فواز عزيز

حتى لا يغرقوا في الديون

الأربعاء - 22 يونيو 2016

Wed - 22 Jun 2016

كل الأنظمة التي تسن للحياة البشرية تأتي من مبدأ «إنساني» لكن إنسانا «ما» قد ينزع منها «المبدأ» ويطبقها بلا «إنسانية»..!

بعض الأنظمة «جميلة» وأهدافها نبيلة، لكن تطبيقها لا يعرف طريق النبل والإنسانية.. واللوم ليس على «النظام/‏ الجماد» بل على «المنفذ/‏ الإنسان»؛ لأنه يحاول التخلص من إنسانيته أثناء تطبيق النظام..!

على سبيل المثال: حين يسن قانون «إيقاف خدمات» المماطلين، فالهدف منه منح الناس حقوقهم، ووأد المماطلة في سداد الديون والحقوق، لكن تطبيق هذا النظام خلط بين «المماطلين» و»المعسرين» وجمعهم في «عقوبة واحدة» أكثر من يتضرر منها عوائلهم، وكأن الأسرة كانت شريكة في المماطلة أو هي المسؤولة عن سداد الدين..!

فرق كبير بين «المماطل» الذي لا يريد سداد ديونه، وبين «المعسر» الذي لا يستطيع سداد ديونه، الأول يستحق العقوبة، والثاني قد يضطره التهديد بـ«إيقاف الخدمات» إلى «الغرق» في ديون أخرى؛ لسد الديون الحالية، وليست هذه العقوبة – للمعسر- حلا بقدر ما هي «مدخل» لتعقيد الأمور أكثر..!

لا يمكن أن نطالب بإلغاء العقوبة، ولكن لا بد أن نطالب بـ»الإنسانية» في تطبيق العقوبة، والتفريق بين «المماطل» و«المعسر»..!

إذا كانت وزارة «الإسكان» استطاعت بسهولة حصر أملاك الناس من العقارات، حتى وصلت إلى أملاك زوجة المتقدم على «القرض»؛ لكي تحرمهم من حقهم في السكن، أقول إذا كانت وزارة الإسكان استطاعت ذلك؛ ألا تستطيع «المحكمة» أن تصل إلى القدرة المالية للشخص قبل إقرار عقوبة «إيقاف الخدمات» عليه، فإن كان يمتلك عقارات أو أراضي أو أملاكا ذات قيمة ولم يسدد ديونه فهو مماطل، وإن لم يكن له أملاك فمن أين يسدد الدين لكي لا توقف خدماته إن لم يكن بدين جديد..؟

وهنا نقطة أخرى تتلخص في سؤال، لماذا يعجز البعض عن السداد؟ والجواب: لأن كثيرا من المقرضين وأصحاب المال لا يعنيهم «السجل الائتماني» للمقترض، فالمقرض يمنح أي فرد «قرضا» ليس «حسنا» لأنه يبحث عن «الأرباح» دون التفكير والبحث في قدرته على السداد.. بل إن بعض المقرضين يضاعف فائدة القرض إذا شك بأن المقترض قد لا يستطيع سداد «الأقساط» كلها؛ لأنه يعتبر زيادة الفائدة هي أتعاب المطالبة بالحقوق في المحاكم لاحقا.