شاكر أبوطالب

الواشنطن بوست وتضليل الجمهور!

الاحد - 02 فبراير 2020

Sun - 02 Feb 2020

«لا نعرف بالتأكيد..»! بهذه العبارة بدأت صحيفة الواشنطن بوست افتتاحيتها اليومية في 27 يناير الماضي، بعد أيام متواصلة من الهجوم المستمر المبني على ادعاءات غير منطقية ضد الأمير محمد بن سلمان، في قضية اختراق الهاتف الخاص بمالك الصحيفة الملياردير جيف بيزوس!

ودون أي خجل أخلاقي أو مهني، اعترفت الصحيفة بأنه ليست لديها معلومات مؤكدة عن علاقة ولي العهد السعودي بمسألة اختراق جوال رئيس شركة أمازون. هذا الاعتراف المتأخر والمحدود مساحة وزمنا لا يقدم ولا يؤخر، خاصة أن الصحيفة جندت كتابها ومحرريها ومراسليها لإنتاج العشرات من المواد الصحفية المتنوعة بين مقالات وأخبار وتقارير وتحقيقات، تربط اسم الأمير محمد بن سلمان بقضية اختراق هاتف أثرى الأثرياء في العالم!

لم تكن الواشنطن بوست وحدها في هذه الحملة الإعلامية المغرضة الموجهة ضد شخص ولي العهد السعودي، بل هناك الجارديان البريطانية، والفاينينشال تايمز الأمريكية، وغيرها من الصحف التي انكشفت أولوياتها السياسية البعيدة كل البعد عن أخلاقيات الممارسة الإعلامية.

السقوط المهني للعديد من الصحف العريقة في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية يؤكد الحاجة إلى تقييم نقدي لكثير من وسائل الإعلام ووكالات الأنباء، التي تبث وتنشر كميات ضخمة من الأخبار والمعلومات، إلى فئات متنوعة من الجمهور غير القادر على تحليل الأخبار وتقييم المعلومات التي يتلقاها يوميا.

وتجاهلت تلك الصحف الهدف الرئيس للصحافة والإعلام في نقل الحقيقة والمعلومات للناس، خاصة مع ظهور التقنيات الجديدة للإعلام والاتصالات، حيث تضاعف انتشار وتأثير وسائل الإعلام التقليدية، وأتيحت المعلومات والأخبار على نطاق أوسع من أي وقت مضى، لتعزيز قيم الحرية والمسؤولية والشفافية والمساءلة، لذلك يلعب الصحفيون دورا محوريا في حراسة البوابة الإعلامية، للتحقق من مصداقية الأخبار وموثوقيتها، وخلق التوازن في تناول قضايا الرأي العام، لضمان مشاركة المعلومات الصحيحة مع الجمهور.

لذلك فإن العالم اليوم بحاجة ماسة إلى ضمان استقلالية التحرير والحرية المهنية في الصحافة ووسائل الإعلام، وهذه جزء أساس من المهام الموكلة للمحررين لاتخاذ قرارات تحريرية، دون تدخل من أصحاب وسائل الإعلام أو أي جهات فاعلة أخرى رسمية أو غير رسمية. ومن مؤشرات استقلالية التحرير في أي مؤسسة إعلامية حين ينشر محتوى إعلامي مخالف لرغبة المعلن أو مالك المؤسسة الإعلامية.

ولمواجهة تسييس المؤسسات الإعلامية والسيطرة عليها من قبل الملاك والمعلنين، يمكن اتخاذ عدد من التدابير على مستوى العالم، ومن ذلك إطلاق تصنيف مهني عالمي سنوي لوسائل الإعلام، يدعم محتوى إخباريا عادلا ودقيقا، ويعزز ممارسة إعلامية مستقلة وحرة.

يهدف هذا التصنيف الإعلامي المقترح إلى تحديد جدارة المؤسسات الإعلامية بثقة الجمهور، من خلال قياس أداء تلك المؤسسات وفق معايير محددة، تختص بقيم الموثوقية والمصداقية في نشر الأخبار، والتوازن في التغطية الإخبارية، والاستقلالية في اختيارات فريق التحرير وغيرها من القيم التي تضبط العمل الصحفي والإعلامي. ويختلف هذا التصنيف المقترح عن التقرير السنوي لمنظمة «مراسلون بلا حدود»، الذي خرج عن مساره وغايته، وبات التقرير أداة من أدوات السياسة، لممارسة الضغوط على بعض الحكومات والدول.

@shakerabutaleb