علي أحمد القاسم

وجهات سياحية بلا مستثمرين

الاحد - 15 مارس 2020

Sun - 15 Mar 2020

يعتقد كثير من المختصين والمسؤولين وعامة الناس أن الوجهات السياحية لا يمكن أن تنمو وتتطور إلا بوجود مستثمرين محليين أو أجانب. هذا الاعتقاد غالبا خاطئ، فالوجهات السياحية تختلف حسب طبيعتها ومكوناتها، فهي تنمو وتتطور بثلاث طرق رئيسية: الطريقة التقليدية عن طريق الهواة والمستكشفين، أو عن طريق مستثمرين محليين وعالميين، أو عن طريق دعم الدولة. ما نلاحظه في قطاع السياحة في السعودية هو التركيز على آخر طريقتين، بينما الطريقة الأولى هي الطبيعية والمتاحة للجميع والأقل تكلفة وتستخدم في كثير من الدول المتقدمة سياحيا.

سأوضح بشكل مختصر كيف تنمو الوجهات السياحية التقليدية، والتي يجب أن نركز عليها في تطوير وجهاتنا السياحية للنمو بهذا القطاع المهم. غالبا الوجهات السياحية بعد أن تكون جزءا مهملا من الطبيعة، تبدأ بزيارات محدودة جدا من هواة، ومغامرين، ومستكشفين أو حتى من أبناء المنطقة، يبحثون عن أماكن بكر لم يزرها الإنسان من قبل، ويبقون فيها لعدة أيام لاكتشافها والاستمتاع بجمال طبيعتها.

ينقل هؤلاء الزوار تجربتهم إلى أصدقائهم ومعارفهم والمجتمع المحلي، فتبدأ الزيارات تتوالى لتلك الوجهة. ويبدأ السكان المحليون بالانتباه لوجود زيارات متكررة لزوار أجانب من خارج المنطقة، فيزور السكان المحليون بدورهم الوجهة للتعرف عليها والاستمتاع بالموارد الطبيعية الموجودة في منطقتهم.

عند هذه النقطة تبدأ الوجهة السياحية تنمو والعجلة الاقتصادية المحلية تتحرك، هنا يبدأ السكان المحليون استثمار ممتلكاتهم وخبراتهم للاستفادة من الوجهة الجديدة. يبدأ ملاك السيارات باستخدام سياراتهم لنقل الزوار للوجهة الجديدة، وتبدأ الأسر المنتجة بتوفير الأكل والشرب للزوار بكميات بسيطة، فتنمو أكثر ويزداد الزوار فيزيد استثمار السكان المحليين لممتلكاتهم، فمن يملك منزلا كبيرا يؤجر جزءا منه للزائر الذي يرغب في المبيت، ومن يملك رأسمال يستثمره في مطعم صغير أو بقالة أو فندق صغير.

وهكذا يزداد عدد الزوار ويزداد الطلب على الخدمات السياحية مع الوقت مثل: صيدلية، مركز صحي، سوبرماركت، مطاعم، مقاهي، اتصالات، طرق، خدمات صرف صحي، وغيرها من الخدمات السياحية الأخرى، وبعد ذلك تزداد الأنشطة السياحية، وفي الأخير تصبح وجهة سياحية متكاملة الخدمات يأتيها السياح من كل مكان في العالم، وتضعها الشركات السياحية ضمن قائمة المزارات.

بهذه الطريقة البسيطة تصبح لدينا وجهات كثيرة في كل مناطق المملكة، دون أن تتكلف الدولة نفقات تطويرها أو البحث عن مستثمرين لتشغيلها، كل ما عليها، خاصة وزارة الشؤون البلدية والقروية، وأمانات المدن بالتنسيق مع وزارة السياحة؛ تنظيم الحركة السياحية في تلك الوجهة، وتوفير أهم الخدمات الأساسية لتسريع نموها، بدلا من محاربة العاملين الجدد والأسر المنتجة في تلك الوجهات.

@Alialgassim