جبريل العريشي

الارتباط بين التنمية المستدامة ومجتمع المعلومات

الاحد - 29 ديسمبر 2019

Sun - 29 Dec 2019

المعلومات هي أبرز تجليات المجتمع الرقمي، ولها دور حاسم في تحقيق التنمية المستدامة، فهي الركيزة التي تستخدم لحل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تحول دون تحقق الاستدامة في مسارات التنمية، وهي الأساس الذي تقوم عليه عمليات صنع القرارات، والقاعدة التي ينطلق منها لابتكار طرق جديدة للإنتاج ودورات جديدة للعمل، كما أنها هي الوسيلة التي يتم بها تنظيم التعاون.

من هنا، تبرز أهمية تطوير المعلومات المستدامة التي ترتكز عليها محاور التنمية المستدامة، بحيث تكون مواكبة لها، بما يعني عدم وجود ثغرات أو إخفاقات بين المتطلبات المعلوماتية للتنمية المستدامة وبين المعلومات المتاحة بالفعل. وذلك يتطلب التخلص من حالة «نقص الارتباط» بين استراتيجيات بناء المجتمع المستدام من ناحية، وبين استراتيجيات بناء مجتمع المعلومات من ناحية أخرى. فمن الملاحظ أن هناك دائما، حتى على مستوى الأمم المتحدة، نقصا في الرؤية التي تحقق هذا الارتباط، ويجري دائما الكلام عن استراتيجية بناء مجتمع للمعلومات، واستراتيجية أخرى لتحقيق التنمية المستدامة، وكأنه لا توجد علاقة بينهما. ويظهر ذلك في الممارسات التي تقوم بها الجهات الفاعلة في المجتمع بشكل منهجي.

ويؤدي الفصل بين هذين المنظورين: المجتمع المستدام ومجتمع المعلومات، إلى التقليل من الآثار الإيجابية لزيادة الإنتاجية المعلوماتية على رفاهية المواطنين، كما يؤدي إلى آثار سلبية على كليهما. فالمعلوماتية تمثل إطارا لكل القطاعات الاقتصادية الحيوية التي تنخرط في نهج التنمية المستدامة. والتي ينبغي أن تتضمن سبلا لتدوير رأس المال المتراكم في قطاعات الاقتصاد الحيوية التي تعتمد على المعلوماتية بحيث يستخدم في تحسين الظروف الاجتماعية لكل المواطنين، وليس لفئة دون أخرى، وهو جوهر التنمية الاجتماعية وأحد جوانب الاستدامة فيها.

يذكر أن الفساد البيروقراطي المستشري في بعض الدول، خاصة تلك التي تنتمي للعالم الثالث، يستهلك قدرا كبيرا من عائدات النمو الاقتصادي، مما يؤدي إلى تقويض ثقة المواطنين في جدوى المعلوماتية، ويفسد الآمال المتعلقة بها لتحقيق الرفاهية للبشر.

وثمة من يرى أن التنمية الاقتصادية ترتبط - في أي تعريف لها - بالقدرة على إعادة هيكلة الاقتصاد والمؤسسات بحيث تكون قادرة على العمل في إطار معطيات مجتمع المعلوماتية. أي إن هناك علاقة بين المعلوماتية من جانب وبين الإنتاجية والقدرة التنافسية للبلدان والمؤسسات التجارية من جانب آخر. وهذه العلاقة لا توجد إلا في سياق العمل البشري النوعي الذي يتسم بالمهارة والإتقان، والذي يعتمد على التعليم الذي يندرج بدوره تحت نهج التنمية الاجتماعية. وهكذا نجد الترابط حاضرا بين التنمية المستدامة، بمجاليها الاقتصادي والاجتماعي، وبين مجتمع المعلومات.

إن الفهم المستنير للتنمية المستدامة يخلق هذا النوع من الارتباط الذي يدمج مجالات التنمية المستدامة مع جميع أنواع ممارسات مجتمع المعلومات، بحيث تكون متوافقة معها بصورة دائمة.

[email protected]