طلال الشريف

إلا إيقاف الخدمات العامة يا إدارة المرور

الخميس - 23 يناير 2020

Thu - 23 Jan 2020

لا يختلف اثنان على أهمية ودور المرور في حياتنا وما يشكله من قيمة في تنظيم الحركة المرورية وحماية السائقين ومستخدمي الطرق، وأحقية إدارة المرور في وضع الأنظمة التي تساعدها على النجاح في مهامها وتحديد نوع المخالفات المرورية وتقدير قيمتها المالية بشكل منطقي ومعقول ومقبول، وبحيث تأخذ في الاعتبار طبيعة عملها كجهة حكومية ملزمة بتقدم خدمة عامة للمواطنين بالدرجة الأولى، وكذلك طبيعة المواطنين السعوديين ومستوى دخلهم وتفاوته والتزاماتهم مع الجهات الحكومية الأخرى، وارتفاع التكاليف المعيشية في الوقت المعاصر.

وباستعراض تعديلات نظام المرور الصادرة عام 2018 يلمس المتابع صرامة النظام بشكل عجيب للغاية في مواده وعدد المخالفات وقيمة المخالفات، فالسائق محاصر بعدد (105) مخالفات مرورية متدرجة في ثمانية جداول، تبدأ قيمة المخالفات من (150) ريالا وتنتهي بمبلغ (10000) ريال. ونظام ساهر المروري وضع بهدف أساسي هو تعزيز جهود المرور وفي توفير السلامة المرورية والتقليل من نسبة الحوادث، وليس من أجل إرهاق المواطن المخالف مروريا، ومن حقنا على المرور تفهم ودراسة نبض الشارع السعودي على نظام ساهر، واحترام وتقدير تلك الملاحظات ومراجعة اللوائح المرورية بشكل دوري وفي حدود عام كحد أعلى.

وأهم الملاحظات على نظام ساهر انطباع المواطنين وحديثهم في المجالس بتحول النظام إلى نظام جباية وليس نظام حماية، من خلال تكثيف كاميرات ساهر المتنقلة والثابتة وجوالات رجال المرور الميدانيين وعربات المرور السرية، بهدف رصد المخالفات في كل مكان داخل المدن وخارجها، وحتى في الشوارع داخل الأحياء التي ليس فيها حتى معدل سرعة مكتوب، لاقتناص أي مخالفة أخرى غير السرعة في جدول المخالفات المخيف.

وأشد خطورة في نظام المرور المعدل ما ورد في الفقرة رقم (3) من المادة 75، وفي مضمونها أحقية المرور في إيقاف الخدمات العامة للمخالف إذا بلغت مخالفاته 20 ألف ريال ولم يسددها خلال ستة أشهر، وهذه الفقرة تحديدا جائرة في حق المواطن بالحصول على الخدمات العامة في أي من القطاعات الحكومية الأخرى، فكيف لجهة حكومية تقدم خدمة عامة أن تطلب إيقاف خدمات المواطن في جهات أخرى؟ وكأنها جهة حكومية ذات سيادة عليا على الجهات الحكومية الأخرى، وهل فكرت إدارة المرور في عدد المواطنين المخالفين مروريا الذين تجاوزت قيمة مخالفاتهم المرورية حد إيقاف الخدمات العامة؟ وهل راعت نوع المخالفين مروريا، فمنهم الطلاب ومنهم النساء حديثات العهد بقيادة السيارات وأنظمة المرور ومنهم كبير السن؟ وهل أخذت بالاعتبار ما يترتب على ذلك من إشغال المحاكم والقضاة بمثل هذا النوع من القضايا في ظل الأعباء الضخمة على جهازنا القضائي؟

الواجب أن تقتصر عقوبات المخالف مهما بلغت على إيقاف الخدمات في قطاع المرور كحد أعلى، كسحب رخصة المخالف لأنظمة المرور نهائيا وحرمانه القيادة أو منعه من امتلاك المركبات أو حتى توقيفه في المرور لو لزم الأمر، مع الأخذ في الاعتبار أن المتضرر من إيقاف الخدمات العامة ليس المخالف لنظام المرور حسب، بل من يعولهم من أهله وذويه.

والمرجو من إدارة المرور إعادة تقييم نظام ساهر من حيث قيمة المخالفات وهو الأهم، ومواقع كاميرات ساهر داخل المدن، وتكثيف اللوحات الإرشادية، وتغيير معدل السرعات على بعض الطرق الرئيسية الفسيحة داخل المدن وأطرافها القريبة، وتوجيه رجال المرور الميدانيين والمرور السري بروح النظام، فليس كل المخالفات المرورية مقصودة أو متعمدة، وإلغاء فقرة إيقاف الخدمات العامة على المواطنين من نظام المرور.

والاستفادة أيضا من تجربة الإمارات العربية المتحدة في تطبيق نظام ساهر وإجراءاتهم مع المخالفات المتراكمة على السائقين بما يعزز العلاقة بين الطرفين، ويسهم في التزام السائقين بأنظمة المرور طواعية، ويؤهلهم عبر الزمن للتقيد بكل الأنظمة المرورية. وكلنا أمل في وزير الداخلية الأمير المميز عبدالعزيز بن سعود في توجيه من يلزم حيال الملاحظات على نظام ساهر، تقديرا للمواطن والمقيم وامتدادا لنهج قيادتنا الحكيمة في الرفق بالمواطن وتخفيف الأعباء المالية من على كاهله.