من خطب الجمعة

الجمعة - 14 فبراير 2020

Fri - 14 Feb 2020

من صلاة الجمعة بالمسجد الحرام            (مكة)
من صلاة الجمعة بالمسجد الحرام (مكة)
أهمية الصلاة

«إن الصلاة مجلبة للرزق، حافظة للصحة، دافعة للأذى، طاردة للأدواء، مقوية للقلب، مبيضة للوجه، مفرحة للنفس، مذهبة للكسل، منشطة للجوارح، ممدة للقوى، شارحة للصدر، مغذية للروح، منورة للقلب، حافظة للنعمة، دافعة للنقمة، جالبة للبركة، مبعدة من الشيطان، مقربة من الرحمن.

إنها الفريضة الأولى بعد الإيمان بالله ورسوله، فمن أقامها فقد أقبل على مولاه وحظي بالسعادة والقرب، ومن تركها فقد أعرض عن ربه ونال التعاسة والبعد، فهي صلة بين العبد وبين ربه، فإذا ‏تعطلت فقد انقطعت الصلة بينهما. إن معنى انقطاع صلة العبد بالله يعني دمار العبد وفساد أمره وضياعه وخسارته وخذلانه وفقده كل شيء وتعرضه للمهالك والمتالف والمثالب.

لصلاة هي أشرف العبادات البدنية ورأسها، وهي الأداة لاتصال هذا المخلوق الضعيف بمصدر القوة والرحمة والكمال، لا يعرف قيمتها إلا من أقامها وذاق حلاوتها ودنا من رضا مولاه، إذ لها لذة وأي لذة، وقد جعلت قرة عين النبي، صلى الله عليه وسلم، في الصلاة، وكان يقول: أرحنا بها يا بلال، وكان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، وهي مفزع كل منيب عند الشدائد، فالمكروب إذا صلى ذهب كربه، والمفزوع إذا صلى ذهب فزعه، والبعيد الهارب إذا صلى عاد الهدوء إلى قلبه، فهي من أعظم أسباب الاستقرار النفسي، وأما الذي لا يصلي فهو في شتات وتخبط وضياع، فلا فوز ولا فلاح ولا نجاة ولا ربح ولا توفيق ولا تيسير لمن لا يصلي، بل الخزي والدمار والخسار ‏والبوار والعار والشنار، ومن ضيع الصلاة عاد أثر ذلك على سلوكه وأخلاقه وسيرته، قال تعالى (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا)، وقال تعالى (وقال الله إني معكم لأن أقمتم الصلاة)، فإنها دلت على أن من لا يصلي لا يجد العون والنصر من الله.

كل الآيات والأحاديث والآثار الواردة في شأن الصلاة فيها دلالة واضحة على أهمية الصلاة في الإسلام، وتحذير من خطورة تركها، وتضييعها، والتهاون في أدائها، ومن تلك النصوص قوله تعالى (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين)، فدلت على أن الصلاة هي الفارق بين المسلمين وغيرهم، وقوله جل في علاه (فويل للمصلين، الذين هم عن صلاتهم ساهون)، وقد توعد الله الذين يصلون وهم ساهون عن صلاتهم، بمعنى أنهم يصلون ولكنهم يلهون عنها، يؤخرونها عن وقتها، يتشاغلون عنها، ‏فما ظنكم بمن لا يصلي.

الصلاة عدة الصابرين وذخيرة المتقين، وعلى المؤمن المحافظة على الصلاة ومراعاة أوقاتها وشروطها وأركانها وواجباتها وسننها، والمداومة على أدائها، لا يضيعها أبدا مهما كانت الأحوال والظروف كما نعت الله المصلين بقوله (والذين هم على صلواتهم يحافظون) وقوله (الذين هم على صلاتهم دائمون)».

فيصل غزاوي ـ إمام وخطيب المسجد الحرام

الصحة والمرض

«إن الله خلق الحياة وجعل الإنسان يتقلب فيها بين صحة ومرض وفرح وحزن، امتحانا منه لعباده، قال جل من قائل (تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير. الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور). المرض سنة من سنن الله في الحياة التي يصيب بها من يشاء من عباده، فهو العالم بكل الأمراض وأسبابها وكنهها ومنشأها، قال تعالى (إنا كل شيء خلقناه بقدر).

وفي الحديث عن ابن عباس قال: كنت ردف رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فالتفت إلي فقال (يا غلام، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، قد جف القلم بما هو كائن، فلو أن الخلق كلهم جميعا أرادوا أن ينفعوك بشيء لم يقضه الله لك، لم يقدروا عليه، أو أرادوا أن يضروك بشيء لم يقضه الله عليك، لم يقدروا عليه... واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا).

الله تعالى وحده الذي بيده تقدير المرض فمنه سبحانه الشفاء، قال الله تعالى حكاية عن إبراهيم (وإذا مرضت فهو يشفين)، وكل ذلك لحكمة أرادها الله عز وجل.

في فترة المرض يعرف قدر الصحة والعافية، والإنسان مهما ارتفع قدره وترسخ علمه معرض، فهو نال من صفوة الخلق، تقول عائشة رضي الله عنها (ما رأيت الوجع على أحد أشد منه على رسول الله، صلى الله عليه وسلم).

إن من رحمة الله تعالى أن جعل لكل مرض دواء، وجعل لكل داء سببا للشفاء، ففي الحديث عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال (ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء) ففيه ترغيب في تعلم الطب.

الترغيب في تعلم الطب مما حث عليه الإسلام وجعله من أشرف وأنبل العلوم، قال الإمام الشافعي، رحمه الله تعالى (إنما العلم علمان: علم الدين وعلم الدنيا. فالعلم الذي للدين هو الفقه والعلم الذي للدنيا هو الطب)».

عبدالباري الثبيتي ـ إمام وخطيب المسجد النبوي