أمل السليم

كيف تبني قائدا؟

الأربعاء - 15 يناير 2020

Wed - 15 Jan 2020

«شعور طيب أن تفوز باللقب ولكن هذا اللقب إنجاز لفريق عمل كامل، فكل ما قمت به أنا، هو أنني جعلت الطائرة تطير في الهواء، ولكن لم أتمكن من عمل هذا دون فريق العمل الذي تعاون معي». هذه عبارة ذكرت في كتاب «تعلم القيادة» لبول بونهوم، أنجح طيار في تاريخ سباقات مشروب ريد بل،

والطيار الوحيد الذي فاز ببطولة العالم ثلاث مرات في أعوام (2009 و2010 و2015)، فوصول الفائزين إلى منصات التكريم عادة ما يبدأ بعبارات الشكر والامتنان للفريق والداعمين والمشجعين والقادة الذين كان لهم أثر قوي لتحقيق تلك النجاحات.

فلكي تكون أفضل قائد أنت بحاجة إلى فريق يشاركك العمل، ويواجه معك التحديات ويساندك ويحقق معك الرؤية المستقبلية والمكانة المأمولة للمنظمة.

لكن تذكر أنك قبل أن تصبح قائدا، كان النجاح قاصرا على تنمية قدراتك أنت فقط، أما عندما أصبحت قائدا، أصبح النجاح يشمل تنمية قدرات الآخرين. فلا نجاح لك بفريق ضعيف القدرات، محدود المعرفة والمهارة، قليل الخبرة، فالفريق الذي يمتلك أفضل اللاعبين يفوز عادة، ولعل ذلك يؤكد دور القائد

في ثلاثة مجالات كما ذكر جاك ويلش:

- التقويم: تأكد أن الموظف المناسب في الوظيفة المناسبة، وأن تدعم وتحفز الموظف المناسب وتستبعد غير المناسب.

- التدريب: توجه وترشد وتساعد الموظفين ليحسنوا أداءهم بكل السبل.

- وأخيرا، بناء الثقة بالنفس: إغداق عبارات التشجيع على العاملين والاهتمام بهم والاعتراف بمجهوداتهم. إن الثقة بالنفس تحفز موظفيك وتشجعهم على توسيع نطاق قدراتهم والمغامرة، وتحقيق ما يفوق أحلامهم (إنها وقود الفرق الفائزة).

فعملية تطوير الفريق مستمرة لا تنقطع كما شبهها ويلش بالبستاني، بحيث تتخيل نفسك بستانيا وفي إحدى يديك دلو ماء وفي الأخرى علبة بها مخصبات نباتية، ستضطر من حين إلى آخر لاقتلاع بعض النباتات الضارة، ولكنك معظم الوقت تغذي وترعى النباتات الأخرى، ثم شاهد كل شيء يزدهر، وكذلك الفريق بحاجة إلى رعاية مستمرة وتطوير مستدام لكي يتجاوز تطلعاتك.

فطنة القائد هنا مهمة وتلعب دورا رئيسا في التفريق بين النباتات الضارة والنافعة، فاحذر أن تربي وتنمي من لا يستحق وتقطع الرعاية عمن يستحق، فاختيار أعضاء الفريق مهارة صعبة تحتاج إلى فطنة وذكاء وخبرة قيادية، ففساد أي عضو في الفريق قد يتأثر به الجميع، وأنت لم توضع في منصب قائد لتحظى بحب الجميع، وإنما وضعت هنا لتقود، فاجعل من قيادتك عادلة منصفة حكيمة.

كل قائد حتى وصل لمنصات الفوز كان هناك من يسانده ويدعمه، فتعلم القيادة يتطلب مساعدة الآخرين كما ذكر كوزيس وبوسنر في كتابهما تعلم القيادة، حيث قال: لن تنجح كقائد إذا لم يكن هناك شخص يعلمك ويدربك كيف تحسن من نفسك ويساندك حين تفشل ويريحك حين تصطدم بالعوائق، فتعلمك القيادة يتطلب الدعم الاجتماعي الضروري للتطوير وتنمية القدرات. والأهم وفقا لدراسة منظمة جالوب على أكثر من 27 مليون موظف في العالم كله هو إيجاد شخص ما يهتم بتطويرك، فطلب المساعدة من الآخرين شيء طبيعي لكي تصبح في أفضل صورة يمكن أن يكون عليها القائد، فإذا كانت المساعدة غير متوفرة عليك أن تبادر بإيجادها.

عندما تطلب المساعدة من فريقك أو قائدك أو زميلك هذا لا يعني أنك تطلب منهم القيام بعملك، بل ترغب في تعلم مزيد من المهارات والحصول على الخبرات والتجارب المهنية.

محظوظ ذلك الموظف الذي تربى بين أكناف قيادة واعية تعهدته بالرعاية وسقته الاهتمام والدعم، وغذته بالخبرة والتجربة الكافية ليكون نبتة نافعة لنفسها ولمن حولها ولمجتمعها، فكثير من البذور الصالحة تنتظر ذلك العطاء فلا تبخلوا عليها بالسقاية والاهتمام، ونختم حديثنا بعبارة دائما يرددها القادة الأقوياء التي تعبر عن الامتنان لكل من له فضل في مسيرتهم وتقدمهم «لم يكن بإمكاني أن أحقق هذا الإنجاز دونكم».

@SleemAmal