بغض النظر عن أية اعتبارات أخرى.
كنت أتوقع وأتمنى أن يتلقف الجميع الخطاب العالي - دون استثناء - باهتمام بالغ، وأن يهتبلوا هذه الأزمة لتسجيل مواقف ومبادرات متنوعة كل حسب قدرته وفهمه، كخارطة طريق بكل أبعادها الظاهرة والباطنة، لكن الصادم لنا جميعا أنه بينما وزارة الصحة تقف بكامل طاقتها من وزيرها إلى أصغر موظف فيها، وهي تواجه هذا العدو الشرس بمفردها؛ اكتفت المؤسسات والمستشفيات الصحية التجارية بموقف المتفرج، وكأن الأمر لا يعنيها بأية حال، وهي التي أكلت خير هذا الوطن في هذا المجال أخضره ويابسه، ولم يسجل لها ما يمكن الإشارة إليه - ما عدا أشياء بسيطة وغير مؤثرة لبعضها - ولم تكتف بذلك، بل خرج بعض الملاك علينا في وسائل التواصل بما يظنها مبادرات حتى قلنا ليته سكت، فتارة يقدح ويشكك في وزارة الصحة وكأنها مصدر الوباء، بأن يعلن أن الكشف سيكون لمنسوبيها بالمجان، وأخرى بأن أجر الكشف سيكون في المنازل بسعر المستشفى نفسه ..إلخ.
ضع الصورة هذه هنا، ثم لنتخيل أن الدولة لم تسخّر هذه الإمكانات وتنتفض لمواجهة هذه الجائحة، كيف سيكون الحال؟ وماذا لو كانت الخدمة الصحية في مثل هذه الظروف تحت تصرف وأفكار ورحمة مثل هؤلاء؟ كم ستكون تكاليف علاج المصابين؟ وكم سيبلغ عدد الضحايا؟ وهل كنا سنصل إلى مرحلة لا يجد فيها المرضى مكانا لهم؟ وهل كانت أعداد الموتى ستكون بالآلاف ثم لا يجدون من يدفنهم ويتركون في الشوارع كما حصل في بعض الدول وتاريخيا مع الأوبئة المختلفة؟ لكننا نحمد الله مستذكرين المثل العربي الشهير (قطعت جهيزة قول كل خطيب).
ومع يقيني التام بأن هذه الأزمة والجائحة العالمية ستلقي بظلالها على العالم بالتغيير الكبير، ليشمل كل المناحي الاقتصادية والعلمية والاجتماعية وخلافها، فنحن على الصعيد المحلي أمام صورة جديدة تتشكل بجلاء، لتظهر لنا أصحاب المواقف الأخلاقية ومن هم على غيرذلك، ولتسقط كثير من الصور النمطية التي كانت سائدة في الأذهان عن كثير من الأفراد والكيانات، وجزى الله الشدائد كل خير.
ولا يفوتني أن أشير بفخر واعتزاز يغلفه شكر بحجم السماء لكل العاملين بوزارة الصحة ووزيرها المحبوب، على الجهود المبذولة منهم في مواقع الخطر والخوف، ونتطلع إلى مكافأتهم بمضاعفة رواتبهم وميزاتهم المالية منذ بدء الأزمة حتى انتهائها، كما لا ننسى شكر رجال الأمن العاملين بالميادين، الذين شكلوا درعا ومتكأ قويا لوزارة الصحة لتنفيذ برامجها الوقائية خلال هذه المحنة.
[email protected]
وبالأمس اكتمل عقد الرعاية والعناية السامية الممتدة بصدور التوجيه الكريم بأن تتحمل الدولة كل التكاليف المترتبة على علاج كل مرضى كورونا، بغض النظر عن صفتهم، فيكفي أنهم موجودون على الثرى الطاهر ليضمنوا هذه المنحة ويستفيدوا منها، بمن فيهم من كان مخالفا لنظام الإقامة أو كان داخل الوطن بطريقة غير نظامية، ودون أي تبعات قانونية، لتثبت بحق أنها مملكة الإنسانية واقعا ماثلا، مسجلة سابقة الفضل في حسن التعامل مع الأزمات وإدارتها بما يحفظ كرامة الإنسان ويخفف آلامه – بينما تخلت عنه أو فقدته كثير من الدول - بغض النظر عن أية اعتبارات أخرى.
كنت أتوقع وأتمنى أن يتلقف الجميع الخطاب العالي - دون استثناء - باهتمام بالغ، وأن يهتبلوا هذه الأزمة لتسجيل مواقف ومبادرات متنوعة كل حسب قدرته وفهمه، كخارطة طريق بكل أبعادها الظاهرة والباطنة، لكن الصادم لنا جميعا أنه بينما وزارة الصحة تقف بكامل طاقتها من وزيرها إلى أصغر موظف فيها، وهي تواجه هذا العدو الشرس بمفردها؛ اكتفت المؤسسات والمستشفيات الصحية التجارية بموقف المتفرج، وكأن الأمر لا يعنيها بأية حال، وهي التي أكلت خير هذا الوطن في هذا المجال أخضره ويابسه، ولم يسجل لها ما يمكن الإشارة إليه - ما عدا أشياء بسيطة وغير مؤثرة لبعضها - ولم تكتف بذلك، بل خرج بعض الملاك علينا في وسائل التواصل بما يظنها مبادرات حتى قلنا ليته سكت، فتارة يقدح ويشكك في وزارة الصحة وكأنها مصدر الوباء، بأن يعلن أن الكشف سيكون لمنسوبيها بالمجان، وأخرى بأن أجر الكشف سيكون في المنازل بسعر المستشفى نفسه ..إلخ.
ضع الصورة هذه هنا، ثم لنتخيل أن الدولة لم تسخّر هذه الإمكانات وتنتفض لمواجهة هذه الجائحة، كيف سيكون الحال؟ وماذا لو كانت الخدمة الصحية في مثل هذه الظروف تحت تصرف وأفكار ورحمة مثل هؤلاء؟ كم ستكون تكاليف علاج المصابين؟ وكم سيبلغ عدد الضحايا؟ وهل كنا سنصل إلى مرحلة لا يجد فيها المرضى مكانا لهم؟ وهل كانت أعداد الموتى ستكون بالآلاف ثم لا يجدون من يدفنهم ويتركون في الشوارع كما حصل في بعض الدول وتاريخيا مع الأوبئة المختلفة؟ لكننا نحمد الله مستذكرين المثل العربي الشهير (قطعت جهيزة قول كل خطيب).
ومع يقيني التام بأن هذه الأزمة والجائحة العالمية ستلقي بظلالها على العالم بالتغيير الكبير، ليشمل كل المناحي الاقتصادية والعلمية والاجتماعية وخلافها، فنحن على الصعيد المحلي أمام صورة جديدة تتشكل بجلاء، لتظهر لنا أصحاب المواقف الأخلاقية ومن هم على غيرذلك، ولتسقط كثير من الصور النمطية التي كانت سائدة في الأذهان عن كثير من الأفراد والكيانات، وجزى الله الشدائد كل خير.
ولا يفوتني أن أشير بفخر واعتزاز يغلفه شكر بحجم السماء لكل العاملين بوزارة الصحة ووزيرها المحبوب، على الجهود المبذولة منهم في مواقع الخطر والخوف، ونتطلع إلى مكافأتهم بمضاعفة رواتبهم وميزاتهم المالية منذ بدء الأزمة حتى انتهائها، كما لا ننسى شكر رجال الأمن العاملين بالميادين، الذين شكلوا درعا ومتكأ قويا لوزارة الصحة لتنفيذ برامجها الوقائية خلال هذه المحنة.
[email protected]