هل أصاب كورونا 700 ألف إيراني
نائب برلماني: المستشفيات مملوءة بالمرضى.. الأرقام التي تعلنها الحكومة مزحة
الفيروس ضرب عددا من المسؤولين الحكوميين.. وطهران باتت الأولى عالميا في الوفيات
علماء كنديون: الإصابات المؤكدة تجاوزت 18 ألفا منذ أيام عدة24
محافظة استقبلت المرض في 8 أيام فقط.. والمدارس والجامعات أغلقت أبوابهاممثل خامنئي دعا لمواصلة زيارة أضرحة قم.. وادعى أنها مكان للشفاءالحرس الثوري أراد إحراج حكومة روحاني وأعلن تصديه للحرب على كورونانائب وزير الصحة أقسم أنه سيستقيل إذا كانت الأرقام صحيحة فاتضحت إصابته بالمرض
نائب برلماني: المستشفيات مملوءة بالمرضى.. الأرقام التي تعلنها الحكومة مزحة
الفيروس ضرب عددا من المسؤولين الحكوميين.. وطهران باتت الأولى عالميا في الوفيات
علماء كنديون: الإصابات المؤكدة تجاوزت 18 ألفا منذ أيام عدة24
محافظة استقبلت المرض في 8 أيام فقط.. والمدارس والجامعات أغلقت أبوابهاممثل خامنئي دعا لمواصلة زيارة أضرحة قم.. وادعى أنها مكان للشفاءالحرس الثوري أراد إحراج حكومة روحاني وأعلن تصديه للحرب على كورونانائب وزير الصحة أقسم أنه سيستقيل إذا كانت الأرقام صحيحة فاتضحت إصابته بالمرض
الثلاثاء - 03 مارس 2020
Tue - 03 Mar 2020
ظهر نائب وزير الصحة الإيراني إراج هاريتشي، في مؤتمر صحفي بالعراق شاحبا ومرهقا، أخبر الصحفيين أن إيران بعيدة عن خطر تفشي فيروس كورونا في البلاد.
كان يمسح عرقه بشدة لدرجة أن أحد المساعدين سارع إلى المنصة حاملا علبة مناديل ورقية، رفض هاريتشي ادعاء أحد أعضاء البرلمان الإيراني بأن 50 شخصا قد ماتوا بالفعل بسبب مرض كرونا المستجد.
قال والتعب باد على وجهه «سأستقيل إذا كانت الأرقام نصف أو ربع هذا»، مضيفا أن إيران لديها فقط 61 حالة مؤكدة، مع 12 وفاة فقط، وأشار إلى أن بلاده تعارض عملية الحجر الصحي، لأنها تنتمي لعصر ما قبل الحرب العالمية الأولى «لا طاعون وكوليرا وأشياء من هذا القبيل»، وفي اليوم التالي تأكد خبر أن هاريتشي نفسه أصيب بفيروس كورونا.
قصة نائب وزير الصحة تجسد حالة التعتيم على المرض التي تعيشها طهران، فعلى رغم الإعلان الرسمي عن إصابة نحو 2000 شخص بكورونا، إلا أن الإيرانيين أنفسهم يؤكدون أنهم تجاوزوا الصين، ويشير النائب البرلماني غلام زاده إيمانبادي إلى احتمالية إصابة 700 ألف إيراني بالمرض.
ضريح قم
يبدو أن اندلاع المرض في إيران بدأ من مدينة (قم)، وهي معقل المحافظين والمتشددين، على بعد حوالي ساعتين من طهران، وهو موطن ضريح مشهور بقبة الذهب العملاقة والبلاط الأزرق المعقد والذي يجذب الشيعة من جميع أنحاء العالم، وكان أول كشف للمرض من جانب الحكومة هو تقرير عن وفاة شخصين بقم في 19 فبراير، وتشير التقارير الأولية إلى أن حامل الفيروس ربما كان تاجرا سافر بين قم ووهان في الصين.
في غضون 8 أيام من أول حالة وفاة تم الإبلاغ عنها في إيران، امتد المرض إلى 24 محافظة من مقاطعات البلاد البالغ عددها 31 مقاطعة، وتضاعف عدد الحالات يوميا تقريبا، وبدلا من إغلاق المواقع العامة، وهو إجراء اتخذه خبراء الصحة العامة في بلدان أخرى، دعا رئيس الضريح في مدينة قم الزائرين إلى مواصلة القدوم، وقال ممثل المرشد الأعلى الإيراني في قم محمد سعيدي، في مقطع فيديو «نعتبر هذا الضريح المقدس مكانا للشفاء، وهذا يعني أنه يجب على الناس القدوم إلى هنا للشفاء من الأمراض الروحية والجسدية». وتم الإبلاغ عن حالات تم إرجاعها إلى إيران في أذربيجان وأفغانستان والبحرين وكندا وجورجيا والعراق والكويت ولبنان وعمان وباكستان والإمارات العربية المتحدة، و تم ربط العديد من هذه الحالات على وجه التحديد بزيارات إلى قم.
تحرك متأخر
منذ بدء تفشي فيروس كورونا، أغلقت أكثر من 50 دولة، بما في ذلك الشركاء التجاريون الرئيسيون مثل أفغانستان والعراق وتركيا، حدودها أمام إيران، وفقا لـعدنان مزاري ، الخبير الاقتصادي في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي في واشنطن، والذي كتب «يمكن أن تتأثر منطقة الشرق الأوسط برمتها قريبا بدور إيران كمركز لهذه العدوى»، وأضاف «من المؤكد أن منطقة الشرق الأوسط ستتعرض لجولة جديدة من الضغط الهبوطي على أسعار النفط بسبب انخفاض الطلب على النفط من الصين وغيرها»، وتمثل الصين ربع إجمالي التجارة الإيرانية.
ومن المرجح أن تتأثر التجارة الداخلية عشية رأس السنة الفارسية «النوروز» بعد أيام، والذي يعد أكبر عطلة في إيران، ويشهد طقوسا عديدة منها شراء ملابس ولعب جديدة، والسفر إلى ساحل بحر قزوين أو أماكن العطلة الأخرى للاستراحة من الأزمات المتصاعدة في إيران.
تحركت الحكومة الإيرانية متأخرة للتأكد من انتشار العدوى، تم تطهير السيارات وإغلاق متاجر الوجبات الخفيفة، في أكثر من 12 محافظة، وتم إغلاق الأماكن العامة حرم الجامعات والمدارس والمراكز الثقافية، وتأجيل الأحداث التي تجذب جمهورا كبيرا، بما في ذلك ألعاب كرة القدم وعروض الأفلام، تم إلغاء صلاة الجمعة في المحافظات الأربع والعشرين التي ظهر فيها الفيروس، وإغلاق المدارس في جميع أنحاء إيران، وطهرت السخرية في وسائل التواصل الاجتماعي لشبان في الشارع يهزون أحذيتهم مع بعضهم البعض لتجنب مصافحة أحدهم.
أرقام مخفية
رغم إعلان نائب وزير الصحة الإيراني علي رضا أن 1501 من الإيرانيين ثبتت إصابتهم بالفيروس وتوفي نحو 66 حتى صباح أمس الأول، إلا أن الكثيرين في إيران يتحدون الأرقام التي أعلنتها الحكومة ويعتقدون أن العدوى قد انتشرت على نطاق أوسع، وأن عدد القتلى أكثر مما تقوله الحكومة، مع ظهور المزيد من الوفيات، ويؤكدون أن الأرقام التي أعلن عنها المسؤولون تقترب من النسب المسجلة بين الوفيات والإصابات في الصين.
في السابق، كان عدد القتلى في إيران أعلى بكثير مقارنة بالعدد الرسمي للحالات المصابة، حيث وصل إلى أكثر من 10%، يقول الدكتور عبدالرضا فاضل رئيس هيئة الصحة في مقاطعة جولستان إنه تم تشخيص 594 مريضا بفيروس كورونا في تلك المقاطعة وحدها.
ويؤكد غلام زاده إيمانبادي، وهو عضو في البرلمان الإيراني من رشت في شمال إيران، أن الوضع في دائرته الانتخابية «مقاطعة جيلان» حرج، وأن جميع المستشفيات في العاصمة الإقليمية مملوءة بمرضى فيروس كورونا.
الحكومة تمزح
وقالت إيمانبادي إن الأرقام التي نشرتها الحكومة «شيء يشبه المزحة»، وحث المشرع وسائل الإعلام على إيلاء المزيد من الاهتمام لجيلان، لأن الوضع هناك أكثر خطورة من مدينة قم التي يقال إنها نشأت فيها العدوى، وقال إن التطهير بدأ بعد عشرة أيام من اندلاع المرض وبعد نقل مئات الأشخاص إلى المستشفى، مشيرا إلى أن هناك نقصا خطيرا في المعدات في مستشفيات جيلان، وتعاني الكثير منها من الاكتظاظ، حيث أعلن مستشفى الرازي أنه لا يمكنه قبول المزيد من المرضى.
وقال النائب البرلماني إن المسؤولين لا يكشفون الحقيقة بشأن تفشي المرض، وإن عدد القتلى أعلى بكثير مما تقوله السلطات، وأضاف أن دفن أولئك الذين ماتوا بسبب فيروس كورونا قد حدث بطريقة غير صحية في القرى، وقال إنه لم يتم تسجيل أسباب الوفيات. وانتقد المسؤولين لعدم إخبارهم بالتهديد الخطير للصحة العامة، وقال إن نحو 700 ألف إيراني قد سافروا إلى جيلان من الأجزاء الأخرى من البلاد منذ اندلاع المرض، وهم معرضون للإصابة بالمرض.
أجواء حرب
اتجه الحرس الثوري الإيراني رسميا إلى موقع المواجهة مع فيروس كورونا، بعد يوم من إعلان الجيش الإيراني (أرتش) استعداده للانضمام إلى الحرب، وأفادت وكالة أنباء فارس المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني بإقامة مقر لقمع الفيروس القاتل، وخرج الحرس إلى شوارع طهران بسيارات مماثلة لشاحنات خراطيم المياه المضادة للشغب، استخدمها لإظهار قدرته على مواجهة الحرب الكيميائية خلال حرب استمرت 8 سنوات ضد صدام حسين بالعراق في الثمانينيات.
وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية شبه الرسمية أن الحرس الثوري وميليشيات الباسيج سيبقيان في الشوارع إلى أن يعود الوضع إلى طبيعته، وقد يكون هذا مؤشرا على خوف النظام من الاحتجاجات في المدن، حيث يزداد الوضع توترا وخطورة.
ويرى المحللون السياسيون أن هذه الخطوة محاولة من الحرس الثوري الإيراني لتصوير إدارة روحاني على أنها غير كفؤة، حيث تصرف الحرس بالمثل خلال الفيضانات التي اجتاحت إيران في أبريل 2019.
لماذا تعد إيران مكانا خطيرا لتفشي كورونا؟
وفقا لموقع فوكس، إذا طلب منك اختيار منطقة تستعد لتفشي المرض، فسيكون الشرق الأوسط اختيارا جيدا، حيث لم تؤد الحروب في اليمن وأفغانستان وسوريا إلى زعزعة استقرار الحكومات فحسب، بل أدت إلى فرار ملايين اللاجئين من ديارهم بحثا عن أراض أكثر أمانا، ولا تميل الحكومات في العديد من تلك الأماكن إلى أن تكون شفافة بشأن ما يجري.
وأضاف بيتر ديوت، مدير كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، لصحيفة نيويورك تايمز «أضف إلى ذلك الزيارات الدينية والعمال المهاجرين وغيرهم ممن يعبرون المنطقة كل يوم كلها ستساعد على تفشي الفيروس».
وتعد مدينة قم العاصمة الدينية لإيران، يبلغ سكانها حوالي مليون شخص، لكنها تستقبل أكثر من 20 مليون زائر سنويا، وحتى الآن لا تزال المدينة مفتوحة للمسافرين، وخاصة الزائرين الذين يهدفون إلى الأضرحة هناك، ولا تزال الحكومة الإيرانية لا تريد الاعتراف بأن المرض بدأ من هناك، حتى عندما قال برلماني يمثل قم إن 50 شخصا أصيبوا، كذبوه.
اللافت أن الأعضاء البارزين في المدينة مثل مدير الدراسات الطبية في جامعة قم الرئيسة يعانون من المرض، وهو في الحجر الصحي، ومن المرجح أن يزداد الوضع سوءا، ويقدر إسحاق بوجوخ، أستاذ وخبير الأمراض المعدية بجامعة تورنتو، أنه قد يكون هناك أكثر من 18000 حالة من حالات الإصابة بفيروس كورونا في إيران لم يتم اكتشافها بسبب انتشاره إلى الآخرين بسرعة كبيرة.
وباء من الحجم الكبير
الحالات الرسمية اقتربت من 2000 حالة إصابة مؤكدة، وأكثر من 70 حالة وفاة حتى أمس.
وفي تحليل مبكر نشر قبل أيام، قدر 6 من علماء الأوبئة الكنديين أنه من المحتمل أن يكون لدى إيران أكثر من 18 ألف حالة إصابة بفيروس كورونا، واستند نموذجهم الحسابي إلى حصيلة القتلى الرسمية في إيران، ومعدلات الوفيات الناجمة عن المرض في جميع أنحاء العالم، والانحرافات في البلدان الأخرى التي تم تتبعها إلى إيران، وبيانات الرحلة، وأنماط السفر، وذلك بحسب مقال بمجلة نيويوركر الأمريكية.
وخلص الباحثون إلى أنه «بالنظر إلى انخفاض حجم السفر الجوي إلى البلدان ذات الحالات المحددة التي لها منشأ في إيران (مثل كندا) ، فمن المحتمل أن تشهد إيران حاليا وباء كورونا ذي الحجم الكبير»، وبسبب هامش الخطأ الواسع، يمكن أن يصل عدد الحالات إلى 53 ألف حالة، وفي النهاية، استقر علماء الأوبئة الكنديون على 18300 حالة، بمعدل ثقة يبلغ 95%.
بؤرة العالم
أصبحت إيران، التي يبلغ عدد سكانها 83 مليون نسمة، واحدة من بؤر العالم من فيروس كورونا مع أعلى معدل وفيات في العالم، بناء على الأرقام الرسمية.
يتقلب معدل الوفيات في إيران يوميا، بين 8 و 18%، مقارنة بـ3% في الصين، وأقل في أي مكان آخر، وباتت إيران فريدة من نوعها، لأن عددا غير متناسب من الحالات المؤكدة هم من كبار المسؤولين الحكوميين.
قبل أيام، أعلنت مستشارة الرئيس الإيراني معصومة ابتكار أنها أصيبت أيضا بفيروس كورونا، بعدما حضرت قبلها بيوم واحد اجتماعا مع الرئيس حسن روحاني وحكومته، كما أصيب عضوان في البرلمان، بما في ذلك رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالعدوى، وكذلك رئيس بلدية طهران ورجل دين كبير كان سفيرا لإيران لدى الفاتيكان.
كان يمسح عرقه بشدة لدرجة أن أحد المساعدين سارع إلى المنصة حاملا علبة مناديل ورقية، رفض هاريتشي ادعاء أحد أعضاء البرلمان الإيراني بأن 50 شخصا قد ماتوا بالفعل بسبب مرض كرونا المستجد.
قال والتعب باد على وجهه «سأستقيل إذا كانت الأرقام نصف أو ربع هذا»، مضيفا أن إيران لديها فقط 61 حالة مؤكدة، مع 12 وفاة فقط، وأشار إلى أن بلاده تعارض عملية الحجر الصحي، لأنها تنتمي لعصر ما قبل الحرب العالمية الأولى «لا طاعون وكوليرا وأشياء من هذا القبيل»، وفي اليوم التالي تأكد خبر أن هاريتشي نفسه أصيب بفيروس كورونا.
قصة نائب وزير الصحة تجسد حالة التعتيم على المرض التي تعيشها طهران، فعلى رغم الإعلان الرسمي عن إصابة نحو 2000 شخص بكورونا، إلا أن الإيرانيين أنفسهم يؤكدون أنهم تجاوزوا الصين، ويشير النائب البرلماني غلام زاده إيمانبادي إلى احتمالية إصابة 700 ألف إيراني بالمرض.
ضريح قم
يبدو أن اندلاع المرض في إيران بدأ من مدينة (قم)، وهي معقل المحافظين والمتشددين، على بعد حوالي ساعتين من طهران، وهو موطن ضريح مشهور بقبة الذهب العملاقة والبلاط الأزرق المعقد والذي يجذب الشيعة من جميع أنحاء العالم، وكان أول كشف للمرض من جانب الحكومة هو تقرير عن وفاة شخصين بقم في 19 فبراير، وتشير التقارير الأولية إلى أن حامل الفيروس ربما كان تاجرا سافر بين قم ووهان في الصين.
في غضون 8 أيام من أول حالة وفاة تم الإبلاغ عنها في إيران، امتد المرض إلى 24 محافظة من مقاطعات البلاد البالغ عددها 31 مقاطعة، وتضاعف عدد الحالات يوميا تقريبا، وبدلا من إغلاق المواقع العامة، وهو إجراء اتخذه خبراء الصحة العامة في بلدان أخرى، دعا رئيس الضريح في مدينة قم الزائرين إلى مواصلة القدوم، وقال ممثل المرشد الأعلى الإيراني في قم محمد سعيدي، في مقطع فيديو «نعتبر هذا الضريح المقدس مكانا للشفاء، وهذا يعني أنه يجب على الناس القدوم إلى هنا للشفاء من الأمراض الروحية والجسدية». وتم الإبلاغ عن حالات تم إرجاعها إلى إيران في أذربيجان وأفغانستان والبحرين وكندا وجورجيا والعراق والكويت ولبنان وعمان وباكستان والإمارات العربية المتحدة، و تم ربط العديد من هذه الحالات على وجه التحديد بزيارات إلى قم.
تحرك متأخر
منذ بدء تفشي فيروس كورونا، أغلقت أكثر من 50 دولة، بما في ذلك الشركاء التجاريون الرئيسيون مثل أفغانستان والعراق وتركيا، حدودها أمام إيران، وفقا لـعدنان مزاري ، الخبير الاقتصادي في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي في واشنطن، والذي كتب «يمكن أن تتأثر منطقة الشرق الأوسط برمتها قريبا بدور إيران كمركز لهذه العدوى»، وأضاف «من المؤكد أن منطقة الشرق الأوسط ستتعرض لجولة جديدة من الضغط الهبوطي على أسعار النفط بسبب انخفاض الطلب على النفط من الصين وغيرها»، وتمثل الصين ربع إجمالي التجارة الإيرانية.
ومن المرجح أن تتأثر التجارة الداخلية عشية رأس السنة الفارسية «النوروز» بعد أيام، والذي يعد أكبر عطلة في إيران، ويشهد طقوسا عديدة منها شراء ملابس ولعب جديدة، والسفر إلى ساحل بحر قزوين أو أماكن العطلة الأخرى للاستراحة من الأزمات المتصاعدة في إيران.
تحركت الحكومة الإيرانية متأخرة للتأكد من انتشار العدوى، تم تطهير السيارات وإغلاق متاجر الوجبات الخفيفة، في أكثر من 12 محافظة، وتم إغلاق الأماكن العامة حرم الجامعات والمدارس والمراكز الثقافية، وتأجيل الأحداث التي تجذب جمهورا كبيرا، بما في ذلك ألعاب كرة القدم وعروض الأفلام، تم إلغاء صلاة الجمعة في المحافظات الأربع والعشرين التي ظهر فيها الفيروس، وإغلاق المدارس في جميع أنحاء إيران، وطهرت السخرية في وسائل التواصل الاجتماعي لشبان في الشارع يهزون أحذيتهم مع بعضهم البعض لتجنب مصافحة أحدهم.
أرقام مخفية
رغم إعلان نائب وزير الصحة الإيراني علي رضا أن 1501 من الإيرانيين ثبتت إصابتهم بالفيروس وتوفي نحو 66 حتى صباح أمس الأول، إلا أن الكثيرين في إيران يتحدون الأرقام التي أعلنتها الحكومة ويعتقدون أن العدوى قد انتشرت على نطاق أوسع، وأن عدد القتلى أكثر مما تقوله الحكومة، مع ظهور المزيد من الوفيات، ويؤكدون أن الأرقام التي أعلن عنها المسؤولون تقترب من النسب المسجلة بين الوفيات والإصابات في الصين.
في السابق، كان عدد القتلى في إيران أعلى بكثير مقارنة بالعدد الرسمي للحالات المصابة، حيث وصل إلى أكثر من 10%، يقول الدكتور عبدالرضا فاضل رئيس هيئة الصحة في مقاطعة جولستان إنه تم تشخيص 594 مريضا بفيروس كورونا في تلك المقاطعة وحدها.
ويؤكد غلام زاده إيمانبادي، وهو عضو في البرلمان الإيراني من رشت في شمال إيران، أن الوضع في دائرته الانتخابية «مقاطعة جيلان» حرج، وأن جميع المستشفيات في العاصمة الإقليمية مملوءة بمرضى فيروس كورونا.
الحكومة تمزح
وقالت إيمانبادي إن الأرقام التي نشرتها الحكومة «شيء يشبه المزحة»، وحث المشرع وسائل الإعلام على إيلاء المزيد من الاهتمام لجيلان، لأن الوضع هناك أكثر خطورة من مدينة قم التي يقال إنها نشأت فيها العدوى، وقال إن التطهير بدأ بعد عشرة أيام من اندلاع المرض وبعد نقل مئات الأشخاص إلى المستشفى، مشيرا إلى أن هناك نقصا خطيرا في المعدات في مستشفيات جيلان، وتعاني الكثير منها من الاكتظاظ، حيث أعلن مستشفى الرازي أنه لا يمكنه قبول المزيد من المرضى.
وقال النائب البرلماني إن المسؤولين لا يكشفون الحقيقة بشأن تفشي المرض، وإن عدد القتلى أعلى بكثير مما تقوله السلطات، وأضاف أن دفن أولئك الذين ماتوا بسبب فيروس كورونا قد حدث بطريقة غير صحية في القرى، وقال إنه لم يتم تسجيل أسباب الوفيات. وانتقد المسؤولين لعدم إخبارهم بالتهديد الخطير للصحة العامة، وقال إن نحو 700 ألف إيراني قد سافروا إلى جيلان من الأجزاء الأخرى من البلاد منذ اندلاع المرض، وهم معرضون للإصابة بالمرض.
أجواء حرب
اتجه الحرس الثوري الإيراني رسميا إلى موقع المواجهة مع فيروس كورونا، بعد يوم من إعلان الجيش الإيراني (أرتش) استعداده للانضمام إلى الحرب، وأفادت وكالة أنباء فارس المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني بإقامة مقر لقمع الفيروس القاتل، وخرج الحرس إلى شوارع طهران بسيارات مماثلة لشاحنات خراطيم المياه المضادة للشغب، استخدمها لإظهار قدرته على مواجهة الحرب الكيميائية خلال حرب استمرت 8 سنوات ضد صدام حسين بالعراق في الثمانينيات.
وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية شبه الرسمية أن الحرس الثوري وميليشيات الباسيج سيبقيان في الشوارع إلى أن يعود الوضع إلى طبيعته، وقد يكون هذا مؤشرا على خوف النظام من الاحتجاجات في المدن، حيث يزداد الوضع توترا وخطورة.
ويرى المحللون السياسيون أن هذه الخطوة محاولة من الحرس الثوري الإيراني لتصوير إدارة روحاني على أنها غير كفؤة، حيث تصرف الحرس بالمثل خلال الفيضانات التي اجتاحت إيران في أبريل 2019.
لماذا تعد إيران مكانا خطيرا لتفشي كورونا؟
وفقا لموقع فوكس، إذا طلب منك اختيار منطقة تستعد لتفشي المرض، فسيكون الشرق الأوسط اختيارا جيدا، حيث لم تؤد الحروب في اليمن وأفغانستان وسوريا إلى زعزعة استقرار الحكومات فحسب، بل أدت إلى فرار ملايين اللاجئين من ديارهم بحثا عن أراض أكثر أمانا، ولا تميل الحكومات في العديد من تلك الأماكن إلى أن تكون شفافة بشأن ما يجري.
وأضاف بيتر ديوت، مدير كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، لصحيفة نيويورك تايمز «أضف إلى ذلك الزيارات الدينية والعمال المهاجرين وغيرهم ممن يعبرون المنطقة كل يوم كلها ستساعد على تفشي الفيروس».
وتعد مدينة قم العاصمة الدينية لإيران، يبلغ سكانها حوالي مليون شخص، لكنها تستقبل أكثر من 20 مليون زائر سنويا، وحتى الآن لا تزال المدينة مفتوحة للمسافرين، وخاصة الزائرين الذين يهدفون إلى الأضرحة هناك، ولا تزال الحكومة الإيرانية لا تريد الاعتراف بأن المرض بدأ من هناك، حتى عندما قال برلماني يمثل قم إن 50 شخصا أصيبوا، كذبوه.
اللافت أن الأعضاء البارزين في المدينة مثل مدير الدراسات الطبية في جامعة قم الرئيسة يعانون من المرض، وهو في الحجر الصحي، ومن المرجح أن يزداد الوضع سوءا، ويقدر إسحاق بوجوخ، أستاذ وخبير الأمراض المعدية بجامعة تورنتو، أنه قد يكون هناك أكثر من 18000 حالة من حالات الإصابة بفيروس كورونا في إيران لم يتم اكتشافها بسبب انتشاره إلى الآخرين بسرعة كبيرة.
وباء من الحجم الكبير
الحالات الرسمية اقتربت من 2000 حالة إصابة مؤكدة، وأكثر من 70 حالة وفاة حتى أمس.
وفي تحليل مبكر نشر قبل أيام، قدر 6 من علماء الأوبئة الكنديين أنه من المحتمل أن يكون لدى إيران أكثر من 18 ألف حالة إصابة بفيروس كورونا، واستند نموذجهم الحسابي إلى حصيلة القتلى الرسمية في إيران، ومعدلات الوفيات الناجمة عن المرض في جميع أنحاء العالم، والانحرافات في البلدان الأخرى التي تم تتبعها إلى إيران، وبيانات الرحلة، وأنماط السفر، وذلك بحسب مقال بمجلة نيويوركر الأمريكية.
وخلص الباحثون إلى أنه «بالنظر إلى انخفاض حجم السفر الجوي إلى البلدان ذات الحالات المحددة التي لها منشأ في إيران (مثل كندا) ، فمن المحتمل أن تشهد إيران حاليا وباء كورونا ذي الحجم الكبير»، وبسبب هامش الخطأ الواسع، يمكن أن يصل عدد الحالات إلى 53 ألف حالة، وفي النهاية، استقر علماء الأوبئة الكنديون على 18300 حالة، بمعدل ثقة يبلغ 95%.
بؤرة العالم
أصبحت إيران، التي يبلغ عدد سكانها 83 مليون نسمة، واحدة من بؤر العالم من فيروس كورونا مع أعلى معدل وفيات في العالم، بناء على الأرقام الرسمية.
يتقلب معدل الوفيات في إيران يوميا، بين 8 و 18%، مقارنة بـ3% في الصين، وأقل في أي مكان آخر، وباتت إيران فريدة من نوعها، لأن عددا غير متناسب من الحالات المؤكدة هم من كبار المسؤولين الحكوميين.
قبل أيام، أعلنت مستشارة الرئيس الإيراني معصومة ابتكار أنها أصيبت أيضا بفيروس كورونا، بعدما حضرت قبلها بيوم واحد اجتماعا مع الرئيس حسن روحاني وحكومته، كما أصيب عضوان في البرلمان، بما في ذلك رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالعدوى، وكذلك رئيس بلدية طهران ورجل دين كبير كان سفيرا لإيران لدى الفاتيكان.