رائحة طهران الكريهة تعري نظام روحاني

السكان يبحثون عن الدفء عبر المازوت وبلادهم تصدر الغاز الطبيعي
السكان يبحثون عن الدفء عبر المازوت وبلادهم تصدر الغاز الطبيعي

الأربعاء - 25 ديسمبر 2019

Wed - 25 Dec 2019

تسبب كشف مصدر الرائحة الكريهة التي عانت منها العاصمة الإيرانية طهران طوال الشهور الماضية في تعرية نظام الرئيس حسن روحاني وكشف أكاذيبه المتواصلة.

وتبين أن الرائحة مصدرها حرق المازوت غير المعياري عالي الكثافة بالكبريت بحثا عن الدفء في الشتاء، فيما تتباهى الحكومة الإيرانية بتصدير الغاز الطبيعي خلال الشتاء، بحسب موقع راديو فرادا.

وذكر الموقع أن الرائحة الكريهة المنتشرة في أجزاء من طهران، والتي استدعت توجيه أصابع الاتهام إلى مصادر مختلفة محتملة، سببها حرق الوقود منخفض الجودة. وأكد رئيس قسم البيئة في شهر راي أن استخدام المازوت في مصنع الاسمنت بالمدينة قد تم حظره.

محطة الرائحة الكريهة

تم إنشاء محطة شهر حر لتوليد الطاقة الحرارية، والتي حددت على أنها السبب الرئيس والمسؤول عن الرائحة الكريهة التي انتشرت بطهران، في عام 1977، قبل عامين من الثورة التي أطاحت بالشاه محمد رضا بهلوي، وفي ذلك الوقت أنتجت المحطة ربع الكهرباء اللازمة في إيران.

أصبحت قديمة ومتدهورة لدرجة أنها فقدت نصف طاقتها حاليا، وانخفضت سعتها إلى ما يقرب من 600 إلى 700 ميجاوات، ولم يتم نشر أي تقارير بخصوص الوقود الحالي المستخدم في المحطة.

تمتلك إيران حاليا رابع أكبر احتياطات مثبتة من النفط الخام في العالم، وتشترك في حقل ضخم للغاز البحري في الخليج العربي مع قطر.

الفخر الكاذب

في 8 ديسمبر أعلن الرئيس حسن روحاني بفخر أن البلاد أصبحت مكتفية ذاتيا من الغاز الطبيعي والبنزين والديزل، وبدأت في تصدير المنتجات الثلاثة.

وقال قبل تقديم الميزانية المالية التي تبدأ في مارس 2020 «في الماضي كان يتعين تعليق صادراتنا من الغاز في أشهر الشتاء، اليوم تستمر على الرغم من فصول الشتاء الباردة».

قد يكون صحيحا أن إيران تصدر بعض الغاز الطبيعي، لكن هذا ليس بسبب وجود وفرة، بل لأنها تحتاج إلى كسب المال وإجبار الصناعات المحلية على استخدام المازوت.

ما هو المازوت؟

زيت وقود ثقيل منخفض الجودة يستخدم عادة في المصانع الصناعية الثقيلة والسفن، وفي الغرب يتم تقسيم المازوت وتحويله إلى ديزل، ولكن في إيران بسبب ارتفاع حجم الاستهلاك المحلي للغاز الطبيعي خلال الأشهر الباردة من العام، توقفت شركة الغاز الطبيعي عن تزويد عملائها الصناعيين بالمنتج، ولذلك استخدام مالكو المنشآت الصناعية المازوت بدلا من الغاز الطبيعي، وهو ما يؤدي إلى تلوث الهواء.

تناقض إيراني

يبلغ مستوى كثافة الكبريت في المازوت المنتج في إيران ما يقرب من 3.5%، وهو ما يزيد سبعة أضعاف عن المعايير الدولية للسفن في أعالي البحار، ويحظر استخدامه بشكل صارم في المناطق الحضرية، خاصة في مدن مثل طهران التي تكافح مع تلوث الهواء.

ويأتي الكشف في وقت تباهى فيه المسؤولون أنفسهم مرارا وتكرارا «بالاكتفاء الذاتي المطلق» للبلاد في استهلاك الغاز الطبيعي، فيما اعترفت السلطات أخيرا بوقف تدفق الغاز الطبيعي للمنشآت

الصناعية.

قصة المازوت

المازوت هي كلمة روسية، وتعني بقايا سائلة لزجة من تقطير النفط الخام الذي يستخدم بشكل رئيس كزيت وقود.

يتم تصدير النفط المكرر على شكل كيروسين أو بترول، واستخدام الأثقل (المازوت) كوقود.

ونظرا لأن المصافي الإيرانية قديمة جدا ومحرومة من التقنيات الحديثة، تحول 24% من النفط الخام إلى مازوت، مقارنة بالبنزين والديزل منخفضة القيمة،

علاوة على ذلك، فإن كثافة الكبريت في المازوت مرتفعة بشكل استثنائي.

في بعض المصافي الإيرانية، يكون حجم المازوت لكل النفط الخام المكرر أعلى بكثير، فعلى سبيل المثال يتحول 41% من النفط الخام الذي تغذى به مصفاة مدينة كرمانشاه إلى مازوت، وبالتالي فإن قيمة منتجاتها أقل من الخام الذي تتلقاه، أي إنها عبارة عن مجمع خاسر واضح.

بناء على البيانات التي قدمها مركز أبحاث البرلمان، فإن سبع من كل عشر مصاف في إيران متداعية، وتتجاوز مدة خدمتها.

التخلص من المازوت

في العام الماضي، صدرت إيران ما يقرب من 60% من المازوت المنتج في البلاد، واستخدمت ما يقرب من 7% منه لتخزين الوقود، ويتم تصدير الجزء الأكبر لتزويد السفن المحلية والأجنبية بالوقود.

وفقا للبيانات الدولية، على عكس صادرات النفط الخام، لم ينخفض ​​حجم المنتجات البترولية المصدرة لإيران بشكل كبير بموجب العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران.

ومع ذلك، فإن المشكلة هي أنه بناء على لوائح المنظمة البحرية الدولية (IMO)، يجب أن تكون كثافة الكبريت في وقود السفينة أقل من 0.5%، بينما تبلغ 3.5% في المازوت المنتج في إيران.

وأفاد مركز الأبحاث التابع للجمعية التشريعية أخيرا بأن إيران ليس لديها خيار آخر سوى بيع المازوت، ووقف عملياتها الخاصة بالوقود، وأن تعمل المصافي الحديثة على تقليل حجم الكبريت إلى المستوى المطلوب للتخزين، ومثل هذا التطور يعني أن صناعة تموين السفن في إيران قد تنهار تماما.

علاوة على ذلك، إذا قررت الولايات المتحدة فرض عقوبات على المازوت الإيراني، فلن يكون أمام إيران خيار آخر سوى استهلاك المازوت في مجمعاتها الصناعية المحلية.