علي المطوع

الإعلام السعودي وتحديات المرحلة

الاحد - 08 مارس 2020

Sun - 08 Mar 2020

استبشر الوسط الإعلامي وأعلامه والمنتسبون إليه بخبر تسنم معالي الوزير ماجد القصبي مهام الوزارة وشؤون الإعلام.

تكمن أهمية هذا التعيين في أمرين: أولهما التحديات المرحلية التي تمر بها المملكة، كون هذه الفترة من أصعب اللحظات وأعقدها على مستوى المنطقة العربية والعالم أجمع،أما الثاني فيتمثل في كمية الأصوات التي نادت وما زالت تنادي بنهج إعلامي جديد يتوافق مع التحديات والخطوب ومستلزمات اللحظة، وما تقتضيه من صناعة إعلامية تعكس أهمية السعودية وأدوارها المختلفة.

السيادة الإعلامية تكمن في المنتج الذي ينبغي تقديمه للمتابعين، مع ملاحظة أن السبق في الخبر - مثلا - ما عاد منجزا إعلاميا ينحاز للوسائل التقليدية في إعلام الحكومات كما كان يحدث سابقا، اليوم أصبح الخبر ينحاز إلى الوسيلة الأسرع تأثيرا ونقلا لهكذا أخبار، ما معنى هذا؟ هذا يعني أن الوسائل القديمة ما عادت تجدي في تقصي الخبر ومتابعته كما كان في زمن ماض ولى ولن يعود.

الأمر الآخر أن الخبر بات يصنع صناعة دقيقة تفضي إلى معلومة تسبح في هذا الفضاء، وهذا الخبر قد يكون جزءا من سياسة أو إرهاص لتحول قريب.

المتابع لحراكنا الإعلامي يجد أن هناك حيودا في الإعلام على مستوى المفهوم والممارسة، أجلاه تكريس مفهوم الإعلان على حساب الإعلام، وكان من نتائجه أن أصبح إعلامنا مجرد وسيلة نقل خبرية، لا تلتزم بصناعة سياسة إعلامية واضحة تتماهى وتنسجم مع ثقل السعودية وطبيعة مكانتها الكبيرة، شاهد ذلك حالة الارتباك التي تعتري أعلام هذا الإعلان والعاملين عليه في اللحظات الحرجة والمراحل المفصلية، وهذا ما يجعل المنتج خديجا وربما مشوها لا تستطيع قياسه ومتابعة آثاره المرجوة ومساحة تأثيره، فضلا عن أن تصنفه تحت أي صناعة إعلامية يكون.

الثقافة والإعلام توأمان لا ينفصلان ويقتضيان انسجاما يأخذهما إلى النتيجة المثلى التي تصنع ما يعرف بالقوة الناعمة، والهوية تظل الرابط والإطار الذي يحوي كل ذلك.

إن الإشكالية الكبرى التي قد تؤخر وتعطل الصناعة الإعلامية المحترفة، هي عدم التماهي الذي قد يحدث بين هذه الصناعة والهوية ومقوماتها، والأخيرة لا تعني الانغلاق تحت أي مسمى أو مبرر عقيم، بل هي نقطة دافعة ومركزية يبنى عليها الإعلام صناعة ورسالة وأهدافا ورؤية.

هذا الإشكال يعود في حالات كثيرة إلى جهل بعض القائمين على هذه الصناعة بحقيقة التاريخ وأبعاده المتجذرة في الأرض والإنسان، وهنا يحصل التضاد بين ما ينبغي وما هو كائن، ومن هنا تكون وتكمن المثالب والمداخل التي يتصيدها صناع الفتنة والدجل والكذب للافتئات على السعودية وشعبها.

حان الوقت وما تقتضيه المرحلة لإعادة تفكيك بعض المفاهيم الإعلامية القديمة، وإعادة تشكيلها وفق منطق إعلامي تسود فيه الأفضلية للأفضل، وترسيخ المفهوم الصحيح للأفهم والأجدر، والبعد عن إعلام (الفزعات والشيلات)، وتسويق الحقيقة كمبدأ ترتكز عليه المصداقية، وترسيخ اللحمة الوطنية من خلال طرح علمي رزين رصين، وإعادة تصحيح مفهوم الوطنية وإخراجها من مفاهيمها المغلوطة ليصب ولاء وحبا وتضحية في سبيل الوطن ومقدساته ومقدراته ورموزه.

السعودية قدرها أنها المركز الأكمل، وبتاريخها هي الأجدر، وبجغرافيتها تظل الأوفر والأندر، وبشعبها هي الأقدر، وبتلك المقدرات وغيرها سيصنع أبناؤها إعلاما أفضل وأجود، قادرا على الدفع بها إلى المكانة التي تستحقها بين الأمم والشعوب، وهذا يتأتى بإعلام يكون هو الفعل، المبتدأ صناعة والخبر أثرا وفعلا وتأثيرا.