"تخاريف" إيران تحولت إلى كارثة

وفاة شاب مصاب بكورونا بعدما منحه رجل دين علاجا معجزة الحكومة تحركت أخيرا وأغلقت العتبات والحضرة والمزار الكبير مسؤول: عدد المصابين الحقيقيين أضعاف ما تعلن عنه وزارة الصحةدفعوا الزائرين إلى تقبيل ولعق الأضرحة والمزارات بحجة أنها طاهرة
وفاة شاب مصاب بكورونا بعدما منحه رجل دين علاجا معجزة الحكومة تحركت أخيرا وأغلقت العتبات والحضرة والمزار الكبير مسؤول: عدد المصابين الحقيقيين أضعاف ما تعلن عنه وزارة الصحةدفعوا الزائرين إلى تقبيل ولعق الأضرحة والمزارات بحجة أنها طاهرة

الثلاثاء - 24 مارس 2020

Tue - 24 Mar 2020

لقي شخص مصاب بفيروس كورونا في إيران حتفه بعدما منحه رجل دين ما وصفه بأنه «علاج معجزة» لإخراج فيروس كورونا المستجد من جسمه. وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) أن رجل الدين دخل بطريقة غير مشروعة إلى مستشفى بهشتي بمدينة أنزلي الساحلية مطلع الأسبوع وزار المريض في وحدة العناية المركزة، وتردد أن رجل الدين أخبر المريض الشاب نسبيا بأن الأطباء لم يعودوا قادرين على مساعدته، وأن لديه «علاجا معجزة» قادرا على علاجه. وأزال الرجل قناع الحماية عن المريض ومارس تخاريفه بفرك وجهه بسائل معطر، ليتوفى المريض بعد ذلك بثلاثة أيام، وأصدر الادعاء في أنزلي مذكرة لتوقيف الرجل.

لم تكن حالة الشاب الإيراني الذي مات ضمن قائمة طويلة في إيران بسبب كورونا هي الوحيدة، بل تسببت تخاريف أصحاب العمامات في طهران في كثير من الكوارث، بعدما أوهموا الناس في بداية ظهور المرض بضرورة زيارة الأضرحة في قم، مؤكدين أنها طاهرة وتساهم في شفاء كل من يتمسح بها أو يقبلها.

تقبيل ولعق

بث ناشطون إيرانيون مقاطع مصورة تظهر عددا من الزائرين لمدينة قم يعمدون إلى «تقبيل ولعق» الأضرحة في المزارات الدينية، معتقدين أنهم بذلك يتحدون فيروس كورونا، وظهر أحد الرجال في فيديو انتشر على مواقع التواصل، يقول «لا آبه بكورونا، يقولون إن هذا الضريح قد ينقل لنا الفيروس، بسبب احتمال أن يكون مصاب ما قد لمسه في وقت سابق، لكنني لا أكترث، أريد أن أصاب إذن»، وأثارت تلك المشاهد انتقادات واسعة على مواقع التواصل.

ولاحقا حذر رجال الدين في إيران من تلك التصرفات، بعدما ارتفع عدد المصابين في قم، وبعد أن توغلت الكارثة أكثر في إيران، حيث فرضت إيران قيودا على حرية التنقل داخل البلاد بالنسبة إلى الأشخاص المصابين بفيروس كورونا المستجد أو المشتبه بإصابتهم به.

إصابة الأطباء

وأعلن رئيس جامعة محافظة قم للعلوم الطبية في إيران محمد رضا قدير، عن إصابة 170 طبيبا وممرضا بفيروس كورونا المستجد جراء تواصلهم المباشر ومعالجتهم للمصابين الراقدين في مستشفيات المحافظة، التي أصبحت بؤرة لتفشي هذا الفيروس.

وقال قدير لوكالة أنباء «تسنيم»، «إن 40 طبيبا و130 ممرضا أصيبوا بفيروس كورونا المستجد جراء معالجة المصابين الراقدين في أربعة مستشفيات بمحافظة قم»، مبينا أن اثنين من الممرضين في مستشفى بهشتي وكامكار نالا مرتبة الشهادة (الوفاة) في طريق مكافحة فيروس كورونا. وأضاف رئيس جامعة قم للعلوم الطبية، أن «هناك 15 من الأطباء يرقدون في مستشفيات المحافظة جراء إصابتهم بفيروس كورونا المستجد».

وسجلت محافظة قم في 19 فبراير الماضي، أول حالتي وفاة بفيروس كورونا وأصبحت بؤرة لتفشي الفيروس في جميع المحافظات، فيما تجاهلت الحكومة جميع المطالبات الداعية إلى فرض الحجر الصحي على المحافظة التي تعد معقل المرجعيات الشيعية والحوزات الدينية.

كذب إيراني

واعتبر مسؤول إيراني أن عدد حالات المصابين بفيروس كورونا المستجد في البلاد أضعاف المعلن عنه، وذلك نتيجة انتقال المواطنين إلى المدن دون رصد حالات إصابتهم.

ونقلت وكالة أنباء «مهر» الإيرانية عن روزبه رجايي، مساعد جامعة العلوم الطبية بمدينة تبريز غربي إيران قوله «لقد بلغت حالات الوفاة بفيروس كورونا في محاظة آذربيجان الشرقية إلى 88 شخصا وهذا الرقم فقط لمن راجع المستشفيات، فهناك أضعاف هذا الرقم من المصابين الذين لا يزالون يتنقلون دون رصد إصابتهم».

وأضاف مساعد جامعة العلوم الطبية بمدينة تبريز أن عدد المصابين بالفيروس في محافظة أذربيجان الشرقية ارتفع إلى 937، وأن أكبر خوف لدينا هو عدم اتباع التحذيرات الصحية حيث لا يزال هناك الكثير ممن يتنقلون في المدن وربما يكونون ناقلين للفيروس دون علم.

يأتي ذلك في ظل تسجيل إيران أعدادا متزايدة من الإصابات والوفيات بفيروس كورونا، حيث أكد المتحدث باسم الصحة الإيرانية، كيانوش جهانبور، أنه لا توجد نقطة أو منطقة واحدة في إيران تخلو من فيروس كورونا.

تحرك متأخر

وفطنت الحكومة الإيرانية أخيرا للأخطار الكبيرة لفيروس كورونا بعد أن كشفت الأرقام الرسمية أنه ضرب ما يزيد عن 25 ألف شخص، وقال وزير الصحة سعيد نمكي في مؤتمر صحافي نقله التلفزيون في حينه «بدل إعلان الحجر الصحي في مدن، سنفرض قيودا على تنقل من يشتبه بأنهم أصيبوا بعدوى الفيروس أو تأكدت إصابتهم به»، وأضاف «تقرر نشر فرق عند مداخل العديد من المدن المزدحمة الحركة»، مشيرا إلى أن الإجراء دخل حيز التنفيذ بدون مزيد من التفاصيل.

وتابع الوزير «أطلب من الناس عدم السفر»، مؤكدا أن أي شخص «مشتبه» بإصابته «في مدخل مدينة» سيتم «بالتأكيد وضعه في الحجر الصحي لمدة 14 يوما»، لكنه لم يحدد المدن المعنية بالإجراء.

قيود في قم

وأعلن فرض «قيود على دخول العديد من العتبات، خصوصا مزار فاطمة بقم التي تعد بؤرة تفشي الوباء، والحضرة الرضوية في مشهد ثاني أكبر مدن إيران والمزار الكبير»، وأكد أنه لن يسمح بدخول الزوار إلى أماكن العبادة هذه إلا بعد تزويدهم بسائل مطهر لليدين، وبالمعلومات المناسبة بشأن المرض وأقنعة، وإرشادهم حول ضرورة التحرك المستمر أي عدم التجمع، إنما تأدية الصلاة والمغادرة.