حذامي محجوب

السقوط المدوّي للإخوان في تونس: الصفعة أم الضربة القاضية؟

السبت - 11 يناير 2020

Sat - 11 Jan 2020

بعد انتخابات تشريعية عجت بوعود وردية "بجنة أرضية" تضمن لناخبيها "جنة الخلد" فازت "حركة النهضة" في تونس المحسوبة على تنظيم الإخوان المسلمين رغم تأكيدها على انفصالها عن هذه الجماعة ورغم سعيها إلى "تونسة نفسها"، فازت بما يعادل ربع مقاعد مجلس النواب بالرغم من الوضع الاقتصادي المحلي المتردي والأوضاع الإقليمية والدولية.

وانطلقت الحركة في المشاورات لتشكيل حكومة الأقلية. وكانت كل الأحزاب السياسية في تونس تقريبا تعلم مسبقا بأنه لا انتظارات إيجابية مرجوة من أي حكومة ستتشكل برئاسة "حركة النهضة".

وقد كلف رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بعد أن ضمن رئاسة مجلس الشعب السيد الحبيب الجملي لتشكيل الحكومة فاصلا بذلك بين المسارين: المسار البرلماني ومسار تشكل الحكومة، وقد استقال على إثر هذا الاختيار الأمين العام للحركة السيد زياد لعذاري محذرا من خطورة توخي هذا المسار ومن هذا التغول الصارخ ومن عواقبه.

لكن يبدو أن السيد راشد الغنوشي قد سعى إلى مسك كل الخيوط من رئاسة حركة النهضة ورئاسة البرلمان إلى رئاسة الحكومة للسيطرة ربما فيما بعد على رئاسة الجمهورية.

ولم يفلح السيد الحبيب الجملي لمدة شهرين في رسم ملامح الحكومة ولا حتى تخطيط برنامج لها، وكان مفاوضا سيئا وارتكب أخطاء اتصالية فادحة، وكان هذا نتيجة فقدانه للكاريزما والتجربة السياسية، اضافة إلى فراغ رصيده النضالي، فلا هو بالكفاءة ولاهو بالسياسي...وقد فقد مصداقيته قبل أن يكون مشروع رئيس حكومة، اذ قدم نفسه على أنه مستقل وأخفى تحزبه وولاءه لمن عينه...كما أن ولي نعمته السيد راشد الغنوشي لم يسهل عليه الأمور اذ رسم له مساحة لاختياراته في الاتصال والمفاوضات محكومة بتوصياته أو قل بتعليماته.

وقد كان زعيم حركة النهضة خلال هذه المفاوضات هو الحاكم بأمره يستقبل ويفاوض ويناور طبقا لتوجهاته وولاءاته المعلنة والمضمرة.ويذهب السيد حبيب الجملي إلى البرلمان بحكومة هشة تحت عنوان حكومة "المستقلين" و"الكفاءات" طامحا لنيل توافق حولها، لكنها سقطت سقوطا مدويا ويتم رفضها من قبل أغلبية مريحة تمثل معظم الكتل البرلمانية.

فهل سيكون هذا منعرجا خطيرا في تاريخ حركة النهضة، خاصة وأن هذه الحكومة هي الأولى التي يتم رفضها تحت قبة البرلمان منذ الثورة؟ وهل ستجتمع الكتل في البرلمان لتسحب الثقة من رئيس البرلمان؟

يبدو أن حركة النهضة في تونس قد استقوت بضعف الأحزاب الأخرى وتشتتها، فماذا سيقع بعد تكتل هذه الأحزاب؟ هل سيقع سحب البساط من تحت رجلي حركة النهضة قريبا لتعاد ترتيب الأوراق خاصة في ظل الأوضاع الإقليمية على الحدود؟

ما هو سبب زيارة راشد الغنوشي لإردوغان في تركيا في اليوم التالي من سقوط الحكومة؟ لماذا هذه العجلة في هذه الزيارة؟ خاصة وأنه يخلط بين صفته كرئيس حزب وصفته كرئيس برلمان؟

يبدو أن النواب سيعملون على مساءلة رئيس البرلمان عن سبب زيارة تركيا و مقابلة إردغان، وسحب الثقة منه بعد أن أثارت هذه الزيارة غضب العديد من التونسيين وذكرتهم في حكم البايات التابعين للسلطنة العثمانية، فالتاريخ لا يعيد نفسه إلا على سبيل المهزلة.