سهام الطويري

لمعالي وزير الثقافة والإعلام: هاشتاق المفتاحة!

الأحد - 26 يونيو 2016

Sun - 26 Jun 2016

يتداول عدد من الرسامين في منطقة عسير استياءهم هذه الأيام من خلال هاشتاقي

#قريه_المفتاحه_التشكيلية_تغتال. # فيصل_مشرف_يهدد.

والحقيقة أنه بغض النظر عن كمية الانفعالات والتعبيرات العاطفية التي تملأ الهاشتاقين من قبل رسامي مدينة أبها ولغتها الاحتجاجية المرتدة على ما غرد به أحد المسؤولين عن أعمال صيانة المحلة بأسلوب مستفز، إلا أنه يمكننا أن نستكشف من خلال القراءة الموضوعية والتجردية أن سبب إنشاء هذا الهاشتاق هو ألم فني يشعر به هذا الرسام.

حينما يمتعض الرسام من تكدر الأجواء فإنها مقدمة للانعزال عن التذوق الفني لأحاسيس الطبيعة المتبقية في الأجواء المشحونة بالمساومات.

لا يمكن للفن في أي بقعة في العالم أن ينمو بشكل طبيعي إذا وجدت أسباب تنافسه على موقعه أو زمانه أو حجم تأثيره.

في أغلب بلدان العالم المتحضرة عبر الحضارات والتاريخ ومدن العالم نجد أن جميع الشعوب تتيح للفنون مساحة خاصة خالصة لا تمتزج معها أي مقومات مادية أو حضارية أو فلسفية أخرى.

وبالسفر لأشهر محلات الرسم في العالم الحديث نجد أن للرسامين تجمعات ثابتة في أحياء معينة من المدن تشتهر بهم وتفوح منها روائح الأحبار والأصباغ على مدى مسافات مترية أبعد منها. فاشتهرت محلة الرسامين في مونتمارت بباريس بالرسامين على مستوى أوروبا، وصار الزائر لمدينة باريس مرغما تواقا لجدولة زيارة كنيسة القلب المقدس ودائرة باريس الثامنة عشرة، واشتهرت محلة كوفنت جاردن بلندن بعروضها المسرحية الحية على الهواء وانتشار مستمر للرسامين والنحاتين وحائكي العرائس والدمى وأصحاب الهوايات الفنية.

مفتاحة أبها ليست أقل من أحياء الرسم الشهيرة على مستوى العالم، بل وبدأت تنمو في أخذ السمعة في مجال التخصص في عروض الرسم على مدى العقد الماضي.

ومن ثم فتطوير أعمال المفتاحة ينبغي ألا يتطلب طمسها بطمع الراغبين في فتح بوتيكات الطعام والشراب.

يريد رسامو المفتاحة أن تكون للفن هويته وبصمته في تلك البقعة، بعيدا عن حرفيي سوق الثلاثاء الشعبي، وبعيدا عن نكهات الأطباق الشعبية وما تجلبه من ضجيج نوعية من الزوار لا تجيد الجمع بين تذوق فن الرسم بما يشمله من مدارس، وبين تذوق الطعام الشعبي والمشروبات التقليدية.

نحن بحاجة لخصخصة الأماكن وفق الهوايات حتى تتركز النكهات وتتعارف بها مع مرور الزمن. نظام كوكتيل المهرجانات شعبي فوضوي يقتل جمال التخصص ورغبات النخبة، وأثبت فشله الذريع الذي أدى إلى هجرة السياح السعوديين للدول المجاورة. ليست رغبات كل متسوق أن يأكل ويطلع على الرسم وأن يستمع لمحاضرة.

أمامنا جيل مترف ذوقيا، متحضر في جوانبه الحسية، يحتاج لأماكن فنية ترتقي بالأحاسيس الثقافية وتقدم الرغبات الفكرية بعروض على أعلى المستويات.