سلافة طارق القطب

كوفيد-19 الإجابة تأتي بعد الجائحة

الاثنين - 16 مارس 2020

Mon - 16 Mar 2020

منذ ظهور أولى حالات الإصابة بفيروس كورونا COVID-19 مع نهاية عام 2019 وبداية عام 2020 في مدينة وهان بمقاطعة هوبي جنوب شرق الصين، كثرت التكهنات في الأوساط العلمية وبين العامة، بأن الفيروس هو بداية لحرب بيولوجية، وتأكد ذلك للبعض عندما صرح رئيس دولة الصين بأن بلاده تخوض معركة خطيرة ضد فيروس «شيطان»، في دلالة على ضرورة حشد الجهود للانتصار على الشيطان في المعركة.

ومنذ إعلان وزارة الصحة بالمملكة العربية السعودية ظهور أول حالة يوم الاثنين الموافق الثاني من مارس 2020، أي بعد نحو شهرين من تشخيص أول حالة بالصين، اتخذت الدولة إجراءات وقائية استثنائية، آخذة بالاعتبار المخاطر الصحية الزمنية والمكانية والمتزامنة مع موسم العمرة في شهر رجب، وأوقفت الجهات الرسمية العمرة بالحرم المكي والزيارة للحرم النبوي.

وتلاها بعد ذلك إجراءات وقائية عند الحدود والمنافذ الجوية والبرية والبحرية. كما تم تعليق الدراسة بالمدارس والجامعات وأنشطة التدريب بكل أنواعها، وجميع ما تم كان يهدف إلى التخفيف من التجمعات البشرية لكسر سلسلة انتقال الفيروس بين البشر. وتم تعزيز الجهود والقرارات السابقة بجهود توعية لتعزيز السلوكيات الصحية لدى الأفراد والمجتمعات عن طرق غسل اليدين وتطيرها بالكحول، والاحتياطات العامة لمكافحة العدوى، ولكسر سلسلة الانتقال تم إعداد رسائل توعية عن الإرشادات الصحيحة للبس الكمامات الواقية وطرق التخلص منها، واتباع الإرشادات الصحيحة للوقاية من الرذاذ الناتج عن الكحة والعطاس، وكذلك إجراءات الحجر والعزل المنزلي.

وبعد إعلان منظمة الصحة العالمية عن تصنيف المرض بأنه جائحة عالمية، بدأت السلطات بالمملكة اتخاذ إجراءات أكثر صرامة في مراقبة الوضع الوبائي للفيروس، بهدف التحكم في دخول حالات أو إصابات جديدة والسيطرة على المرض من خلال وقاية المخالطين وتوعيتهم.

في الحقيقة تكمن صعوبة الإجابة عن تساؤلات العامة في المجمل، حيث يتشابه سلوك انتقال الفيروس مع فيروس الإنفلونزا وبعض فيروسات الجهاز التنفسي الأخرى، ويختلف في تفاصيل عدة، مثل إمكانية توفر لقاح، واستفساراتهم عن إمكانية توفير علاج يضمن شفاء المصابين في حال الإصابة، وخطر الوفاة المتوقع بعد الإصابة، ناهيك عن الرسائل المضللة والمغلوطة والمتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

أما عن الأوساط العلمية فالإجابة عن تساؤلاتهم تشكل تحديا أكبر لعلماء الوبائيات والصحة العامة والفيروسات، وكذلك للمختصين في الطب الوقائي والأمراض المعدية ولأسباب عدة، أهمها: عامل سرعة الانتشار في المجتمعات والتجمعات، الكشف المبكر من خلال الاختبارات المثبتة علميا لتوكيد الحالات المشتبه بها، معدل الوفيات في حال الإصابة، فترة الحضانة الممتدة إلى 14 يوماً، وأخيرًا العبء الذي تشكله الإصابات على إشغال وتشغيل المستشفيات والفريق الطبي، خاصة أقسام العناية المركزة وأجهزة التنفس الصناعي.

وإلى حين إيجاد إجابة عن تلك التساؤلات من خلال تمكين ودعم المختصين لإجراء دراسات وبحوث علمية، أدعو أهل العلم والاختصاص كل في مجاله إلى الاستفادة من تجارب الدول التي نجحت في احتواء الأزمة، وإيجاد حلول وبدائل علمية للحد من الآثار السلبية الناتجة عن تلك الجائحة التي لم يشهد العالم مثيلا لها منذ جائحة انفلونزا هونج كونج قبل أكثر من 50 عاما في عام 1969، والتي تسببت بمقتل نحو مليون من البشر من كل الدول في العالم.

DrSulafaAlQu@