حياة محمد العلياني

تعزيز الأمن السيبراني ومواجهة التهديدات

الاثنين - 03 فبراير 2020

Mon - 03 Feb 2020

إذا سألنا أحد أبناء العصر الحديث، أو مجتمع متطور يعمل على تقدير أكثر استحقاقا لرفعة العلم والتطور بكل تقنياته، عن مواجهة التحديات بمعرفة صارمة ودقيقة، يجيب بأن هذا التلازم بين العلم والتقنية شهد تطورا كبيرا في عملية دمج التكنولوجيا في الحياة العلمية والعملية، وهي تكنولوجيا في غاية الأهمية مكنت الفرد من حفظ المعلومات ضمن أي نظام حاسوبي يحميها من أي خطر خارجي محتمل كالسرقة والاختراق، ومتابعة أوجه القصور التي تعاني منها برامج الحماية في بعض الأجهزة ووصول الجرائم الالكترونية إلى المحيط الذي يعيش داخل إطاره.

من هنا تأتي أهمية الأمن السيبراني، حيث يعمل المختصون على حماية الحواسيب المكتبية أو المحمولة من أي نوع من الهجمات والاختراقات والتهديدات التي تحدث عن طريق السيرفرات والحواسيب الأخرى وشبكة الانترنت بشكل عام، وتتحقق له الكفاءة القصوى للوصول إلى أعلى مستوى لحماية أمن أجهزة الحاسب من مسارات متعددة، حيث يشكل جزءا أساسيا من أي سياسة أمنية وطنية وأمان من الهجمات الخبيثة، فقد بات معلوما أن صناع القرار في العالم أصبحوا يصنفون مسائل الدفاع السيبراني كأولوية في سياساتهم الدفاعية الوطنية.

ما دمنا قد أسهبنا في الحديث عن هذه النقاط المهمة، نذكر أنه خلال فبراير تنطلق على مدى يومين في مدينة الرياض أعمال المنتدى الدولي للأمن السيبراني في دورته الأولى، والذي تنظمه الهيئة الوطنية للأمن السيبراني، انطلاقا من مهامها بوصفها الجهة المختصة في المملكة العربية السعودية، برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله.

وعندما نذكر الأهداف والمبادرات نجد أن المملكة قد حققت المركز 13 على مستوى العالم في المؤشر العالمي للأمن السيبراني GCI (Global Cybersecurity Index) لعام 2018، والذي يصدره الاتحاد الدولي للاتصالات التابع للأمم المتحدة، متقدمة 33 مرتبة عن تقييمها في الإصدار السابق للمؤشر عام 2016، وتحتل بذلك المرتبة الأولى على مستوى الدول العربية، مما يشير إلى اهتمام وطني كبير وإنجاز في فضاء سيبراني سعودي آمن وموثوق يمكن من النمو والازدهار لدعم تحقيق رؤية المملكة 2030.

وهو ما يدل على أن المنتدى هيأ آفاقا جديدة للتعاون الدولي في مجال الأمن السيبراني تصاغ من خلاله المبادرات الدولية وتبادل الخبرات والتجارب بين الدول في هذا المجال بالغ الأهمية، وهكذا تسلط الأضواء على الجهود المعززة للأمن السيبراني في المملكة بقيادة الهيئة الوطنية المتخصصة، وبالتعاون مع كل القطاعات، وبناء القدرات الوطنية، ونمو قطاع الأمن السيبراني في المملكة، وتشجيع الاستثمار والابتكار فيه، انطلاقا من هذه الترتيبات الدقيقة والمحددة لطبيعة المكانة الرفيعة للمملكة، ضمن سيرورة التفاعل التي تنظم العلاقات مع دول العالم داخل هذه المنظومة الضخمة من التقنيات.

تبعا لذلك نميز اليوم حضور نخبة من كبار المسؤولين في القطاعات الحكومية والخاصة من داخل المملكة وخارجها، إضافة لعدد من أبرز الأكاديميين وصناع القرار والمستثمرين وقيادات عدد من المنظمات الدولية الذين سيشاركون في فعاليات المنتدى، وعدد من المتحدثين والخبراء في المجال، لمناقشة عدد من المحاور الرئيسة المرتبطة بمواجهة التحديات والتهديدات والمخاطر السيبرانية.

هذه التخصصات والمباحث المعرفية رفعت مستوى التعاون الدولي في هذا المجال، وأوجدت الفرصا لمعالجة التحديات، وتعمل على تحفيز إطلاق المبادرات الوطنية والدولية لتعزيز هذا القطاع، وتأتي بالأهمية نفسها رئاسة المملكة لمجموعة العشرين لعام 2020، متوافقة مع ما تشهده المملكة من مشاريع استثمارية وتقنية ضخمة في ظل رؤية المملكة 2030، مما يفرض الأهمية المتزايدة للأمن السيبراني والتحولات الكبيرة التي تشهدها على المستوى العالمي، وهو ما أكدته كلمة الأمير محمد بن سلمان في قمة قادة المجموعة التي عقدت في أوساكا باليابان يونيو الماضي.