فواز عزيز

المعارك الأكاديمية

الاحد - 29 مارس 2020

Sun - 29 Mar 2020

• كثير من الجامعات تعيش فوضى الكترونية «كبرى» حتى لو سمعت ما سمعت عن «التعليم عن بعد»، فواقع الحال بعيد كل البعد عن التصريحات الجميلة التي تؤكد عدد الساعات وعدد حضور المحاضرات الالكترونية في هذه الجامعة أو تلك، فالأرقام حقيقة لكن ما مدى جدواها مع ضعف «الانترنت» في الجامعة وكثرة أعطال «النظام»، وتقطع الوسائل بين الطالب والأستاذ؟!

• الفوضى «الالكترونية» في الجامعات كانت موجودة قبل تعليق الدراسة بسبب انتشار فيروس «كورونا»، وازدادت بعده أو انكشفت أكثر، ولنختلف مع مسؤولي الجامعات في هذا على رأيين، إلا أن الحكم للطلاب والطالبات!

• مدير جامعة حائل الدكتور خليل البراهيم وقبله مدير جامعة القصيم الدكتور عبدالرحمن الداود، غردا في «تويتر» مطالبين الأساتذة في الجامعتين باللين والرفق بالطلاب والطالبات وعدم التشدد عليهم، مراعاة للوضع الراهن وما صاحبه من تحول للتعليم عن بعد، فـ «يسروا ولا تعسروا».

• وأعتقد أن «اللين والرفق» عمل جميل لم يكن يحتاج لتوجيه من المسؤولين علانية، لولا أن شيئا من «العسر» كان موجودا في تعامل «بعض» الأساتذة في ظل هذا الظرف والتحول الاستثنائي، وأن منهم من لم يقدر ظروف التعليم عن بعد، وظروف الطلاب في التعلم عن بعد!

• البعض غضب من أسلوب تغريدة مدير جامعة حائل الدكتور خليل البراهيم، التي قال فيها «الزملاء والزميلات أعضاء هيئة التدريس: سبق أن وجهناكم بالرفق بأبنائنا الطلاب وبناتنا الطالبات وعدم التشدد أو الضغط عليهم دون مبرر، بل منحهم المساحة الكافية لتقييمهم، وذلك مراعاة منا جميعا للظرف الاستثنائي الذي تمر فيه العملية التعليمية، آمل الالتزام بذلك»!

• أحد المعلقين الغاضبين وهو مثقف وصاحب رأي، لم يتطرق لمضمون التغريدة نهائيا، لكنه ذهب إلى الأسلوب فقال «هذا ليس أسلوبا لائقا في مخاطبة أعضاء هيئة التدريس بالجامعة.. حتى في السر»، يبدو أنه لا يعتبر أعضاء هيئة التدريس موظفين كغيرهم، أو أنه يرى فيهم ما يميزهم عن بقية الناس، إن كان يرى هذا الأسلوب لا يليق بأعضاء هيئة التدريس فهو لا يليق بأي موظف، وكان يفترض أن يقول «هذا الأسلوب لا يليق بمخاطبة أي موظف»، دون تمييز أعضاء هيئة التدريس، فكل الوظائف فيها الجيد والرديء والمحبوب والمكروه والمنتج والكسول والملتزم والمهمل!

• تغريدات «الداود والخليل» الموجهة لأعضاء هيئة التدريس، ذكرتني بما كتبه غازي القصيبي في كتابه «حياة في الإدارة» عن عمله «عميدا لكلية» في جامعة، بأنه كان أصعب عمل تولاه في حياته، أصعب من السكة الحديدية ووزارة الصناعة والكهرباء ووزارة الصحة وأصعب من السفارتين في البحرين ولندن!

• كان غازي القصيبي صريحا في حديثه عن العمل في الجامعات وما يدور فيها من مشاكل، وعن صعوبة العمل «عميدا لكلية» والتي كانت صعوبات عدة، الأولى والأساسية منها تكمن في التعامل مع الزملاء في الكلية أو معظمهم، كما يقول غازي، الذي يروي أن الصراع وقتها كان يبدو صراعا شخصيا، إلا أنه من الواضح أنه كان صراعا حول «حماية المواقع»، كان العميد يريد حماية موقعه من تدخل زملائه أعضاء هيئة التدريس، وكان الأعضاء يريدون حماية مواقعهم من تدخل العميد.

• ثم أكد - العميد غازي - أن المشاكل اليومية أفسدت العلاقات، والنتيجة كانت توترا شديدا أضر بالزمالات والصداقات.

• على الهامش ذكر القصيبي أن: الصراعات الأكاديمية ظاهرة معروفة في جامعات العالم والسبب «انعدام السلطة الرئاسية»، فبعدم وجود رئيس يتحول الجميع إلى رؤساء، ونقل عن أستاذ في العلوم السياسية الأمريكية أن «أعنف النزاعات لا تدور في ميادين الحروب بل في أروقة الجامعات».

fwz14@