الأفغان للملالي: تعلموا منا

علاقات متوترة.. أجواء مشتعلة.. وتبادل طرد الدبلوماسيين بين البلدين طهران اتهمت طالبان بأنها حركة إرهابية ثم عادت لدعمها عسكريا غياب المهارات الدبلوماسية والموارد أفشل دور إيران في أفغانستان الصلح بين أمريكا وطالبان يصيب نظام الملالي بحالة جنون الملالي دعموا تحالف الطاجيك والأوزبك والشيعة بقيادة مسعود
علاقات متوترة.. أجواء مشتعلة.. وتبادل طرد الدبلوماسيين بين البلدين طهران اتهمت طالبان بأنها حركة إرهابية ثم عادت لدعمها عسكريا غياب المهارات الدبلوماسية والموارد أفشل دور إيران في أفغانستان الصلح بين أمريكا وطالبان يصيب نظام الملالي بحالة جنون الملالي دعموا تحالف الطاجيك والأوزبك والشيعة بقيادة مسعود

السبت - 21 مارس 2020

Sat - 21 Mar 2020

فجأة توترت العلاقات واشتعلت الأجواء بين إيران وأفغانستان بصورة غير مسبوقة، وتبادل البلدان طرد الدبلوماسيين، وطالبت أفغانستان سفير طهران لديها بتقديم تفسير رسمي لتصريحات باحتمالية استهداف بعض المناطق في أراضيها. وهاجم كبير مستشاري الرئيس الأفغاني، تصريحات للرئيس الإيراني حسن روحاني يتهكم فيها على بلاده، داعيا الأخير للتعلم من كابول التي ليست في عزلة عالميا.

وتداول مغردون على موقع تويتر مقطعا مصورا يظهر به روحاني منتقدا استمرار الاقتراع يدويا في الانتخابات الإيرانية، في حين تمكنت أفغانستان من التوصل إلى التصويت الكترونيا، وسط ضحكات عدد من الحضور.

الأمر لا يتعلق بدعم إيران الخفي لطالبان وتسليمها صواريخ مضادة للطائرات فقط، بل يمتد إلى تاريخ طويل من الخلافات والأزمات والضرب تحت الحزام.

معايرة سياسية

المشهد الأخير للعلاقة بين إيران وأفغانستان يحمل معايرة سياسية، حيث طالب شاه حسين مرتضوي، مستشار الرئيس الأفغاني محمد أشرف غني، روحاني بعدم السخرية من كابول والتعلم من تجربتها، حسبما أوردت محطة إيران إنترناشونال الناطقة بالفارسية من بريطانيا.

وأضاف مرتضوي، في انتقاد ضمني للنظام الإيراني، أن أفغانستان بعد 40 عاما من الحرب تسعى حاليا نحو الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير، ولديها تماسك ديني ونشاط إعلامي حر.

واستطرد مستشار الرئيس الأفغاني أن بلاده ليس لديها سجناء سياسيون، بينما لم تودع منافسين بالانتخابات رهن السجن أيضا، بل أصبح أحد المنافسين الانتخابيين شريكا بالسلطة قبل 5 سنوات.

4 مراحل

عاشت إيران أوهام الهيمنة الفارسية مع جارتها أفغانستان، وكانت «داري» واحدة من لغتين رسميتين في أفغانستان يستخدمهما المثقفون والنخبة، وحتى عام 1857 كانت هيرات جزءا من إيران، وبعد توقيع إيران وبريطانيا على معاهدة باريس عام 1857، تخلت إيران عن مطالبها، رغم أنها تحتفظ بحق إرسال قوات إلى أفغانستان في حالة انتهاك حدودها.

ومنذ الاستقلال الأفغاني عام 1919 كانت العلاقات ودية، ولكن بعد الثورة الخمينية مرت السياسة الإيرانية بشأن أفغانستان بأربع مراحل:

الأولى: تزامنت مع الاحتلال السوفيتي 1979-1989، ودعت إلى انسحاب السوفيت ومساعدة الشيعة الأفغان.













الثانية: بعد انسحاب السوفيت، وساعدت إيران الجماعات العرقية غير البشتونية على تشكيل جبهة موحدة، وخلال الحرب الأهلية الأفغانية، دعمت إيران وباكستان أمراء الحرب المختلفين.













الثالثة: عقب استيلاء طالبان على السلطة عام 1996، رفضت إيران الاعتراف بالحكومة وقدمت الدعم العسكري لمعارضة التحالف الشمالي.













الرابعة والحالية: مع نهاية حكم طالبان، طورت إيران علاقات ودية مع حكومة كرزاي، وشاركت في إعادة إعمار أفغانستان، واستمرت في دعم حلفائها وضغطت من أجل انسحاب القوات الأجنبية.

















حرب بالوكالة

في عام 1979، تم تغيير مصير إيران وأفغانستان بشكل لا رجعة فيه، فمن ثورة أطاحت بالملكية في إيران، وغزو الاتحاد السوفيتي لأفغانستان، أدانت إيران الاحتلال السوفيتي وطالبت بانسحاب السوفيت، لكن طهران كانت حريصة على عدم استعداء موسكو، ورفضت أن تصبح دولة في خط المواجهة ضد الاحتلال السوفيتي، ونظرت إيران إلى الاتحاد السوفيتي كقوة موازنة للنفوذ الأمريكي في المنطقة.

وبحسب المعهد الأمريكي للدراسات الأفغانية، كانت السياسة الإيرانية الأفغانية تتمحور حول الشيعة، فدعمت طهران بسخاء الشيعة الذين شكلوا حوالي 20% من السكان، وأكثر من 1.5 مليون لاجئ أفغاني فروا إلى إيران، كثيرون منهم من الهزارة.

بعد الانسحاب السوفيتي عام 1989، تعهدت واشنطن وموسكو بعدم التدخل في أفغانستان، هذا القرار حول البلد الذي مزقته الحرب إلى ساحة معركة لحرب بالوكالة، حيث سعت باكستان إلى تثبيت حكومة يسيطر عليها البشتون، واكتساب عمق استراتيجي ضد الهند، بينما سعت إيران بعد نهاية حربها مع العراق، إلى إقامة حكومة صديقة في كابول، وشجعت جميع المتحدثين باللغة الدارية وغير البشتونية على تشكيل جبهة موحدة.

وفي عام 1992، أطاح تحالف ضم الطاجيك والأوزبك والشيعة، بقيادة القائد الطاجيكي أحمد شاه مسعود، بالحكومة الموقتة التي خلفها السوفيت، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يهيمن فيها غير البشتون على الحكومة، واعتبر ذلك نصرا لإيران.

الحرب الأهلية

كان النصر قصير الأجل، حيث انحدرت أفغانستان إلى حرب أهلية مدمرة، أصيبت الحكومة نفسها بالشلل بسبب استمرار القتال بين مؤيديها، ورفضها العنيد تقاسم السلطة مع البشتون والشيعة. بالإضافة إلى ذلك، أمراء الحرب الأفغان الذين صعدوا إلى البروز أثناء قتالهم ضد السوفيت، أشعلوا الحرب الأهلية، بعد أن أنشؤوا إقطاعاتهم الخاصة، وشكلوا تحالفات عابرة مع القوى الإقليمية.

وبحسب معهد دراسة الحرب، دعت إيران إلى حل سلمي للنزاع، وناشدت الحكومة تقاسم السلطة مع البشتون والشيعة، لكن طهران لم يكن لديها المهارات الدبلوماسية ولا الموارد اللازمة لإحلال السلام في أفغانستان.

وخلال الحرب الأهلية، اتبعت إيران سياسات غير متسقة، لقد دعمت حكومة كابول، لكنها غطت أيضا رهاناتها بدعم الشيعة الذين عملوا لصالح النظام وضده، كما دعمت أمراء الحرب المنافسين، بمن فيهم إسماعيل خان من هيرات، وهو طاجيكي، واللواء عبدالرشيد دوستم، أوزبكي؛ وقلب الدين حكمتيار، من البشتون.

دعم طالبان

بحسب مقال منشور بمجلة «ثرد وورلد كوارتيرلي»، ففي خضم الفوضى وصلت حركة طالبان «وهي مجموعة غامضة من الطلاب الدينيين البشتون الشباب» إلى السلطة، وكانت أيديولوجيتهم مزيجا غريبا، في عام 1995 سقط هرات على يد طالبان، وبعد عام أطاحوا بالرئيس رباني، وكان ذلك بمثابة هزيمة لإيران.

رفضت طهران على عكس باكستان الاعتراف بحركة طالبان، وسعت إلى إعادة رباني إلى السلطة، وشاركت في محادثات 6+2 التابعة للأمم المتحدة حول مستقبل أفغانستان، لكن الاستثمار الاستراتيجي الإيراني كان لدعم التحالف الشمالي المكون من الطاجيك والأوزبك والمقاتلين الشيعة بسخاء، فيما دعمت الهند وروسيا التحالف، ولكن إيران كانت المصدر الرئيسي للمساعدة العسكرية.

العلاقات المكسورة

الدعم الإيراني للتحالف الشمالي، المنافس الأبرز لطالبان، خلق عداء خطيرا بين طهران وكابول، حيث قطعت العلاقات الدبلوماسية في 1997، واتهمت إيران طالبان بأنها «إرهابية مخدرة»، والتي جعلت أيديولوجيتها المعادية للديون وقوانينها الوحشية من أفغانستان سجنا ضخما، كما تدهورت علاقات إيران مع باكستان.

قدمت إيران الدعم الرئيسي للتحالف الشمالي عندما حاولت طالبان الاستيلاء على عاصمتها الموقتة في مزار الشريف، في البداية تم طرد طالبان، لكن بدعم باكستاني سادت طالبان في النهاية، فقتلت أكثر من 2000 شخص، كما قامت بخطف وقتل 8 دبلوماسيين إيرانيين وصحفي واحد، مما أدى إلى قرب إيران وأفغانستان من الحرب بشكل خطير.

جمعت طهران حوالي 200 ألف جندي على حدودها الشرقية، لكن التهديد جعل طالبان أكثر عدوانية، حيث داهمت المركز الثقافي الإيراني في مزار الشريف، وأشعلت النار في مكتبتها، بعد ذلك، زادت طهران من دعمها للتحالف الشمالي بينما حكمت طالبان معظم أفغانستان.

مصالح وخلافات

تتفق نيويورك تايمز وفورن بوليسي على أن التقارب بين إيران وأفغانستان كان دائما من أجل مصالح الأولى، فالاستثمار في إعادة إعمار أفغانستان هدف إلى إنشاء «منطقة نفوذ» ومنطقة أمنية في منطقة هيرات، وتفادي المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة، مع الضغط على كابول لتنأى بنفسها عن الولايات المتحدة، والتأكد من أن أفغانستان لا تستخدم لمهاجمة إيران، وتقليل تدفق المخدرات.

وزاد التوتر بين البلدين كثيرا، وبحسب موقع حقوق الإنسان ومركز دراسات الشرق الأوسط، وموقع راديو أوروبا الحرة فإن أسباب التوتر هي:

الرغبة في انسحاب القوات الأجنبية.













خط أنابيب إيراني يمر عبر أفغانستان.













تهميش الطاجيك والأوزبك والهزارة إلى حد ما.













إيران تضم 1.5 مليون لاجئ أفغاني يتم استخدامهم وقت النزاع.













الاتجار بالمخدرات. هيرات وإيران

















أحد الأهداف الرئيسية لإيران هو خلق مجال نفوذ اقتصادي في هيرات، وتحويلها إلى منطقة عازلة أمنيا، وبحسب مركز مكافحة الإرهاب، تريد إيران في نهاية المطاف أن تصبح مركزا لنقل البضائع والخدمات بين الخليج العربي وأفغانستان وآسيا الوسطى والصين والهند.

ويكمن الجزء الأكبر من استثمارات إيران في إعادة الإعمار في منطقة هيرات، وتشمل مشاريع البنية التحتية، وبناء الطرق والجسور، والتعليم، والزراعة، وتوليد الطاقة، ومشاريع الاتصالات. وتعمل إيران على بناء خط سكة حديد طوله 176 كلم من إيران إلى مدينة هيرات.

عودة الود مع طالبان

تعد إيران وطالبان عدوتين أيديولوجيتين، وستشكل استعادة القوة لطالبان في أفغانستان تهديدا خطيرا للأمن القومي لإيران، ومع ذلك، في عام 2007، قال الناتو إنه اعترض شحنة من المقذوفات المتفجرة من إيران موجهة لطالبان، ولم يكن ذلك من باب الحب المتبادل، ولكن كما يقول المثل «عدو عدوي هو في بعض الأحيان صديقي».

ومن الواضح أن إيران تشعر بالقلق وقد تصاب بالجنون إزاء التقارير التي تفيد بأن الولايات المتحدة وحلف الناتو قد توصلا إلى حل للخلافات مع طالبان، ويعتقد كثيرون في طهران أن واشنطن كانت ستقيم علاقات مع طالبان لو لم تكن طالبان ملاذا لتنظيم القاعدة، وتشعر بالقلق أيضا من المفاوضات الناجحة بين طالبان والولايات المتحدة.