روان صالح النملة

أزمة كورونا.. وتحديات التربية الاقتصادية في المناهج الدراسية

الأربعاء - 25 مارس 2020

Wed - 25 Mar 2020

أثبتت المملكة العربية السعودية قدرتها على إدارة الأزمات في كل المجالات، إذ أظهرت أزمة فايروس كورونا الذي ضرب العالم استطاعتها اتخاذ الإجراءات الاحترازية، وتدابير وقائية مناسبة مع الحدث والأزمة، ومحاربة الوباء والحفاظ على أمنها.

وبعبارة «هدفي الأول أن تكون بلادنا نموذجا ناجحا ورائدا في العالم على كافة الأصعدة، وسأعمل معكم على تحقيق ذلك» اختصر خادم الحرمين الشرفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظة الله - الهدف الرئيس لرؤية المملكة 2030، ولتحقيق رؤية المملكة في محور «اقتصاد مزدهر» يسهم التعليم إلى اقتصاد يعتمد على العقول ذات المهارة العالية والطاقات البشرية المبدعة والمنتجة، وتطوير رأس المال البشري، والمساهمة في تحقيق متطلبات وحاجات سوق العمل بدفع عجلة الاقتصاد الوطني.

إن التطور الهائل في القرن الحادي والعشرين، يفرض على كل أمة إعداد أفرادها وتسليحهم بالمعرفة المستجدة، وتمكينهم من إكمال هذا القرن بكل ثقة واطمئنان، ومواجهة التغييرات التي تطرأ على الحياة المستقبلية، وأخذت هذه التحديات العالمية تلقي مسؤوليات كبيرة على الأنظمة التربوية، حيث أصبحت الحاجة ملحة لمواكبة كل ما يجري في هذا العالم من مستجدات وتحويلات ووضع تصورات المستقبل فيما يتعلق بالتربية والمناهج الدراسية والإنسان الذي نريد.

فالمتعلم تتغير أهدافه واهتماماته وطرق تفكيره وفق التغييرات من حوله، وعملية التعليم تتغير نتيجة للتقدم في الدراسات التربوية والنفسية، فيصبح من الضروري تطوير المناهج الدراسية لأنها تمثل أهم الوسائل المدرسية في مواكبة هذه التغيرات.

وقد عرف المنهج بمفهومه الحديث بأنه: مجموع المعارف والمهارات والاتجاهات، المخطط لها لإحداث النمو الشامل للمتعلم وتوجيه سلوكيه لتحقيق الأهداف التربوية وفق حاجاتهم وحاجات مجتمعه.

وتهدف المناهج الدراسية من خلال المدرسة إلى تكوين المتعلم الواعي لاحتياجات وقضايا مجتمعه وأمته ومعالجتها، وذلك بتطوير تقويم وتخطيط المناهج الدراسية لمواكبة التغيرات، والمستجدات الإقليمية والدولية والقضايا العلمية والاقتصادية والثقافية والتكنولوجية، حيث تسهم في إكساب المتعلم سلوكا ومعرفة ووعيا نحو هذه المستجدات وتحقيق أهداف مجتمعه حاضرا ومستقبلا، فالإنسان هو محور عملية التنمية الاقتصادية ولا بد من تربيته تربية اقتصادية سليمة تجعله منه إنسانا منتجا.

وترتبط التربية بالظروف الاقتصادية والاجتماعية في أي مجتمع، وبذلك يصبح للتربية وظيفة اقتصادية ومطلبا أساسيا لأي مجتمع يريد أن يتبوأ مكانة متقدمة بين المجتمعات، ويتمثل ذلك من خلال ما تعكس مناهجنا الدراسية من قضايا وتحديات، وهذا يتطلب تطويرا جوهريا في المناهج الدراسية، في ضوء تحديات القرن الحادي والعشرين.

إن إلمام المتعلم بالمعرفة الاقتصادية يجعله يشارك بفاعلية في تحقيق التنمية الاقتصادية لمجتمعه، وذلك من خلال تعديل في سلوكه أمام القضايا والمواقف والمشكلات الاقتصادية التي تواجهه في حياتيه الاقتصادية، وذلك يعد مسؤولية التربية، ومن ذلك تتضح العلاقة بين الاقتصاد والتربية من خلال التربية الاقتصادية.

وعرفت التربية الاقتصادية بأنها عملية تعليمية تركز على تزويد الأفراد بالمعارف والمفاهيم والمهارات والاتجاهات والقيم، بهدف مساعدته على القيام بمتطلبات دوره كمواطن صالح وعضو فعال في مجتمعه، كمنتج كفء للسلع والخدمات، وكمستهلك رشيد، يعرف ما له من حقوق وما عليه من واجبات، وكمدخر ومستثمر واع.

ومن أهداف التربية الاقتصادية مساعدة المتعلم على فهم العلاقات التي يقوم عليها الاقتصاد المعاصر، وتنمية الوعي بأهمية العمل، وتنمية العادات الادخارية وترشيد الاستهلاك، وتنمية قيمة التعاون لدى الأفراد، وتنمية الوعي التخطيطي، وتنمية العادات الاستهلاكية، وتنمية الوعي بالمشكلات المعاصرة.

والتربية الاقتصادية تسهم في إعداد المواطن الصالح من خلال اكتساب التلاميذ القدر المناسب من المعلومات والمهارات والاتجاهات والقيم الاقتصادية، التي تجعله مستنيرا وواعيا بالنظام الاقتصادي لمجتمعه، بما يحويه من إجراءات وأساليب وقوانين اقتصادية تتطلب منه أن يتفاعل معها لمواجهة القضايا والمشكلات والمواقف الحياتية الاقتصادية، والقيام بدوره كعضو فعال ومواطن صالح في مجتمعه، وكمنتج، ومدخر، ومستهلك رشيد للسلع والخدمات، ودافع للضرائب ومحافظ على الممتلكات العامة ومودع ومقترض.

وعلى الرغم من التغيير في مفهوم المنهج، وتأثير التغيرات والمستجدات والتقدم البحثي والتقني بشكل فاعل في المناهج الدراسية، التي أصبحت تشكل تحديا يواجه المناهج، ما زالت المناهج تتطلب تطويرا مستمرا ومستندا إلى أسس علمية ومعايير دقيقة لمواكبة التوجهات الحديثة كتضمين المستجدات العلمية في المناهج الدراسية، والخروج من التلقين إلى التفكير العلمي والإبداعي، وتنمية القدرات التفكيرية، وحل المشكلات، وتضييق الفجوة بين النظرية والتطبيق، وربط التنظير بالتطبيق، والحاجة إلى مراعاة المناهج الدراسية للتغيرات المستقبلية، كالتغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية.

هل آن الأوان لدمج التربية الاقتصادية ضمن منظومة التعليم، ومواكبة المقررات الدراسية التحديات والمشكلات الاقتصادية التي تواجه إنسان هذا العصر، وإعداد مواطن يمتلك المعارف والمهارات والاتجاهات الاقتصادية، لديه الوعي الاقتصادي لاتخاذ القرارات الرشيدة المتعلقة بأنشطته المالية والاقتصادية، والقدرة على تحمل المسؤولية كمواطن منتج ومدخر ومستهلك للسلع والخدمات، وبناء اتجاهات إيجابية نحو الاقتصاد والعمل للقيام بأنشطة ذات البعد الاقتصادي داخل المدرسة وخارجها، وتدريس المفاهيم الاقتصادية في جميع المراحل التعليمية بدءا من طفل الروضة لخروجه من الجامعة؟

إن التطورات الاقتصادية هدف رئيس ومهم بين أهداف التربية، ومن ثم تبرز أهمية التربية الاقتصادية لجميع أفراد المجتمع، حيث إنهم جميعا يمارسون مختلف الأعمال الاقتصادية من شراء وبيع واستهلاك، وإيداع واقترض من البنوك وادخار، واستثمار في المشروعات الصغيرة، لذلك فإن الحياة تعد منظومة اقتصادية في جميع جوانبها، وإعداد الفرد للوظائف والأعمال المطلوبة والإسهام في اقتصاد مجتمعه، لتحقيق طموحات رؤية المملكة 2030.

RawanAlnamlah@