تفاصيل الحياة في مصر القديمة صارت مادة خصبة لكتاب الروايات وقصص الخوارق ومنتجي السينما

الخميس - 16 يناير 2020

Thu - 16 Jan 2020

الأقصر
الأقصر
يقول المؤرخون والآثاريون إن قدماء المصريين هم أول من كتبوا قصص الخوارق التي ابتكرها العظماء والوضعاء على حد سواء.

و ربما يدهش البعض حين يعلمون أن قدماء المصريين هم من كتبوا قصة الملاح الذى تحطمت سفينته في وسط البحر، وهي القصة التي تشبه في تفاصيلها قصة "سندباد"، وكتبوا حيل القائد "تحوتى" التي تذكرنا بلصوص علي بابا، ومغامرات "باتا" الذي اتخذ اسم ايفان وزوجته في الأغاني الشعبية الروسية.

وقد أثارت القصص والأساطير ذات العلاقة بملوك الفراعنة وآثارهم والحياة اليومية في مصر القديمة، خيال كثير من الكتاب خلال العقود، وربما القرون الماضية.

و من الطريف أن المومياوات الفرعونية التي أثارت خيال اللصوص أثارت خيال الكتاب أيضا.

فقد كان تحنيط أجساد الموتى أحد الأسرار التي تفردت بها مصر القديمة، وكان يبذل مجهود كبير لحفظ الأجسام التي غادرتها الأرواح لآلاف السنين، وداعبت حكايات المومياوات الفرعونية خيال كثير من كبار الكتاب في العالم.

وبحسب ما سجله لنا علماء المصريات جورج بوزنر وسيرج سونرون وجان يويوت وأ.أ . ادواردز و ف . ل . ليونيه، في كتابهم المشترك "معجم الحضارة المصرية القديمة"، والذي ترجمه المصري أمين سلامة، فقد كتب تيوفيل جوتييه حكاياته المدهشة عن مومياء الحسناء الجميلة "تاهوسر"، وأدهشنا ادجار آلان بقصصه المثيرة حول المومياوات التي تعود للحياة مجددا.

ولما كانت قاعات الآثار المصرية التي تنتشر في متاحف أوروبا والعالم هي أشهر القاعات وأكثرها ازدحاما وإقبالا من الزوار، فقد أوحى علم الآثار المصرية بمواضيع الكثير من الروايات والقصص المثيرة، وبدأت مفردات التاريخ المصري تغزو عالم السينما والقصص البوليسية.

وقد تألفت من خوارقها وقصصها السحرية مادة قصصية بديلة لقصص ألف ليلة وليلة.

كما كانت الأهرام المصرية القديمة ذات أثر عميق في خيال العالم كله، وخيال الكتاب بالطبع، وهو تأثر يفوق تأثير كل ما تركته جميع الآثار التي تركها لنا قدماء المصريين.

وهكذا وهبت مصر القديمة للحالمين أحلاما وآمالا، وأمدت العالم بموضوعات صارت مجالا خصبا للكتاب ولصناع السينما، بل وحتى للفنانين التشكيليين، أمثال الرسام الفرنسي الشهير جوجان الذي عاش في الفترة من عام 1848 وحتى عام 1903، وكانت معابد الفراعنة بمدينة الأقصر قبيل عقود مضت واحدة من أهم محطات الجذب لصناع ونجوم السينما بالعالم، وشهدت تصوير نجوم عالميين كبار مشاهد كثيرة من أفلاهم وسط آثار الأقصر، مثل النجم العالمي روجر مور، بطل أفلام جيمس بوند مع باربارا باخ، والنجم روبيرت تايلور والنجمة إلينور باركر.

ومن الأفلام المصرية الشهيرة التي صورت بين معابد الفراعنة في الأقصر، والتي ارتبطت بقصص وأساطير مصرية قديمة، أفلام: صراع في النيل وغرام في الكرنك والطوق والإسورة والمومياء.

وهكذا كانت مصر القديمة وأساطيرها مصدر إلهام للمبدعين على مر العصور، ولم لا تكون كذلك والفنون جميعا قد ولدت من رحم الطقوس والأساطير.

مؤلفات متنوعة

وكما ترك قدماء المصريين الكثير من الأساطير، فقد تركوا لنا مؤلفات أدبية متنوعة بجانب قصص الخوارق، وهي مؤلفات ونصوص تؤكد على مدى معرفتهم للأدب الحقيقي "كما يقول علماء المصريات".

وقد وجد الجزء الأكبر من تلك المؤلفات والنصوص مكتوبا بالمداد بخط دارج، وهو الخط الهيراطيقي، ومن بعده الخط الديموطيقي، ووصلتنا نصوص الأدب المصري القديم على أوراق البردي وقطع الأوستراكا، وهي قطع فخار وأحجار استخدمت في الكتابة، ومخطوطات وجدت هشة وبقيت بها بعض النصوص التي عرف من خلالها علماء المصريات أن قدماء المصريين عرفوا الكثير من فنون الأدب، مثل أدب الحكمة والقصص الخيالية والنصوص البلاغية وأشعار العشاق والنقد والتراجم والتراتيل والنصوص الجنائزية، كل ذلك كتب في لغة زخرفية رشيقة.

وأما نصوص الحكمة فقد عدت بحسب علماء المصريات من أقدم وأسمى أنواع الأدب في مصر فـ "يجب على القاضي أن يحمي الضعيف من ظلم القوي الظالم"، و"يجب على النبيل أن يمنح الخبز للجياع"، "راقب يدك واكبح جمح قلبك وصم شفتيك"، هذه المثل نقلتها لنا النصوص المصرية القديمة المنقوشة والمكتوبة على أوراق البردي وقطع لأوستراكا وجدران المقابر والمعابد.

وقد بني معظم الأدب المصري القديم على الأخلاق وتعليم الأخلاق، ويذكرنا كتاب السير والتراجم في مصر القديمة بالصفات الأجمل للشخص الميت، مثل تجنبه للمحرمات واحترامه للجار ولياقته الرياضية وعنايته الأبوية بعائلته.

لكن بعيدا عن أدب الحكمة والمثل والأخلاق، ينبغي أن نشير إلى ما رواه لنا عالم المصريات الدكتور منصور النوبي، العميد الأسبق لكلية الآثار في مدينة الأقصر بصعيد مصر، بأن الأدب المصري القديم من أقدم أنواع الأدب في العالم، وأن ذلك الأدب المصري القديم هو الأساس الذى اهتدت به الحركة الأدبية في بعض الأمم القديمة، وهو الذي غذى الأدبين العبري والإغريقي، وأعانهما على القيام بدورهما في الحياة الأدبية في الأزمنة القديمة.

وأشار إلى أن مصر هي أول بلد نشأت فيه القصة القصيرة، وأن من أشهر القصص التي عرفتها مصر القديمة هي قصص سنوهى والملك خوفو والسحرة والقروى الفصيح والساحر ددى يعيد الحياة ورحلة الكاهن ونامون إلى لبنان والأمير المسحور.