طلال الشريف

إعادة تشكيل الهوية الوطنية في ضوء متطلبات رؤية 2030

الجمعة - 07 فبراير 2020

Fri - 07 Feb 2020

هاجس الحفاظ على الهوية الوطنية يشغل كل الأمم المتقدمة والنامية، خاصة في ظل مفاهيم العولمة وثورة المعلومات والاتصالات التي ألقت بظلالها على المكونات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية والأمنية، وفي ظل التجاذبات ما بين الحفاظ على الخصوصية وبين مطالب التطوير والتحديث باعتبار الهوية الوطنية متغيرا ديناميكيا يشهد ظواهر تحول مستمرة، إما في اتجاه الانكماش والتهميش، وإما في اتجاه الاتساع والانتشار، حتى وإن كان بعض مقوماته قابلا للثبات كالدين واللغة.

وفي تظاهرة علمية وعملية غير مسبوقة في تاريخ الجامعات السعودية، وبمؤتمر دولي نظمته جامعة شقراء الطموحة، وتحت شعار مستعدون للمستقبل ومشاركون في صناعته، تناول المؤتمر موضوع الهوية الوطنية في ضوء رؤية المملكة العربية السعودي 2030، لتحقيق ثلاثة أهداف، أولها تعزيز الهوية الوطنية وغرس قيم الانتماء والولاء وقيم الوسطية والتسامح، وثانيها دعم برنامج تعزيز الشخصية السعودية كأحد أهم برامج رؤيتنا الاستراتيجية 2030، وثالثها عرض بعض التجارب العالمية والرؤى الاستشرافية في مجال تعزيز الهوية الوطنية، شارك فيه 57 متحدثا من 28 جهة وطنية حكومية وخاصة، ومتحدثون من خارج المملكة، في أبعاد ذات علاقة مباشرة بتعزيز الهوية الوطنية، أبرزها: التأصيل الشرعي لمضامين الهوية الوطنية، وقيم الوسطية والتسامح والاعتدال، والتحديات المعاصرة التي تواجه الشخصية السعودية، والقيم الإيجابية التي ترسخ مفاهيمها، ومحورية التاريخ والتراث الوطني، ودور المؤسسات التربوية، خاصة الأسرة والإعلام والقطاعات الحكومية والخاصة والأهلية في تعزيزها.

والواقع أن تحديات الهوية الوطنية تتطلب منا ضرورة إعادة تشكيل الهوية الوطنية بما يتواكب مع المتغيرات، وفق وعي عميق بالتاريخ وتقدير واقعي للحاضر، وإدراك لما هو مطلوب في المستقبل، والعمل على تعزيز الهوية الوطنية كصيرورة تراكمية تفاعلية تعليمية تربوية إبداعية تأثرية، لتكون أكثر استعدادا للانفتاح على هويات أخرى في تفاعل وتواصل مستمر. وقد أفردت رؤية المملكة العربية السعودية 2030 إدراكا منها بتلك التحديات برنامجا لتعزيز الشخصية السعودية، يتضمن 15 هدفا مباشرا و10 أهداف غير مباشرة، يقوم البرنامج على تعزيز القيم الإسلامية التي ترسخ منهج الإسلام الوسطي المعتدل من خلال التركيز على تعميق قيم الولاء والانتماء الوطني والوسطية والتسامح والإتقان والانضباط والعدالة والمساواة والشفافية والعزيمة والمثابرة وحرية التعبير والتفاعل الإيجابي وتغليب المصالح العامة، كما يعزز البرنامج الخصائص الشخصية والنفسية التي تساعد على تحفيز الأفراد، وتقودهم نحو النجاح والتفاؤل لخلق جيل يتماشى مع توجهات المملكة العربية السعودية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وعلى قدر من الوعي للوقاية من كل المهددات الأمنية والاجتماعية والثقافية والإعلامية والدينية.

وعودة للمؤتمر الدولي للهوية الوطنية، فإننا في المملكة العربية السعودية لا نواجه ولله الحمد أزمة هوية، بقدر ما نحن بحاجة إلى تعزيزها لدعم التحولات النوعية للتطوير والتحديث في بلادنا، وذلك من خلال توعية جيل الشباب الذي يشكل الغالبية العظمى من المواطنين السعوديين بالقيمة العظمى لمقومات الهوية الوطنية وإبرازها لهم، وفي مقدمتها الاعتزاز بالدين الإسلامي والحضارة الإسلامية واللغة العربية، ومكانة بلادنا الدينية والجغرافية والتاريخية والاقتصادية والسياسية والأمنية، ومكانة قيادتنا الحكيمة، وإدراك الحقوق والواجبات التي تعزز قيم الانتماء والولاء الوطني، وبالتالي فقد فتح المؤتمر الدولي نافذة كبيرة للعمل على تحقيق أهداف برنامج رؤية 2030 الاستراتيجي، والمتعلق بتعزيز الشخصية السعودية من خلال تبني الجامعات بالذات وإدارات التعليم والقطاعات الحكومية والخاصة والأهلية لتوصيات المؤتمر ومستهدفات البرنامج الوطني من خلال خططهم وبرامجهم وأنشطتهم الدورية.

شكرا جامعة شقراء على هذا العمل الوطني الكبير، والأمل في أن يكون المؤتمر لبنة أساسية لجهود وطنية مشتركة في مجال تعزيز الهوية الوطنية.

@drAlshreefTalal